العدد 2046 - السبت 12 أبريل 2008م الموافق 05 ربيع الثاني 1429هـ

سحابة عابرة

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

هذه سحابةٌ سوداء لاشك ستتجاوزها البحرين بفضل حكمتها وتسامحها وتماسكها... واللجوء إلى العقل والاعتصام بأهداب الدين الحنيف.

هذه سحابةٌ عابرة، نسأل الله أنْ يحمي هذا البلد الآمن ممّا ستلقيه من أمطار سوء، فالعنف لا يجر إلاّ إلى عنف، وليس الوقت وقت تبادل التهم بعد أنْ سقط للوطن ضحيتان، شهيدان، قتيلان، سموهما ما شئتم، غير أنّ تسمياتنا وتوصيفاتنا لن ترجعهما إلى الحياة. فالذاهبان إلى رحمة الله لن يعودا، والعبرة بألاّ يسقط المزيد، فالدم خطٌ أحمر، لا فرق بين مواطن ومقيم، ومسلم وغير مسلم، فكلنا أبناء آدم... وآدم من تراب.

إنها لحظةٌ عابرةٌ من زمن الفتنة، وفي زمن الفتنة من السهل أن تعلو الأصوات ويشتد الهياج ويغيب العقل، بينما يعتبر البعض صخب الأصوات ميزانا للحق. فهل البحرين في هذه اللحظة الحزينة السوداء بحاجةٍ إلى رفع الأصوات والانسياق وراء نوازع الغضب، أم للهدوء والاستماع إلى صوت العقل؟ ولماذا ممارسة الوصاية على الآخرين والدفع القسري للاصطفاف في هذا المعسكر الطائفي أو ذاك؟ وهل عليك المساهمة في زيادة إشعال الحرائق أم محاصرتها ومحاولة إطفائها؟

انها إحدى لحظات الفتنة العابرة في سماء بلدنا، وعلى كلٍّ منا أنْ يفّكر بكامل المسئولية كيف نتجاوزها جميعا. لا إعلان المواقف يكفي، ولا الخطابات المهيّجة ولا الدفع نحو مزيد من الاصطفافات. وعندما يسقط شعبٌ في فخّ الفتنة فعليه أن يفكّر بإنقاذ نفسه والبحث عن سبل للخروج.

لا تبحثوا عن كبش فداء يتيم تحمّلوه مسئولية مجتمع كامل متورّط في لعبة الشد والجذب الطائفي، كأن ما يجري حوالينا لا يكفينا للاعتبار. فمازلنا نحذّر من مواقع الخلل في مجتمعنا وسياساتنا وجمعياتنا منذ خمس سنوات... فمَنْ يسمع؟ الآنَ وقد دخلنا في الدهليز المظلم يُطالب البعض باتخاذ مواقف؟ ومتى سكتنا حتى يطالبونا بالكلام؟

إنها لحظة فتنة، والفتنة كما قال الإمام علي (ع): «إذا أقبلت شبّهت، وإذا أدبرت نبّهت، يشبّهن مقبلات ويعرفن مدبرات». ألم يقل الحسن البصري عن الفتنة: «إذا أقبلت عرفها كل عالم وإذا أدبرت عرفها كلّ جاهل»، فلماذا يكثر أدعياء الحكمة والأوصياء على الناس في هذا الزمان؟

لن تجد في هذا الشعب الميّال إلى السلم بطبعه، من يبرّر القتل أو يدافع عن العنف أو العنف المضاد، ولكن الخوف كل الخوف من هذه المزايدات الرخيصة، خصوصا على من يدافع عن الأرض والبيئة وقضايا الإنسان والحيوان في هذا الوطن. فمن يرفض قتل عصفور لن يقبل بقتل بشرٍ من لحم ودم... فكفى مزايدات.

مع ذلك... هناك من لا يريد لهذه الغمامة السوداء أن تنقلع دون أن يستحلبها ويتاجر في سمومها. ومهما تكلمت عن الواقع فأنت متهمٌ مسبقا ومدانٌ حتما، ولن تشفع لك كل مواقفك الوطنية الواضحة على الدوام... ولكن لو كنتَ رخيصا لرضوا عنك.

إقليميا... نحن في منطقةٍ تحوم حولها الفتن، ويكثر فيها التبشير بمشاريع التفتيت والتجزئة، وضرب وحدة الأمة وإشعال الحرائق الطائفية والمذهبية بين شعوبها، وآخر ما نحتاجه مثل هذه المزايدات. ولنتذكر بمنتهى المسئولية كلام عليٍّ (ع) عن الفتن التي «تحوم كالرياح، يصبن بلدا ويخطئن أُخرى»... وقى الله البحرين وشعبها كل بلاء.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2046 - السبت 12 أبريل 2008م الموافق 05 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً