العدد 2021 - الثلثاء 18 مارس 2008م الموافق 10 ربيع الاول 1429هـ

التجربة الماليزية في معالجة العمالة الأجنبية الرخيصة

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

نقل موقع «سي. إن. إن» (CNN) ما ذهبت إليه مجموعة من الخبراء من احتمال أزمة محدقة بعدة «قطاعات اقتصادية في منطقة الخليج، وخصوصا قطاع البناء والمقاولات»، من جراء «ندرة اليد العاملة في تلك الحقول بسبب تراجع قيمة الدولار وازدياد التضخم وقلة الأجور في المنطقة، مقابل تحسن ظروف العمل في الدول المرسلة للعمالة، وخصوصا الصين والهند».

ومما نقله الموقع أيضا هو أن هؤلاء العمال الأجانب «باتوا يمتلكون خيار البقاء في بلدانهم الأصلية والحصول على أجور أفضل، ما سيرتب على المقاولين الخليجيين تحسين حزمة التقديمات والحوافز لهم، في وقت حذرت فيه كبرى شركات التطوير العقاري في الخليج من نُذر أزمة مقبلة».

في السياق ذاته، كان الرئيس التنفيذي لشركة «البحرين للنفط» (بابكو) عبدالكريم السيد، حذر في كلمته التي ألقاها في منتدى من تنظيم معهد إدارة المشاريع، من «تتنافس كل من أميركا وأوروبا وآسيا على العمالة الماهرة ذات الأجور المنخفضة ما جعل الاحتفاظ بالمواهب في الشركات الخليجية أصعب.

وأضاف السيد في كلمته التي نقل مقتطفات منها موقع (Arabian Business) أنه طالما استمرت الفكرة الخاطئة التي لاتزال شائعة خارج المنطقة، في الترويج لخطورة «العمل في الشرق الأوسط، أصبح صعبا نوعا مَّا جذب العمال المهرة الأجانب إلى المنطقة.

وانتهى السيد إلى القول إن «النتيجة الحتمية هي أن أرباب العمل في المنطقة سيكونون مضطرين إلى دفع أجور مرتفعة لجذب الموارد الضرورية»، مضيفا أن ارتفاع الكلفة سوف «يزيد من كلفة المشاريع ويحد من تطوير المواهب المحلية».

لقد ارتبط الحديث عن العمالة الرخيصة في المنطقة العربية بتلك الظاهرة التي رافقت طفرات النفط المتلاحقة التي عرفتها دول منطقة الخليج مجتمعة أو متفرقة على امتداد السبعين عاما الماضية. لكن هذه الحالة الخليجية ليست سوى واحدة من شكلين تبلورت من خلالهما أسواق اليد العاملة الرخيصة محلية كانت أم عالمية.

1. الحالة الخليجية: والتي كانت حالة جذب ولدتها وفرة السيولة النقدية الناجمة عن الطفرات النفطية الأمر الذي وضع في أيادي الشركات الخليجية الوطنية منها، والعالمية العاملة في الأسواق الخليجية، ناهيك عن الأفراد رساميل وأموال ضخمة مكنتها من جذب أيد عاملة، ماهرة وغير ماهرة من أسواقها الأصلية.

2. الحالة الغربية: وهي التي كانت عبارة عن تصدير الوظائف ذات الكلفة الباهظة في أسواقها المحلية إلى أسواق أخرى عالمية توفر أيد عاملة ماهرة بأسعار منخفضة نسبياّ. هذه الحالة الثانية هي ما أصبح يعرف في مفردات المال والأعمال بـ «العهدة» (Outsourcing). وهي نتاج مباشر لظاهرة العولمة.

الأمر الذي يميز الحالة الخليجية هو ترافق ظاهرة استقدام اليد العاملة غير المحلية ، ماهرة كانت أم غير ماهرة، مع تنامي معدلات البطالة في صفوف المواطنين، وخصوصا الفئة الشابة منها، بما في ذلك الماهرة منها.

وإذا كان واقع الحال الخليجي لا يسمح معالجة المشكلات المعقدة من نمط تدهور أسعار العملات العالمية مثل الدولار الأميركي، فسنكتشف أن أقرب حالة، غير عرببة، يمكن أن تستفيد منها منطقة الخليج بالنسبة ألى معالجة هذه المسألة، هي الحالة الماليزية. فقد كانت ماليزيا حتى منتصف السبعينيات من القرن الماضي، تفتقر إلى خبرة التصنيع، ولا توجد بها تكنولوجيا ولا رأس مال، ولا إدارة ذات معرفة، ولا مهارات تسويق».

فقد أدركت الحكومة الماليزية أن إنتاج البضائع المصنعة «يحتاج إلى نوع من المهارات غير العادية... وأدركت الحكومة أنه إذا لم تستطع خلق فرص وظيفية لشعبها فستواجه مشكلات اجتماعية وسياسية شديدة الخطورة، بل ستصبح ماليزيا أكثر فقرا مما كانت عليه تحت حكم الاستعمار».

أدى ذلك وبحسب قول مهاتير محمد إلى أن الماليزيين بدأوا «في اقتحام الكثير من الصناعات الجديدة وتطور الأمر إلى إنشاء جامعة الوسائط المتعددة؛ لتدريب العمال أصحاب المعرفة والمطلوبين لمؤسسات تكنولوجيا المعلومات العاملة في هذه المنطقة. وقد جرى قبول أعداد كبيرة من الطلاب الأجانب في هذه الجامعة، ويحصل الخرِّيجون على وظائف ذات أجور عالية في أي مكان؛ لأن الطلب على هذه النوعية من عمالة المعرفة سيتزايد باستمرار».

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2021 - الثلثاء 18 مارس 2008م الموافق 10 ربيع الاول 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً