العدد 2015 - الأربعاء 12 مارس 2008م الموافق 04 ربيع الاول 1429هـ

خيارات صعبة أمام قناة الـ«بي بي سي»

علي الشريفي Ali.Alsherify [at] alwasatnews.com

-

ثلاثة أيام مرت على عودة قناة بي بي سي الى المشاهد العربي، وعلى رغم ان طلتها لم تكن جديدة (حيث انطلقت اول مرة عام 1994، وتوقفت بعد سنتين) فإنها أثارت آراء متباينة وواجهت اتهامات من قنوات إخبارية منافسة ترى فيها وجه مؤسسة كانت تقف وراء اذاعة فاعلة عرفت منذ سبعين عاما كيف تحتل مساحة واسعة من مصادر معلومات المتلقي العربي وتشكيل بعض من آرائه السياسية.

قد يكون توقيت اعادة اطلاق قناة البي بي سي العربية متأخرا بالنسبة الى عشرات القنوات العربية الاخبارية كالجزيرة والعربية والقنوات الخليجية والمصرية واللبنانية، او المستعربة كالحرة وروسيا اليوم والعالم والقناة الالمانية وغيرها، لكن تبقى ميزة البي بي سي فاعله برغم تأخرها كونها تابعة لمؤسسة مستقلة وبعيدة نوعا ما عن ميول واتجاهات وسياسات الحكومات.

امام القائمة الكبيرة من القنوات الاخبارية المحلية والعربية والدولية لا يمكن اغفال قنوات كالجزيرة او العربية، وهما قناتان اثبتتا نجاحهما وسط الكم الهائل من القنوات المحلية المنافسة، فهل ستكون بي بي سي العربية قادرة على منافسة جمهور هاتين القناتين وتحقيق نجاح يوازي اذاعتها العريقة داخل المجتمعات العربية؟

لا يوجد نموذج مشهور يمكن ان تنطبق عليه سمات الارتكاز على الإذاعة لنجاح القناة التلفزيونية اكثر من قناة الحرة التي حاولت الاعتماد على نجاح اذاعة «سوا» لاطلاق فضائية (الحرة) التي مازالت حتى هذه اللحظة تثير علامات استفهام امام من يتحدث عن نجاحها او منافستها لقناتي الجزيرة والعربية.

قناة الحرة حاولت منذ انطلاقها في العام 2004 ان تعتمد على نجاح اذاعة سوا التي بدأت نتيجة لحوادث 11 سبتمبر/ أيلول 2001 لكن القناة فشلت حتى الآن في استقطاب الشارع العربي ربما بسبب تضرر خطابها الاعلامي مع وضوح نتائج الاحتلال الاميركي للعراق.

النتائج ليست بالضرورة مقياسا دائما لحال البدايات، لكن نموذج الـ «بي بي سي» العربية لا يمكن ان يقاس على تجربة قناة الحرة لاسباب من بينها سمعتها الاقليمية ولكونها ايضا لم تربط انطلاقها بحدث سياسي او عسكري بارز يكون لها امتحانا أمام المشاهد العربي، خصوصا وان هذا المشاهد اثبت انه غير هين في التفاعل مع أي خطاب.

قد تحاول ان تروج البي بي سي لسياساتها الاعلامية بالتعامل بمهنية وبعيدا عن التحيز في تناول الاخبار لكن على القناة ان تعرف ايضا ان الحياد في العالم العربي لم يعد دائما السلعة الرائجة في ظل الشعور بالظلم والقهر المتنامي عند العرب عموما، وهنا ربما تكمن صعوبة القناة الجديدة في كيفية طرح مفهوم الحيادية والموضعية والدقة التي بات لها عدة وجوه.

مهمة البي بي سي العربية تبدو الآن اصعب مما كانت عليه قبل 14 عاما فهي تعتمد بشكل واضح على سياسات اذاعتها من خلال الاستعانة بالاصوات التي ألفتها الآذان العربية على مدى عقود، لكن ما قد يفيدها الآن هو ان بثها يأتي وسط تنافس اعلامي مازالت ملامحه النهائية وميول جمهوره لم تحسم حتى الان.

نعم، قد تنجح الـ»بي بي سي» العربية فتحتل موقعا بين «مفضلات» الشاشات العربية، لكن فشلها هذه المرة قد يؤدي الى الضرر بسمعة قناتها الاذاعية التي ما زال ثقلها في القناة التلفزيونية واضحا حتى الآن

إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"

العدد 2015 - الأربعاء 12 مارس 2008م الموافق 04 ربيع الاول 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً