العدد 2290 - الجمعة 12 ديسمبر 2008م الموافق 13 ذي الحجة 1429هـ

أفلام الكارتون تعلم أطفالنا العنف!

تحذّر منه دراسة جديدة:

يقضي الأطفال ساعات طويلة أمام أفلام الكارتون وأصبحت تأخذ الجزء الأكبر من وقتهم وهناك محطات خاصة بالكارتون أكثرها باللغة العربية لاستقطاب الصغار... وهذه المحطات وهذه الأفلام هي التي تربي أكثر الأطفال اليوم... ولكن كيف تربيهم؟!

يحذر باحثون من أن الأطفال بين سن عامين وخمسة أعوام الذين يتابعون مشاهد عنف بالتلفزيون لمدة ساعة في اليوم يزداد عندهم احتمال أن يتسموا بعدوانية شديدة في مرحلة لاحقة من طفولتهم ولكن هذا الاحتمال قد لا يثبت عند الفتيات.

وقالت دراسة حديثة عن «الأطفال وحب العنف» أجريت على عينة من 481 طفلا كان يعاني 52 طفلا من مشكلات خطيرة ترتبط بالعنف، وكانوا يشاهدون مشاهد عنف بالتلفزيون لمدة ساعة واحدة على الأقل يوميا في المتوسط وأن احتمالات (تصنيفهم) بهذه المجموعة كانت أرجح 3 مرات عن أولئك الذين لم يشاهدوا مواد عنف.

وحللت الدراسة عادات مشاهدة التلفزيون والفيديو لدى 330 طفلا تتراوح أعمارهم بين عامين و5 أعوام ثم قاموا بتقييم سلوكهم بعد فترة، وقالت الدراسة إن الكثير من الآباء ليسوا على دراية بأن العروض وألعاب الفيديو التي يشاهدها أطفالهم تنطوي على عنف أو غير مناسبة لفئتهم العمرية.

وأضافت أن «الأطفال في هذا العمر لا يستطيعون التمييز بين الخيال والواقع ويحتاجون لشرح»، وتابعت «يتعلم الأطفال من العنف بأفلام الرسوم المتحركة أن العنف مرح وليس له عواقب، ولذلك عندما تدمر رأس شخص في فيلم رسوم متحركة وتعود فجأة - سليمة - ويضحك عليها الأطفال فإنهم يعتقدون بالفعل أنه ليست هناك عاقبة خطيرة من ضرب شخص ما في رأسه وهو بالطبع أمر غير صحيح في عالم الواقع».

وقالت الدراسة: «لم تثبت علاقة بين مشاهدة مواد عنف وسلوك شديد العدوانية بين 164 فتاة شملتهن الدراسة اعتدن على مشاهدة المزيد من العروض التعليمية والخالية من العنف عن الأطفال تأثيرا تراكميا».

وفي إطار متصل أثبتت الكثير من الدراسات أن تأثير مسلسلات الكرتون على الأطفال يكون تأثيرا تراكميا أي لا يظهر هذا التأثير من متابعة هذه المسلسلات مدة شهر أو شهرين، بل هي نتيجة تراكمات يومية تؤدي إلى نتائج عظيمة، فكيف هو الحال إذا كانت هذه المسلسلات تعرض كما كبيرا من العنف والخيال والسحر ونسف المبادئ والعقائد الدينية والسماوية بأسلوب غير مباشر كما في مسلسل «البوكيمون»، وكيف ستكون هذه النتائج عندما تعلّم هذه المسلسلات الأطفال أساليب الانتقام وكيفية السرقة وكل ما يفتح لهم آفاق الجريمة.

سموم قاتلة

ويعتبر تربويون أن أفلام الكرتون والرسوم المتحركة الموجهة للأطفال من الممكن أن تكون خطرا حقيقيا وتتحول إلى سموم قاتلة، ووجه الخطر في هذا عندما تكون هذه الأفلام صادرة من مجتمع له بيئته وفكره وقيمه وعاداته وتقاليده وتاريخه، ثم يكون المتلقي أطفال بيئة ومجتمع آخر وأبناء حضارة مغايرة، فإنهم بذلك سيحاولون التعايش مع هذه الأعمال والاندماج بأحداثها وأفكارها ولكن في إطار خصوصيتهم وهويتهم التي يفرضها عليهم مجتمعهم وبيئتهم، فتصبح هذه الأفلام والمسلسلات في هذه الحالة مثل الدواء الذي صنع لداء معين، ثم يتم تناوله لدفع داء آخر، فتصبح النتيجة داء جديدا ولنا أن نتصور إذن حجم الأذى والسلبيات التي تنتج عن أفلام الكرتون المستوردة والمدبلجة على الطفل العربي والمسلم الذي يتأثر بها.

ممارسات عجيبة وتعتبر أفلام الكارتون من الممارسات اليومية المحببة للأطفال وخصوصا الطفل العربي، ولا شك أن ما يزيد على 59 في المئة من هذه الأفلام عربية، وفي دراسة أفزعت القائمين عليها حول العنف الناتج عن أفلام الكرتون من خلال 4 قنوات تلفزيونية فقط وليس الكل وإذاعتها لـ 21 برنامجا للأطفال أسبوعيا فكانت النتيجة انتحار 4 أطفال بسبب هذه البرامج.

وقمة الخطورة تتمثَّل في معايشة الطفل لهذه الأفلام بعد عملية المشاهدة من مضمونها الذي (صمم بدهاء) لوصول الطفل إلى هذه المرحلة من التشبه بأبطال هذه الأفلام والتعايش معها خياليا ما يجعله يفقد جزءا مهما من الحقيقة من خلال وضع الواقع والخيال في ميزان واحد وعدم التفريق بينهما، وهذا ما يُسمي - درجة التوحد، حيث يتصور الطفل نفسه محل هذه الشخصيات الكرتونية فيسير على منوالها، ويسلك سلوكها، ويعتنق أفكارها وآراءها، وبالتالي إيجاد فجوة بين الطفل وواقعه المتمثل في عائلته ومجتمعه غير آبه بمصلحته الشخصية ودوره ومشاركته مع الأهل في حياتهم اليومية، ويميل للعزلة التي يجد نفسه فيها مع أبطال تلك الأفلام الخرافية وتكسو هذا الطفل سلبية وكره لمجتمعه وكذلك الميل نحو الشر بدلا عن الخير.

ويرى بعض الباحثين العرب من خلال أبحاث أجريت علي تأثير الإعلام الغربي على الطفل العربي، حيث يشكله عنصر الانفتاح الإعلامي والتراحم الفضائي في ثقافة الطفل العربي، وكذلك سلوكه من خلال بث أنماط ثقافية وسلوكية دخيلة على المجتمع العربي مزخرفة بتقنيات جديدة مبهرة تهدف إلى التأثير في الهوية والثقافة العربية من منبعها (الطفل).

وأشار الباحثون إلى أنه على الأسرة العربية دور مهم في ملاحظة ما يشاهده أطفالهم وذلك للتصدي للاختراق المنظم والمستهدف به أطفالهم.

حلول مقترحة

وتؤكد الدراسة أن هناك الكثير من الحلول المقترحة لحماية أطفالنا ذكرت منها: عدم مشاهدة الأطفال للكارتون أكثر من ساعتين في اليوم وتكونان متقطعتين، واختيار أفلام الكارتون التي يشاهدها الطفل لتكون بعيدة عن العنف أو العقائد الخاطئة، بمعنى أنها تكون تحت إشراف شرعي دقيق، وشغل وقت الطفل باكتساب المهارات المختلفة وتنمية المواهب والأعمال المفيدة، وإبعاده عن هذه المفسدات، والتخلص من عادة الأكل أمام التلفاز، وضرورة البحث عن شخصيات كارتونية من التراث الإسلامي وتشجيع الأفكار والمواهب الفنية، ووضع خطة محددة ليوم الطفل وأوقات فراغه بما يفيده، وتقديم بدائل تربوية أخري مثل إلحاق الطفل بحلقات تحفيظ القرآن الكريم وتعويده على قراءة الكتب النافعة ومنها القصص المناسبة، وتشجيع الطفل على مزاولة الألعاب الجماعية المنمية للذوق والذاكرة، وتوعية الأبناء بأن التليفزيون إحدى وسائل اكتساب المعرفة والقيم، وليس كل الوسائل وتوجيههم إلى تنويع الأنشطة وتنويع مصادر اكتساب المعلومات والقيم الصحيحة من المسجد والرحلات والقراءة في الكتب والقصص النافعة. وكذلك مصاحبة الأم لأبنائها وجلوسها معهم أثناء المشاهدة لتنبيههم إلى السلوكيات الخاطئة، فيما يشاهدون من (كذب/ تحايل/ عنف/ سرقة/ انحراف/ تدخين)، وتصحيح مفاهيمهم عن الشخصيات التي تعرض لهم بصورة جذابة، وعلى الآباء الجلوس مع أبنائهم فهذا يحقق لهم الإشباع النفسي، ويوفر لهم البديل الحي عن الاستغراق أمام الكرتون، ولابد من مساعدة الطفل على الانخراط في المجتمع بين الأصدقاء والأقارب والأعمال الاجتماعية المختلفة

العدد 2290 - الجمعة 12 ديسمبر 2008م الموافق 13 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً