العدد 2022 - الأربعاء 19 مارس 2008م الموافق 11 ربيع الاول 1429هـ

ماكين ... المزاجي المحظوظ

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

خمس سنوات ونصف من الاعتقال في كوريا الشمالية كانت كافية على ما يبدو لجون ماكين ابن قائد القوات الأميركية آنذاك وسيناتور ولاية أريزونا ومرشح الحزب الجمهوري حاليا لأن يطلق كلمة “انسحاب” من العراق كحل ممكن، ولو أنه رهن هذا “الانسحاب” بفشل الإستراتيجيات القائمة. وعلى رغم تعاطفه مع الفيتناميين عقب الحرب فإن هذا التعاطف، لم يتسع ليشمل معاناة الفلسطينيين حين أعلن قبل يومين من تل أبيب، تأيده لاعتبار “القدس” عاصمة لـ “إسرائيل”.

“ماكين” الجمهوري “المستقل”، عاش حياته على ما يريد، دَرَسَ الطيران ودَرّسَه، حارب، صادق الحسناوات، وصعد في مراتب الحزب كلها، وعلى رغم إخفاقه في سباق الترشح العام 2000 أمام الرئيس بوش فإنه لا يزال يحتفظ بحقه في الطموح نحو البيت الأبيض الذي أيد وعارض سياساته أكثر من مرة، متوافقا مع تصويت أبناء حزبه في الكونجرس تارة، وضاربا بها وبهم عرض الحائط تارة أخرى، إذ يعتبر أكثر الشيوخ تصويتا ضد الرئيس بوش، وطالت إنتقاداته أقطاب إدارة الرئيس كافة، بدءا من نائب الرئيس ديك تشيني وصولا إلى وزير الدفاع الراحل رامسفيلد.

لماكين داخل حزبه أعداء كثر، وهم أعداء مهمون إذ غالبا ما يتهمه هؤلاء بالخارج عن الحزب وتوجهاته، وتضم قائمة منتقديه، الثلاثي الإعلامي المحافظ “شون هانيتي، وآن كالتر، ورش ليمبو”، وقوى اليمين الكُنسية مثل “القس الراحل جيري فالويل والقس بات روبتسون”، ومؤخرا، أفردت مجلة “نيووز ويك” قائمة طويلة من الساخطين على ماكين والذين هم بالتحديد، الصفوف الأولى في الحزب.

محصلة هذه العدائية جعلت من هذا العجوز المحظوظ، آخر خيارات قادة الحزب الجمهوري في الترشح إلا أن صعوده في الإنتخابات الأولية أرغم مناوئيه في الحزب أن يقفوا اليوم خلفه بوصفه الأمل الأخير للجمهورين في المنافسة، فماكين المولود في العام 1936 والذي حاول الانتحار جراء عنف التعذيب في الأسر، استطاع أن يجعل من سيرته الذاتية مقدمة مقنعة جدا للناخبين الجمهورين في انتظار اختبارها قبالة الناخبين الأميركيين كافة.

الكثير من التقارير السياسية تؤكد، أن لدى ماكين اليوم فرصة ذهبية للنجاح، خصوصا وأن الحزب الديمقراطي منقسم على نفسه، وقد يؤدي هذا الانقسام لكارثة انتخابية للحزب الديمقراطي في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل ان تحولت أصوات ناخبي الفريق الخاسر في صراع (هيلاري / أوباما) صوب ماكين، وهو ما قد يصعد برئيس جمهوري في فترة يمر بها الحزب الجمهوري بأسوأ حالاته على الإطلاق داخليا وجماهيريا.

يمسك ماكين ببعضٍ من خيوط “اليمين” و”الوسط” وديمقراطيو “ريغن” في الحزب الجمهوري، ويمسك أيضا بسيرة ذاتية تعتبر بالمقارنة أكثر إقناعا لشريحة كبيرة من الأميركيين قبالة هيلاري “المترفة” أو أوباما “الحالم”، وهو في المحصلة ما يجعل من فرص نجاح هذا العجوز المتقلب المزاج والحاد الطباع قوية.

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 2022 - الأربعاء 19 مارس 2008م الموافق 11 ربيع الاول 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً