العدد 2003 - الجمعة 29 فبراير 2008م الموافق 21 صفر 1429هـ

حرب الدواوين وأملاك الدولة

ندى الوادي nada.alwadi [at] alwasatnews.com

.

شغل الرأي العام الكويتي ولا يزال منذ الأسبوع الماضي بقرار إزالة الدواوين «المخالفة» الذي أصدرته الحكومة، والذي ستتم على أساسه إزالة نحو 15 ألف ديوانية. و»الديوانية» هي أحد التقاليد الكويتية المعروفة التي تتميز بها الدولة الخليجية عن باقي دول الخليج، إذ تنتشر الديوانيات في كل حي من الأحياء الكويتية لتجمع الكويتيين في نقاش متصل لا ينقطع كوسيلة مجتمعية للتعبير عن الآراء وتبادل الأفكار والأخبار. فحوى القرار الذي فاجأت به الحكومة الكويتية شعبها في فترة الاحتفالات بالعيد الوطني وعيد التحرير ليس سياسيا، فالدافع الرئيسي ليس لإزالة هذه الدواوين ليس تجاوزها الخطوط «السياسية» الحمراء كما قد يتبادر للأذهان – خصوصا في البحرين التي اعتادت كثيرا على «إزالة» ما يخترق تلك الخطوط- الدافع الرئيسي هو مخالفة تلك الدواوين وامتدادها في « أملاك الدولة». أكثر من 15 ألفا من أصحاب الدواوين في الكويت مددوا المساحة المخصصة لدواوينهم التي تقام في المنازل عادة، ليحجزوا بذلك مساحة من « أملاك الدولة» كالطرق والشوارع التي تطل منازلهم عليها، وبذلك تكون تلك الدواوين «مخالفة» في عرف الحكومة، ويجب إزالتها.

نواب مجلس الأمة الكويتي انتفضوا لهذا القرار وقابلوا ولي العهد الكويتي لإيقاف قرار الإزالة المقرر أن يتم غدا 2 مارس/ آذار، يقول البعض تهكما أن عددا كبيرا من النواب هم أنفسهم أصحاب دواوين مخالفة وبالتالي فهم «متورطين» في هذا الأمر وهو الدافع الذي حدا بهم للانتفاض في هذا الشأن. في الوقت الذي شن فيه النواب الكويتيون كعادتهم هجوما على الحكومة التي اعتبروها متورطة في مخالفات أخرى من أنواع متعددة، ولا بد أن يشمل قرار الإزالة مواقع أخرى لمتنفذين تربطهم صلة قرابة برئيس الوزراء الكويتي تم من خلالها وضع اليد على أجزاء أخرى من أملاك الدولة.

وبقدر ما تعكس قضية إزالة الدواوين الكويتية كثيرا من مجريات الأمور في الواقع الكويتي من خلال تعامل الأطراف المختلفة مع القضية، بقدر ما تلقي القضية بظلالها على قضايا مشابهة من جانب آخر هنا في البحرين.

تعكس هذه القضية في الكويت استئساد السلطة التشريعية على التنفيذية، إذ يمكن أن تصل هذه السلطة لأعلى المستويات من أجل إيقاف القرارات الحكومية. تعكس القضية أيضا قوة المواطن الكويتي وقدرته على « انتزاع» الحقوق ولو عبر «المخالفات»، فالدواوين المخالفة منتشرة في كل أنحاء الكويت واستمرت قائمة لسنوات عدة.

أما في البحرين فالوضع مختلف تماما، فاستملاك الأراضي تقوم به «الدولة» وليس الناس، ولا يمكن بطبيعة الحال أن يصدر الناس قرارا بإزالة منشآت الدولة، وكل ما يمكنهم هو الجأر بالشكوى من قانون استملاك الأراضي، وتعويض أولئك الذين تستملك الدولة قطعا من أرضهم لبناء شارع أو طريق، على أمل تعويض لا يعرف متى يصرف. وفي الوقت الحالي، والجميع يترقب صدور القانون الجديد «المتكامل» الذي وعدت به الحكومة ممثلة بوزارة شئون البلديات والزراعة، لا يملك المواطنون إلا الانتظار لذلك التعويض على أمل أن يكون مجديا. ناهيك عن تلك المساحات الشاسعة من الأراضي المحسوبة من «أملاك الدولة» التي تم استملاكها بطرق أو بأخرى.

لنتخيل فقط ماذا سيكون رد فعل البلدية لو قام أحدهم ببناء «ديوانية» أو «كراج» لسيارته أمام منزله متعديا على متر واحد من الشارع المحسوب من «أملاك الدولة» في البحرين؟

إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"

العدد 2003 - الجمعة 29 فبراير 2008م الموافق 21 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً