العدد 2004 - السبت 01 مارس 2008م الموافق 22 صفر 1429هـ

الهولوكوست الفلسطيني... مَنْ يعترض؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

هدّد نائب وزير الدفاع الصهيوني ماتان فيلناي بتحويل غزة إلى هولوكوست كبير (محرقة جماعية) إذا لم يتوقف إطلاق الصواريخ، و«كلما اشتدت الهجمات بصواريخ القسام وزاد مداها جلبوا على أنفسهم هولوكوست أكبر»!

تصريحات فيلناي الرعناء أحرجت الاسرائيليين أنفسهم، حتى إن العديد من زملائه نأوا بأنفسهم عن تبنّيها، فيما حاول آخرون التخفيف منها بالقول إنه لم يقصد «الإبادة الجماعية». فالهولوكوست كانت «الكلمة السحرية» التي استحلبت بها «إسرائيل» المساعدات من الدول الأوروبية منذ قيامها بعد نهاية الحرب العالمية الثانية حتى الآن، في إطار التهويل من المحارق النازية ضد اليهود.

هذه الكلمة السحرية مهّدت أيضا الأرضية اللازمة لتنفيذ وعد «بلفور» البريطاني في العام 1917 بإقامة وطن قومي لليهود، ولكن على حساب شعبٍ آخر كان يعيش في فلسطين منذ آلاف السنين، لتخلق أكبر مأساة في القرن العشرين وسط تآمر الدول الكبرى، وصمت الدول الصغرى، وحسرة وتعاطف الكثير من الشعوب في القارات الفقيرة، آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية.

استخدام فيلناي لكلمة «الهولوكوست» زلّة لسان بلا شك، وسيثير عليه الكثير من النقد والاعتراض داخل «إسرائيل» نفسها، مع أنه كان صادقا ودقيقا في تعبيره، فما يجري في غزة هو «هولوكوست» حقيقي ضد الفلسطينيين المحاصرين بالقطاع منذ عام كامل. فقد استمرّ التصعيد العسكري الإسرائيلي لليوم الثالث لترتفع أعداد الشهداء والجرحى بوتيرة متسارعة. فبينما كانت حصيلة اليومين الأولين 33 فلسطينيا من بينهم 6 أطفال، زاد العدد على الخمسين حتى ظهر أمس (السبت). والأخبار العاجلة الواردة بعد الظهر تفيد بمقتل 32 فلسطينيا بينهم أطفال، بينما بلغ الجرحى الـ 120، كل ذلك مع التهديد المتصاعد بشنّ عملية عسكرية واسعة لاجتياح غزة، واستهداف المسلحين وتصفية قادة حماس.

التصعيد لم يبدأ الأربعاء الماضي، وإنما بدأ مع عودة الوفود العربية من مؤتمر «أنابوليس» الذي أعطى فيه الأميركيون ضيوفهم العرب وعودا بالدولة الفلسطينية الموعودة في الهواء، لتبدأ حكومة أولمرت بتنفيذ المذابح اليومية في غزة، وتشديد الحصار والتجويع وقطع إمدادات الغذاء والدواء والوقود، وانتهى إلى انفجار الوضع، واقتحام المعابر على الحدود مع مصر.

المواجهة غير متكافئة بكل المعايير، وحماس أعلنت أكثر من مرّة استعدادها لإيقاف الصواريخ إذا أوقفت «إسرائيل» عملياتها العسكرية وأنهت الحصار على مليون ونصف المليون شخص. وبالمقابل، ولأنهم «يألمون كما تألمون»، فإن استطلاعا إسرائيليا للرأي أجري أخيرا أظهر أن غالبية الاسرائيليين يؤيدون التوصل إلى هدنةٍ مع حماس، رغم ما يقال من أن صواريخ القسّام بدائية ولا تقتل... وإنّما تثير الرعب فقط!

ليس غريبا ولا جديدا الموقف الأميركي الذي أعلن الحرب على كل بؤر المقاومة لمشروعه بالمنطقة. وليس مفاجئا الموقف الأوروبي المتواطئ مع الأميركي، ولكن الغريب هو الصمت العربي المريب، فالفلسطينيون أكثر استغرابا واستهجانا... لعدم صدور بيان احتجاج أو إدانة من أية عاصمة عربية حتى الآن.

بدأ عصر «الهولوكوست» الفلسطيني على المكشوف، والعرب يساهمون بكل فخر في إحكام الحصار على القطاع «المتمرّد» المنكوب، ولن يسمحوا بعد اليوم بانتهاك سيادة أراضيهم وحدودهم الدولية، وكل من يتجرأ على ذلك سيكسرون رجله كما قال وزير خارجية مصر أحمد أبو الغيط... وأمجاد يا عرب أمجاد!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2004 - السبت 01 مارس 2008م الموافق 22 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً