العدد 2039 - السبت 05 أبريل 2008م الموافق 28 ربيع الاول 1429هـ

التفاهم مع إيران بدلا من استعدائها

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

بعض العرب مازالوا يعيشون في أوهام بشأن العلاقة مع إيران، وبعضهم يتمنى لو تقوم أميركا بتدمير كل ما لدى إيران من بنية تحتية. وفي أحد الاجتماعات التي حضرتها قبل فترة، وكانت تضم عددا من الخليجيين وبعض الغربيين، سأل أحد الغربيين: ماذا لو خيرتم بين أن تضرب «إسرائيل» إيران، أو تقوم أميركا بضرب إيران لوقف مشروعها النووي؟ السؤال كان غريبا، والأغرب كان جواب أحدهم الذي قال: «نفضل أن تقوم أميركا بالضربة».

على أن هذه المقولات مجرد أوهام، فإيران، مهما اختلفنا معها من الناحية السياسية والايديولوجية، فهي دولة قائمة بذاتها، تأكل من غذائها وتشرب من مائها، وتستطيع أن تتحمل الحصار الاقتصادي المفروض عليها بدرجات متفاوتة منذ العام 1979. وإيران أصبحت الآن جزءا من المعادلة الاستراتيجية في المنطقة، حتى أن المسئولين العراقيين ذهبوا الأسبوع الماضي إلى قائد التيار الصدري الشاب السيد مقتدى الصدر في إيران للتفاهم معه بشأن الوضع الأمني الأخير، وأميركا لديها قنواتها مع إيران، وخيار الضربة أصبح مستبعدا من الناحية العقلية، اللهم إلا إذا كان هناك من يود رؤية مصيبة لا تبقي ولا تذر.

إيران اليوم مشغولة بأمنها القومي أكثر من رغبتها في تصدير أية أفكار ثورية إلى خارج حدودها، ولو حاولت تصدير الأفكار فإن الاستقبال سيكون دون المتوقع من كل جانب... فإيران توجه كل طاقاتها باتجاه استراتيجي لضمان أمنها وحماية نفسها من الأخطار التي كانت ولاتزال تحيط بها وهي المتمثلة بعلاقاتها غير المستقرة مع أميركا.

الخيار المتداول أميركيا ولدى أوساط مؤثرة هو التفاهم مع إيران، وهذا ما طرحه تقرير «بيكر – هاميلتون»، وهو المرجح حدوثه بشكل من الأشكال، وربما يكون ذلك واضحا في مجريات العراق والحوارات الهادفة لإحلال الأمن. وهذا لن يكون جديدا، ففي منتصف الثمانينات من القرن الماضي فتحت أميركا حوارا مع إيران، وزودتها بأسلحة، وكُشفت الحوارات لاحقا، وعرف الموضوع بـ «إيران غيت»، فمستشار الأمن القومي الأميركي السابق روبرت ماكفارلين زار إيران العام 1986، وتسربت المعلومات التي أدت إلى إنهاء ذلك التفاهم. وفي العام 1999 حاول الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون فتح حوار مع إيران، والأخيرة طالبته بالاعتذار عن إسقاط طائرة ركاب إيرانية في العام 1988 وعن عدد من الأعمال التي قامت بها أميركا ضد إيران في الماضي، ولم تكتمل الحوارات لاحقا. غير أن الباب ذاته مازال مفتوحا، ولم يوصد أبدا، وبالتالي فإن تعويل بعض المحسوبين على البلدان العربية بالتطبيل والتزمير لضرب إيران إنما هو من الأوهام، والتي إن تحققت فهم أول من سيحترق بها.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 2039 - السبت 05 أبريل 2008م الموافق 28 ربيع الاول 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً