العدد 2038 - الجمعة 04 أبريل 2008م الموافق 27 ربيع الاول 1429هـ

مناعة ضد الألم

أذكر اليوم الأول الذي شاهدت فيه أوبريت الحلم العربي العام 1996 وكيف قضيته في حزن وبكاء وتأثر بالغ لدرجة أني لم أستطع الأكل والشرب والنوم وممارسة أبسط تفاصيل حياتي اليومية، كلمات مؤثرة وألحان تقشعر لها الأبدان، ومشاهد لا تقل تأثيرا تصدمك وتدخلك في صراع داخلي مع نفسك لتصل لنتيجة تكره كونك عربيا، لا حول لك ولا قوة أمام كل ما تشاهد.

جرعة الحزن تلك كانت كفيلة لأن تجعل لدى المشاهد مناعة ضد الألم والحزن والتأثر أمام كل ما يشاهد، فكما يقال «الزائد كما الناقص»، ولعل النسخة الثانية من هذا العمل والذي يحمل أسم الضمير العربي خير دليل على ما أقول، والذي دشن أول ما دشن في مملكة البحرين بمشاركة (33) مطربا ومطربة من نجوم الصف الأول في الغناء، فضلا عن (80) فنانا وفنانة في تظاهرة وطنية عربية إلى جانب كادر إداري يزيد عن (100) من العاملين في المجال الفني، والذي ضم الجرعة ذاتها من الحزن والألم بمشاهد أكثر تأثيرا ووقعا، إلا أن المفارقة أني هذه المرة وأنا أشاهده لم أبك، لا أنكر أني تأثرت وأعتصر قلبي، إلا أني بمجرد ما غيرت القناة ضاع ذلك الإحساس.

لا يمكن الإنكار بأن العملين على قدر من الضخامة والقوة والتأثير ولقيا صدا في الأوساط الفنية، فأين المشكلة وما هو السبب لعدم تأثري بما شاهدت، عل جرعة الألم السابقة التي أخذتها في النسخة الأولى فضلا عن الجرعات اليومية على شاشات الفضائيات التي تنقل مجازر وانتهاكات حقوق الإنسان في العراق، فلسطين ولبنان وغيرها هي وراء ما أنا فيه.

بات على الإعلاميين لزاما إدراك هذه النقطة « بأن الزائد كما الناقص» وأن المشاهد يحتاج لبارقة أمل في عتمة الألم، فمن غير المناسب إغراق المشاهد في كومة من الدماء والدموع وتغافل إنجازات وإن كانت قليلة ومقاومة مستمرة في كل أرض تنتهك.

دور الإعلامي لا ينصب في إبكاء المشاهد، بقدر ما هو مهم إيصال الفكرة بضرورة صحوة الضمير العربي والذي نام في سبات عميق والتعريج على مقاومة الأبطال وعرض مشاهد الصبر والتحدي والصمود فالاكتفاء بصور الضعف والألم نتيجتها بالضرورة ستكون عكسية.

العدد 2038 - الجمعة 04 أبريل 2008م الموافق 27 ربيع الاول 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً