العدد 1985 - الإثنين 11 فبراير 2008م الموافق 03 صفر 1429هـ

ذكرى الميثاق وعودة «القديم»

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

في 14 فبراير/ شباط (بعد غد) سنحتفل بالذكرى السابعة للتصويت على ميثاق العمل الوطني الذي حاز موافقة 98.4 في المئة من المواطنين. وهي ذكرى عزيزة علينا؛ لأنها تذكرنا كيف اتفق البحرينيون على تجاوز مرحلة أمن الدولة القاسية. وعلى رغم اختلاف الآراء، فإن المعارضة كانت سببا رئيسيا في إنجاح الميثاق الوطني، وخرج رموزها وسجناؤها السياسيون حينها ليدعوا الشعب إلى التصويت لصالح الميثاق، الذي أعاد تأكيد حكم البحرين الوراثي تحت عائلة آل خليفة، وأفسح المجال لتغيير النظام من إمارة إلى مملكة، كما أفسح المجال لتأسيس برلمان من مجلسين.

التفسيرات اختلفت بعد التصويت على الميثاق، ووجدت المعارضة التي أيدت التصويت أنها لم تعرف ما سيحدث من تبعات لاحقا، وعليه قاطعت انتخابات البرلمان العام 2002. غير أنها عادت إلى تقويم موقفها وحسبت الخسائر والأرباح التي ستتحصل عليها، وقررت الدخول في البرلمان العام 2006.

هناك الكثير يمكن الحوار بشأنه في هذه المناسبة. ولكن ما غاب عن الذين شاركوا في إنجاح الميثاق هو أن الخريطة السياسية تغيرت كثيرا خلال السنوات السبع الماضية. نعم، انطلقنا نحو التحديث في نظام الدولة، وأعلنا نياتنا جميعا - دولة ومجتمعا - أننا نبتغي تأسيس حكم ديمقراطي يشمل الجميع تحت مظلة الوطن من دون تفريق. ولكننا غفلنا عن حقائقَ أخرى اكتشفناها لاحقا.

فإحدى الظواهر التي برزت بعد التصويت على الميثاق هي عودة «القديم» بكامل قوته وأكثر. و«القديم» عاد في الدولة وعاد في المجتمع. فالدولة لم تستطع تحديث أجهزتها أو تجديد دمائها، بل إن بيروقراطيتها أصبحت أثقلَ مما كانت عليه من كل جانب. أما من جانب قوى المجتمع فنجد أن القديم في «المعارضة» والقديم في «الموالاة» عاد ليحكم سيطرته على الساحة.

قوى «الموالاة» كانت تعمل بصمت خلال حقبة أمن الدولة. وهذه القوى دينية أساسا (إخوان مسلمون وسلفيون). وسيطرت هذه القوى على مواقعَ مهمةٍ في مفاصل الدولة، إلى أن وصلت الشهر الماضي إلى أن يتسلم أحد قيادات الحركة السلفية رئاسة ديوان الخدمة المدنية، وهو تطوّر مثير جدا، ويعني الكثير، ويخبرنا عن تموضع في أعماق أجهزة الدولة في كل جانب. وفي إحصاء لكبار موظفي الدولة في العام 2000 كانت نسبة الشيعة تبلغ 17 في المئة، إلا أنها نزلت في 2007 إلى نحو 7 في المئة، ومن المحتمل أن تنزل إلى أقل من 3 في المئة خلال السنين الخمس المقبلة مع استمرار النهج الحالي.

قوى «المعارضة» أيضا عادت إلى «القديم». فقد عاد من قم المقدسة عدد غير قليل من طلبة العلوم الدينية، وتسلموا المساجد والخطاب الديني، وأعادوا خطاب المعارضة إلى مطلع الثمانينات. كما عاد أتباع فصيل آخر من المعارضة الشيعية من سورية، وأعادوا خطابا اختفى منذ أكثر من عشرين سنة إلى الساحة من دون أن يلمسه الزمن. وهذا عزز من تموضع قوى الموالاة أكثر، وزاد الشكوك بدلا من ردم الهوة.

لعلنا بحاجة إلى مراجعة عقلانية؛ للتعرف إلى ما جرى وكيف جرى ولماذا جرى؛ لكي نحتفل بالميثاق تماما كما احتفل به الشعب في 2001.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1985 - الإثنين 11 فبراير 2008م الموافق 03 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً