العدد 2043 - الأربعاء 09 أبريل 2008م الموافق 02 ربيع الثاني 1429هـ

قرينة العالم

هناك اعتقاد بأن العولمة هي الهبة التي أنعم الله بها على العالم كي ينتقل الفكر والعلم ما بين خطوط الطول والعرض بشكل أكثر سلاسة؛ إلا أن بدايتها كانت كسيناريو تسويق عالمي، مثاله خدعة تسويق السجائر، التي تم التسويق لها في بداية ظهورها على أنها مظهر للرجولة، وذلك عبر صورة البطل القوي والجذاب، الذي يؤدي المهمات، ومن ثم ينعم بتدخين سيجارته، في عملية ربط ذهني ما بين قوة هذا الرجل وتدخينه.

العملية تمت بتحديد القطاع المستهدف، وخلق الرغبة لديه، وكانت المسألة تتخذ عدة أشكال من التسويق، كان أبسطها في هيئة الإعلانات المباشرة، وأكثرها تعقيدا أتى في صورة مشاهد تنقلها السينما، التي كانت قناة بث ثقافة التدخين في الغرب حينها، وخصوصا مع تصوير الممثلين والممثلات المشهورين في أفضل أوضاعهم جاذبية، وهم يقومون بالتدخين.

قياسا على هذه التجربة، نجد أن دخول السينما والتلفاز للمنطقة، قد أثرا في نمط حياة المجتمع، الذي تدرج في استهلاك السلع التي يتم توجيهها بصورة غير مباشرة، وتغيرت طريقة لبسه ليرتدي الجينز بدل الثوب، ويتلذذ بالوجبات السريعة تجاوبا مع صورة الإحساس الذي ينقله الممثل وهو يتناول «الهامبورغر»، وهو يستمع لإيقاعات أجنبية، ضمن نمط حياة وعلاقات اجتماعية غربية بالكامل بصورتها التي ترسخت في ذهنه، كونها رائعة.

تلك هي كذبة العولمة، الكذبة التي جاءت لتغطي الاستغلال التجاري البحت، الذي قادته بعض الدول في صورة خفية وغير مباشرة، دخلت به عقول مجتمعنا عبر الكثير من الوسائل الممتعة والمسلية، لتجعل لها في السوق العربي منفذا لبيع علاماتها التجارية، وخلقوا لنا أعرافا ما كنا لنعرف بها لولا كذبة القرية الصغيرة التي باركناها بكل سعادة ورضا.

لذلك فإن من الأحرى، وحينما نتكلم عن القرية الصغيرة، أن نتميز ماهية المدخلات الفكرية التي تأتينا من جيراننا، علنا نقبل اليوم على فكرة، ونجد في مستقبلنا لها ما لم نقم بحسبانه في السابق.

العدد 2043 - الأربعاء 09 أبريل 2008م الموافق 02 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً