العدد 1972 - الثلثاء 29 يناير 2008م الموافق 20 محرم 1429هـ

الرأفة يا رعاة

محمد مهدي mohd.mahdi [at] alwasatnews.com

رياضة

للوهلة الأولى يعتقد أي شخص كان أن عندما يحصل أي اتحاد في العالم على رعاية لمسابقاته فإن ذلك يعني نجاحا للمسابقة ونجاحا للمسئولين في الاتحاد وطريقا في تطور المسابقة إلى الأفضل من جميع جوانبها، ولكن على العكس من ذلك نحن في البحرين عندما نعلم أن اتحادا ما قد حصل على رعاية من شركة معينة، فإننا نتوقع الأسوأ للمسابقة، إذا ما عرفنا أن جميع الشركات الراعية لمسابقاتنا لا تأتي فقط للرعاية وإنجاح المسابقة، وإنما تهدف من وراء هذه الرعاية إلى الحصول على فائدة من خلال زيادة أرباحها، ولكن ليس بالطريقة المتعارف عليها عالميا من خلال العمل على جذب الشركات الأخرى، وإنما من خلال الجماهير، ولكن كيف؟

الغريب في الموضوع برمته هو إننا نعاني من ارتفاع في أسعار تذاكر دخول الجماهير ونحن نعيش أصلا وسط معاناة معيشية يعرفها الجميع ممن وطأت رجلاه هذه الأرض. فتلك مباريات المنتخب الوطني لا يسمح بدخولها إلا بمبلغ يصل إلى دينار واحد، وتلك المباراة النهائية لكأس الاتحاد البحريني لكرة السلة أصبحت مشاهدتها بالمبلغ ذاته، وتلك مباريات الصالات أمست بمبلغ قيمته نصف دينار.

أليس من الغريب أن تكون أسعار دخول المباريات بوجود الشركات الراعية أكبر مما لو كانت المسابقة من دون رعاة؟ أليس من المستغرب أن تعمل الشركات الراعية على إقصاء الجماهير بهذه الطرق وهي التي تتعاقد معها الاتحادات الوطنية لجذب الجماهير لا لإبعادها؟

شركة «إكسم» مثال حي على ما هو حاصل لدينا في الوقت الحالي. فبينما تقوم بعمل حفلات غنائية لجذب الجماهير التي لا تحضر أساسا مباريات دوري كرة القدم، تقوم بزيادة أسعارها لمشاهدة مباريات دوري الكرة الطائرة الذي يمتلك في الأساس جماهيرَ كبيرة عاشقة، وكأنها تقول لهم «لا تأتوا لمشاهدة المباريات». كما لا ننسى مباريات المنتخب الوطني لكرة القدم. فبينما نعرف أن المنتخب لا يحظى بتشجيع جماهيره، هاهي تقوم بزيادة المبلغ للدخول لتشجيع المنتخب في مباريات ودية وليست رسمية، وكأن المدرجات قد امتلأت عن بكرة أبيها وقمنا بزيادة المبلغ لإيقاف تدفقهم إلى الملعب كيلا تسقط المدرجات على رؤوسهم!

لقد أصبح من المعروف لدينا في البحرين أن أية شركة راعية لمسابقاتنا هي في الأساس شركات راغبة في زيادة دخلها بالدرجة الأولى وعدم خسارة أي مبلغ تقوم بدفعه للاتحادات من خلال رعايتها، والفارق كبير بين رعاة مسابقاتنا في البحرين ورعاة مسابقات دول الخليج وأقربهم قطر، إذ بينما تقوم الشركات الراعية هناك بوضع جوائز عينية كبيرة كسيارات لجذب الجماهير إلى جانب إدخال الجماهير بالمجان، نجد شركاتنا الراعية تزيد من مبلغ دخول الجماهير من دون أن تكون هناك جوائز تشجيعية جاذبة للجماهير، وإن وجدت هذه الجوائز فستكون مبلغا ماديا يبلغ 50 دينارا أو كرة قدم أو دراجة هوائية!

المشكلة معروفة تماما وواضحة وضوح الشمس. وهو المبلغ الكبير المطلوب من الجماهير الراغبة في الذهاب للملاعب للمشاهدة ويساوي نصف دينار إلى دينار كامل للجلوس على مدرجات غير نظيفة من دون وجود حوافز تشجيعية.

نحن نلاحظ من خلال الشهور الماضية التي انطلقت فيها أكثر المسابقات المحلية أن الاتحادات الوطنية هي السبب الرئيسي فيما وصلنا إليه من عزوف جماهيري، إذ إن الجماهير لا تتحمّل أعباءَ معيشية أكثر مما تتحمّل، وكأن ارتفاع أسعار تذاكر المباريات يأتي مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية، إذ أصبح كل شيء في هذا البلد غاليا ويحتاج لمواطن راتبه لا يكفيه معيشة شهر كامل أن يقترض أو يبحث عن راعٍ لدخوله المباريات، فالجميع يعرف أن إذا كانت هناك شركات راعية لأية مسابقة، فإن الجماهير هي المستفيد الأول في هذا الأمر، من رغبة هذه الشركات في جذب الجماهير من أجل هدف تقوية الدوري ودعمه، لكننا نرى أن رعاية هذه الشركات جاء بالعكس، وربما جاءت الزيادة في أسعار التذاكر مع اقتراب صرف مبلغ 40 مليون دينار لتخفيف أعباء المعيشة

إقرأ أيضا لـ "محمد مهدي"

العدد 1972 - الثلثاء 29 يناير 2008م الموافق 20 محرم 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً