العدد 2007 - الثلثاء 04 مارس 2008م الموافق 25 صفر 1429هـ

بين المحاكمة والاستجواب وسلامة وأمن المواطن

سلمان ناصر comments [at] alwasatnews.com

.

علينا أن نجعل الجميع يتعاون على احترام النظام والقانون، إذ إن قوات الأمن ليست للقمع بل عين ساهرة على أمن الوطن واستقراره، ولكن بعض الفاسدين إذا طالهم التغيير يتحولون إلي دعاة وطنية وإصلاح، كما أن التعبير عن الرأي يتم من خلال القنوات التي حددها الدستور، فحماية القانون مسئولية مجتمعية بحتة وهي جزء لا يتجزأ من أمن واستقرار الوطن، ولكن أحداث الشغب التي مرت بها البحرين في ديسمبر/ كانون الأول الماضي وما حدث في الفترة الأخير كشفت الإفرازات الكريهة التي تتنافى مع الحرية العامة والديمقراطية جملة وتفصيلا. وليكن مفهوم هذا المقال بعيدا عن الرؤى السياسية أو الحزبية ولتكن النظرة إلى الوطن والمواطن.

من المؤسف أن بعض الشخصيات التي وقفت وراء تلك المظاهرات وما صاحبها من أعمال عنف وتخريب لبعض الممتلكات العامة والخاصة وهو ما كشفته التحقيقات التي جرت مع عدد من المتهمين والمتورطين في ارتكاب مثل تلك الأعمال... فهمت الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير بصورة خاطئة وغير مسئولة عبر اللجوء لأساليب غير قانونية بدءا من عدم الحصول على إذن مسبق من الجهات المعنية في تنظيم تلك المظاهرات والمسيرات بما يضمن عدم الانحراف بها إلى ما يخل بالأمن والنظام أو التعدي على حقوق الآخرين والمساس بالمصالح العامة والخاصة وبالسلم الاجتماعي العام وهو ما ينص عليه قانون تنظيم المسيرات والمظاهرات مرورا بترديد شعارات تحريضية تندرج في إطار السب والقذف والتجريح للآخرين وارتكاب أعمال شغب وفوضى واعتداء على رجال الأمن أثناء أدائهم واجبهم في حفظ الأمن والسكينة العامة في المجتمع كما حدث في جدحفص والسنابس وسترة وغيرها من مدن وقرى في ديسمبر الماضي. علما أن حق التعبير السلمي مكفول للجميع في ظل الحرية والديمقراطية وفي إطار الالتزام بالدستور والقانون وإن أي تجاوز للنظام والقانون لن تكون نتائجه سوى إشاعة الفوضى والإخلال بالأمن والنظام والإضرار بالسلم العام وهو ما يخضع مرتكبي تلك الأفعال المخالفة للقانون والمساءلة والمحاسبة فاحترام الدستور والقانون أمر ملزم للجميع ولا تهاون إزاء ذلك إطلاقا.

إن الذين يذرفون دموع التماسيح يدعون زورا حرصهم على مصلحة المواطنين، وعليهم أن يبرهنوا على ذلك فعلا بعيدا عن المكايدات الحزبية الضارة وعبر الالتزام المسئول بالدستور والقانون وعدم تعريض مصالح الوطن والمواطنين لأية مخاطر عبر الدفع بعناصر مراهقة عمريا وسياسيا لإثارة الشغب وارتكاب أعمال عنف وفوضى وإثارة الفتن في المجتمع وعليهم أن يتحلوا بروح المسئولية الوطنية التي تفرض على الجميع في الوطن أن يحملوا معول البناء لا الهدم وأن يكونوا يدا واحدة للتعاون لكل ما فيه خير الوطن والمواطنين والحفاظ على المنجزات والمكاسب الديمقراطية والسياسية التي حققتها المملكة وفي مقدمتها صيانة نعمة الأمن والاستقرار والوئام الاجتماعي التي يعيشها الوطن ويشهد ويعتز بها كل المحبين لوطنهم وكل المنصفين في داخل الوطن وخارجه، إذ إن هناك من يسعي في إصرار إلى تشويه حقيقة دور الأمن على غير الواقع وهو يقوم بدوره في التصدي لخروج المتظاهرين على كل القواعد القانونية، واستغلال الموقف في الانتقام والثأر والتنكيل من أجهزة الأمن لاضطلاعها بدورها تجاه الخارجين على القانون (وليس المعارضين)، هذا إلى جانب أن هناك من يسيء استغلال المناخ الديمقراطي ومنهج الحريات السائدة في البحرين لتحقيق بواعث خفية.

وهنا أقول إن من الصعب على أي جهاز مهما كان حجمه وإمكاناته أن يؤدي دوره على أكمل وجه بمعزل عن المؤسسات الاجتماعية الأخرى، ويزداد الأمر صعوبة عندما يتعلق الأمر بقضية تمس أمن المجتمع وسلامته، مثل تحقيق الأمن الشامل ومكافحة أعمال الشغب والتخريب، فعند الحديث عن الشأن الأمني تصبح المسألة أكثر حاجة إلى التعاون والتنسيق بين مختلف الأجهزة والمؤسسات العامة والخاصة على حد سواء، باعتبار أن الأمن قضية اجتماعية تمس الفرد والجماعة، وأن تحقيقه بحاجة إلى تضافر الجهود والإمكانات.

إن هذا التعاون المنشود بين جميع المؤسسات والجمعيات السياسية لا يعني الإقلال من دور المؤسسات الأمنية في مكافحة الشغب والتخريب عموما والخارجين على القانون خصوصا، ولا يقلل من أهمية ما تبذله الجهات الأمنية بمختلف أجهزتها من جهود لاستتباب الأمن وتحقيق الاستقرار وسلامة المجتمع، ولكن دور بعض الجمعيات السياسية أو المحسوبة عليها في التصدي لهذه المفاهيم بشكل عام يعد دورا محوريا.

ها نحن بسبب بدء محاكمة المتهمين بحرق سيارة الأمن وسرقة السلاح والذخائر وإخفائها والتجمهر غير المرخص نعيش برنامج أحداث ديسمبر الماضي نفسه، علما بأن هناك منظمات دولية ستكون شاهدة أيضا على هذه المحكمة وهي منظمة الخط الأمامي للدفاع عن نشطاء حقوق الإنسان الأيرلندية، ومنظمة هيومن رايتس ووتش الأميركية ومنظمة الدفاع الدولية النرويجية، وعلى رغم وجود هذه المنظمات فإن البعض مازال يراهن على الفوضى والخروج على القانون علما بأن الحكم لم يصدر.

هنا أقول: عندما تبدأ أعمال الشغب مع بدء محاكمة المتهمين في أحداث ديسمبر الماضي وتقوم إحدى الشخصيات التي ليس لها موقع على الخريطة السياسية في البحرين إلا إثارة التأزيم ويكرم الخارجون على القانون ويصفهم بالأبطال والتغرير بأولاد تتراوح أعمارهم بين 14 و16 سنة ماذا بقي لأمن الوطن والمواطن، هذا من جهة ومن جهة أخرى أخذ بعض الكتاب الذين يتلون الأعذار لهذه الأفعال من إتلاف الممتلكات الخاصة والعامة ونشر الذعر وأخذوا يربطونها بمطالب سياسية متجاهلين أمن المواطن وسلامته.

لهذا أقول: يجب على القوى المشجعة لهذا التصعيد أن تأخذ في الاعتبار أمن الوطن والمواطن والابتعاد عن المزايدات السياسية والكف عن التبريرات لمثل هذه الأفعال، والتفريق بين المقاصد السياسية والحقوق الدستورية والقانونية في التعبير السلمي وبين مقاصد الإيذاء والتخريب والتدمير والفوضى العابثة والمضرة بالمواطن والوطن ومقدراته ومحاولة إيقاف عجلة التنمية السياسية للبلاد، إذ لا يخفى على أحد أن بدء مسلسل الشغب والتخريب والخروج على القانون في بعض مدن وقرى المملكة في نهاية كل أسبوع (والعطل الرسمية) وعند وقوع المحظور اثر التصادم بين الخارجين على القانون ورجال الأمن سنسمع أنهم جهلة ولا أعرف معنى هذه الكلمة هل هي تعني الجهل بالفعل أو حداثة السن؟

عندما تقوم بعض القوى بتعطيل وشل عمل القوى الأمنية لحفظ النظام وتتسبب في ترويع الآمنين وتقدم المبررات لإتلاف الممتلكات الخاصة والعامة وتكرم الخارجين على القانون وتهيئ لهم ندوات الشحن والتبرير، نقول عندما يحصل كل ذلك فهل نكون حينها بحاجة إلى ميثاق شرف؟ وإذا كان الجواب نعم، أين نحن من تعاليم ديننا الحنيف وقيمنا العربية الأصيلة؟ وأين نحن من هذا المجتمع الذي من المفترض أن نقوم بالعمل للوصول به إلى ما وصل إليه الآخرون (دول الخليج).

لهذا أقول: إن من الواجب علينا حماية القانون وهيبة رجال الأمن والقضاء، فمن باب أولى إن كانت هناك أحكام قضائية رادعة نرجو حفظ سلطة القضاء واحترام قراراته.

إقرأ أيضا لـ "سلمان ناصر"

العدد 2007 - الثلثاء 04 مارس 2008م الموافق 25 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً