يبدأ العام 2008 في وضع اقتصادي قاتم مع أزمة مالية لا تنتهي وتخوف من انكماش اقتصادي في الولايات المتحدة وارتفاع معدل التضخم عموما فيما يسود التشاؤم على ضفتي الأطلسي.
ففي منطقة اليورو تدهورت ثقة الشركات والمستهلكين في ديسمبر/ كانون الأول إلى أدنى مستوياتها منذ 21 شهرا، على رغم انخفاض معدل البطالة، وتراجعت معنويات الأسر الفرنسية للشهر الخامس على التوالي.
كذلك الأمر في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة فقد تراجعت ثقة الأسر والشركات على حد سواء.
وكل هذا لأن الأخبار السيئة تتراكم. فالبنك الدولي أعلن (الثلثاء) الماضي أنه يتوقع تباطؤا قويا للنمو العالمي ليبلغ هذه السنة 3،3 في المئة، مقابل نحو 5 في المئة متوقعة للعام 2007، ولا يستبعد حصول انكماش في الولايات المتحدة.
وهذه التوقعات تحظى بتأييد واسع. وقال الخبير الاقتصادي لدى «يو بي أس» ستيفان ديو: «سنشهد تباطؤ اقتصاديا كبيرا في الولايات المتحدة وفي منطقة اليورو والمملكة المتحدة، سيكون الأكبر منذ 2001-2002».
وحتى الحكام يسلمون بهذا الأمر. فقد حذر وزير الخزينة الأميركية هنري بولسون (الاثنين) الماضي من أنه «سيكون لدينا على الأرجح مؤشرات جديدة إلى نمو أبطأ في الأسابيع والأشهر المقبلة».
وفي أوروبا لا يبدو الوضع أفضل. فالعام 2008 سيكون «من أصعب السنوات بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي» في المجال الاقتصادي، «أصعب من 2007» في كل الأحوال كما نبهت الرئاسة السلوفينية للاتحاد الأوروبي الثلثاء.
ومنذ الثاني من يناير/ كانون الثاني بلغ سعر برميل النفط عتبة 100 دولار للمرة الأولى ما ينبئ بارتفاع ثمن الوقود لفترة طويلة. وأدت زيادة أسعار النفط وكذلك أسعار المواد الغذائية إلى عودة ارتفاع التضخم بشكل معمم: ففي الولايات المتحدة بلغ ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية 3،4 في المئة في نوفمبر/ تشرين الثاني وفي منطقة اليورو 1،3 في المئة في ديسمبر على مدى عام، وهي أعلى نسبة منذ 6 أعوام.
وفي هذا الصدد قال الخبير الاقتصادي لدى مصرف الاعتماد الزراعي «كريدي اغريكول» فريدريك دوكروزيه: «كنا نسينا وجود التضخم خصوصا مع قيام المصرف المركزي الأوروبي بعمله بشكل جيد منذ أربع أعوام، فيما كان هناك أصلا ارتفاع في أسعار المواد الأولية».
ورأى أن التضخم يفسر أكثر من الأزمة المالية، تراجع معنويات الأسر لأن ذلك «ينعكس بسرعة أكبر على أموالها».
وفي موازاة ذلك لا تبدو في الأفق أي نهاية لازمة سوق التسليف التي تقوم فيها المصارف باقتراض أموال فيما بينها.
وفي هذا السياق قال فريدريك دوكروزيه: «لم نشهد أبدا من قبل أزمة مالية تطول أكثر من أربعة أشهر، وهذه المدة تشكل خطرا كبيرا على المصارف» مع انعكاسات محتملة على كل النشاط الاقتصادي.
وهذه الأجواء القاتمة تشمل أيضا الأسواق المالية أو البورصات التي تراجعت عموما قياسا إلى نهاية العام 2007. وخسرت باريس ولندن 9،2 في المئة منذ الثاني من يناير وفرانكفورت أكثر من 4،3 في المئة وول ستريت 5،4 في المئة. لكن دوكروزيه حرص على التقليل من التشاؤم السائد بقوله: «لا نعتقد أنه سيكون هناك انكماش أميركي، ما يجعلنا نعول أيضا على صمود متين في منطقة اليورو».
غير أن ستيفان ديو لفت مع ذلك إلى أن خطر حصول انكماش اقتصادي في الولايات المتحدة يقدر بنحو 40 في المئة كما لا يتوقع سوى نمو بنسبة 6،1 في المئة في منطقة اليورو في 2008، مقابل 5،2 في المئة في 2007.
أما التضخم فيتوقع برأيه أن يخف نحو منتصف العام 2008، وخصوصا مع ارتفاع اقل لأسعار النفط، لكنه يشكل كما خلص هذا الخبير، «خطرا كبيرا على القوة الشرائية، وهو دافع آخر لتوخي الحذر، لئلا نقول التشاؤم، في الأشهر المقبلة».
تونس تمنح رخصا للتنقيب عن النفط
منحت تونس أمس الأول (السبت) رخصة «الكاف» للتنقيب عن النفط إلى شركتين فرنسية وأسترالية.
وأشرف وزير الصناعة والطاقة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة التونسي عفيف شلبي أمس الأول على حفل توقيع اتفاقية متعلقة بإسناد رخصة للتنقيب عن المحروقات تسمى رخصة «الكاف».
وأسندت هذه الرخصة لفائدة مؤسسة «بريمول» التابعة إلى الشركة الفرنسية «سوبروديس» والمؤسسة الاسترالية «اويل سيرتيش تونس المحدودة» بالتعاون مع الشركة التونسية للأنشطة البترولية.
ووقع هذه الاتفاقية وزير الصناعة والطاقة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة ممثلا للدولة التونسية من ناحية والرئيس المدير العام لشركة «بريمول» جون بيار مانزوني ومدير تنمية الأعمال بمؤسسة «أويل سيرتيش المحدودة» اندرو لوكان والرئيس والمدير العام للشركة التونسية للأنشطة البترولية خالد بالشيخ من ناحية أخرى.
وتغطي رخصة «الكاف» التي تعد أول رخصة للتنقيب عن النفط تسند العام 2008 مساحة 2836 كيلو مترا مربعا وتمتد على ولايتي الكاف وجندوبة شمال غرب تونس.
ويتضمن برنامج الأشغال خلال المدة الأولى المحددة بأربع سنوات انجاز حملة لدراسة موجات الأرض وبئرا استكشافية باستثمارات تقدر بـ5 ملايين دولار.
العدد 1956 - الأحد 13 يناير 2008م الموافق 04 محرم 1429هـ