العدد 1945 - الأربعاء 02 يناير 2008م الموافق 23 ذي الحجة 1428هـ

لا داعـي للشـك

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

حب الوطن من الايمان عبارة راسخة لا رهان عليها، فلا نستحق من أي كائن ما كان أن يظل هكذا مشككا في ولائنا ووطنيتنا، فلا داعي أصلا للشك، فالولاء للوطن جزء من ايماننا العميق، ولا يمكن بأي حال من الأحوال تجزئة الايمان لأنه لا يجزأ أصلا، كما أن حب الوطن من الإيمان، فلا يمكن المساومة على حب وطننا الأم مهما كان الموقف ومهما كان الثمن، ومهما كانت التضحيات، فلا داع للايثارات السياسية والاعلامية الرائجة التي يروج لها اصحاب الفتن والمشاريع الطائفية والذين لا يريدون الخير للبحرين ولا ينشدون الأمن والاستقرار لها.

فمن خلال متابعة الأحداث السياسية التي تحدث في البلد يتضح أن هناك من يحاول أن يروج لإحداث إرباكات لا معنى لها، من خلال وقوفهم الاحمق في المواقف الوطنية العصيبة، لا بهدف صب الماء على النار عندما تندلع لإخمادها، بل يلجأون بحماقتهم إلى صب الجاز عليها بهدف زيادة إشعالها، وعلى الوطنيين المخلصين الذين يهمهم الوطن ويحبون الخير له، أن يلعبوا دور سيارات الإطفاء التي تحاول اخماد نار الفتنة كلما شبت.

عجبي لهؤلاء حيث نرى بأن الأمر يختلف كل الاختلاف لديهم عندما نجدهم أمام القضايا الكبرى فغالبا ما نراهم يقفون يتفرجون على المصيبة ويلطمون على رؤسهم وكأن الأمر لا يعينهم في شيء، ففي كل مرة يتم افتعال فيها قصص وأحداث تمثل في حقيقتها بالونات اختبار لامتحان مدى ولائنا وحبنا لأوطاننا، نجد بأن النتيجة نجاح الممتحن في الاختبار وفشل الفتانين الواشين، ولكن هناك على الدوام من يكون على قارعة الطريق يكون دوره منحصرا في التبرير عنهم بلا هوادة، وتبقى القضية عائمة غير محسومة وكل من يعبأ من حوله، وعلى المحلل الذكي أن يضع النقاط على الحروف وعلى المتابع المهتم أن يستقي معلوماته من مصادر موضوعية غير ملوثة بداء التحزب، في حين غير الناضج وغير الواعي وغير المطلع يقبل بما هو جاهز ومعلب ويصدر للخارج بلا دراية وهذا أخطر مما هو موجود.

فلا يلام على سبيل المثال من هو في الخارج عندما يصدق كل ما ينقله الاعلام فالاعلام يبحث له عن مواد دسمة يروج لها وينقلها بحثا عن التميز، ويريد في النهاية قراء ومتابعين متحمسين يقرأون ويتابعون موادهم الإعلامية، والرأي العام كما هو معروف أعمى ويحتاج إلى من يرشده إلى الحقيقية، والحقيقة دائما تكون مرة الطعم، وتحتاج لجهود تسويقية لضمان تقبل الطرف الآخر لها. من خلال تجاربنا ومن خلال متابعاتنا توصلنا للحقيقة التالية:

سنظل نضحك على أداء بعض النواب الذين يقفزون ويوثبون مع كل الفزعات بتنا نعرفهم جيدا ونعرف مواقفهم قبل التصريح عنها بل ونتوقع تصريحاتهم النارية المضحة التي تصلح أكثر لسنياريو مسرحية كوميدية، ونتوقع منهم أكثر بعد المران المستمر، فهم بعد اليوم أصبحوا أبطال المسرحيات الكوميدية الشهيرة، فهم لا يثمنون كلامهم أبدا، ولا يعطون أنفسهم فرصة للوقوف على الحدث وكل ما يقولونه تصريحات جاهزة ومعلبة صالحة للاستخدام الإعلامي لا تنتهي صلاحياتها أبدا، بل تتجدد الصلاحية تلقائيا يوما بعد يوم، كلما شحنوا أنفسهم.

فعلى سبيل المثال لا الحصر يظنون ظن السوء من سوء العلاقة الإيرانية الأميركية بأنه فيما لو ضربت أميركا ايران فإن الشيعة في البحرين سيلتفون حول ايران وبالتالي يتزعزع الحكم في البحرين، وأن إيران لو حاولت ضرب البحرين فإن الشيعة سيقفون إلى جانب إيران ظن السوء للمشككين الذين لا يعرفون غير الشك والظن السوء والذين يريدون يحرقون البلد بحقدهم عليهم أن يعرفوا بأن كل ما يدور في خلدهم خزعبلات لا صحة لها وكلام لا معنى له، وغير صحيح ألبتة، فولاء الشيعة لبلدهم البحرين أكبر من أن يراهن عليه، حتى وأن كانوا يحبون إيران إلا أنهم يرغبون في أن تكون بلدهم مستقلة ومستقرة على كل الأصعدة، وأنه لو حصل ذلك سيقفون صفا واحدا لمواجهة العدو مهما يكن وان كانت ايران من أجل استرداد الحقوق والدفاع عن الوطن لا سبيل لا إلى اللف ولا الدوران لا نرضى الا بالبحرين بلدا لنا فولاؤنا لأوطاننا ولتراب الوطن شيء أصيل لا يمكن أن يتبدل أبدا مهما كانت الظروف والأحوال.

حبنا لبلدنا نجده بصورة أكبر كلما ابتعدنا عنه، فعندما نسافر بعيدا عن بحريننا الغالية ونفكر خارج الصندوق نجد أنفسنا نحبها بصورة أكبر مما كنا نظن أو نتصور، فلا داع أن نتهم في ولائنا لأوطاننا، وللمشككين كلما اتهمنا في ولائنا لبلدنا نشعر بحب أكبر له فشكرا لهؤلاء «الفتانون» الذين يضعوننا دائما على المحك، وشكرا مرة أخرى لأنهم يتيحون لنا الفرص لاختبار مشاعرنا اولا واختبار وطنيتهم ثانيا، فالوطن لا يريد منا أن نكون أبطال فتنة، ونلقي به على قارعة الطريق، ولكنه يريد منا أن نحبه وأن نحب الخير له، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال أهداف وطنية واسعة ناصعة فلا داع أصلا للشك فالحقيقة كالشمس لا يمكن حجبها ولكنها تحتاج إلى من يؤمن بها ومقتنع به، فلا يزال البعض إلى الآن يرى بأن الشمس أصلا مصدر إزعاج له خصوصا في فترات ارتفاع الحرارة على رغم فائدتها العلمية الكبيرة، فلا نزال بحاجة ماسة إلى البحث عن الحقيقية وبتنا بحاجة فعلا إلى ثورة في معالجة المفاهيم الوطنية من أجل خير الوطن وأمنه واستقراره ومتيقينة بأن ليس الحل يكمن في الشكاك.

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1945 - الأربعاء 02 يناير 2008م الموافق 23 ذي الحجة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً