العدد 2059 - الجمعة 25 أبريل 2008م الموافق 18 ربيع الثاني 1429هـ

الدولة الناجحة تدمج مواطنيها في الحياة العامة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الأنباء مؤخراَ تحدثت عن قرب تعيين عضو مجلس الشورى هدى نونو في منصب سفير مملكة البحرين لدى الولايات المتحدة الأميركية، ولأن الأخت هدى من البحرينيين اليهود، ولأنها امرأة، فإن مثل هذا الخبر، سواء كان صحيحا أو إشاعة، يحظى باهتمام المراقبين لأسباب مختلفة. وسوف أتطرق إلى زاوية مختلفة عن النظرة التي يطرحها البعض من أن تعيين يهودية يُراد منه إنجاح حملة من العلاقات العامة في أميركا، فهو أمر لا يعيب الحكومة في شيء إن كان صحيحا. الزاوية التي أود التطرق إليها هي مفهوم «الدولة الناجحة»، وهي تلك الدولة التي تستطيع إدماج جميع مكوناتها المجتمعية في الحياة العامة، سواء كان أحد المكونات أقلية أو أكثرية، أو بين هذا أو ذاك.

الدولة الناجحة هي التي تستطيع أن تغير وتؤثر في سلوك المجتمع، وأن تجذبه نحو اتجاه محدد، عن طريق الإقناع والإكراه. ولا توجد دولة تستغني عن الإكراه، ولذا فإن الدولة الديمقراطية هي التي تستخدم الإقناع أكثر من الإكراه، والدولة الدكتاتورية تستخدم الإكراه أكثر من الإقناع. فالدولة تحتكر الاستخدام المشروع للقوة، وتحتكر حق إصدار وحماية العملة الوطنية، وتسيطر على المنهج التعليمي بشكل يؤهلها لإنتاج نوعية من المواطنين الذين يفكرون بصورة متقاربة... والبحرين تمتلك كل مقومات الدولة الناجحة فيما يتعلق بتوجيه السلوك العام للمواطنين... فمثلا، عندما تم تغيير مسمى البحرين من دولة إلى مملكة في العام 2002، تمكنت الدولة عبر جهازها التعليمي من تغيير ثقافة الناس خلال أقل من سنة بحيث لم يعد أحد يتذكر مسمى «دولة البحرين»، وأصبح الجميع يلهج باسم «مملكة البحرين»، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على وجود دولة قوية وناجحة.

البحرين أيضا دولة ناجحة عندما تقرر إدماج فئة من المجتمع في الحياة العامة، ودليل ذلك أن الأقليات، ومن بينها الأقلية اليهودية مندمجة بشكل كامل ومن دون أي مشكلات... بل إن اليهود البحرينيين على رغم قلتهم فإنهم حاضرون في مراكز القرار - وهذا حقهم بصفتهم مواطنين - ومن المحتمل أن تمسك إحدى اليهوديات واحدا من أهم مناصب الدبلوماسية البحرينية المتمثلة بسفارتنا في واشنطن. وهذا يحسب للبحرين بصفتها دولة ناجحة استطاعت أن تدمج البحرينيين اليهود في الحياة العامة.

غير أن هناك من الرسميين من يكرر بأن الدولة لا تستطيع إدماج إحدى طوائف الوطن، وتحديدا الشيعة، في الحياة العامة. ويستدل هؤلاء بتاريخ سياسي شابه الكثير من المشكلات والمغالطات... وهؤلاء كأنهم يتهمون الدولة البحرينية (التي يمثلونها) بأنها دولة فاشلة، وهؤلاء أيضا لا يتحدثون عن أمور مشابهة حدثت في التاريخ وتتعلق بمكونات أخرى من مجتمع البحرين. وقد كان مندوب الولايات المتحدة الأميركية في مجلس حقوق الإنسان قد سأل أثناء المراجعة الدورية الشاملة في جنيف لملف البحرين الحقوقي في 7 أبريل/ نيسان الجاري عن الخطوات التي اتخذتها الدولة لإدماج الشيعة في الحياة العامة.

إنني من المعتقدين بأن الدولة البحرينية من أنجح الدول، وأن الفشل في جانب سببه عدم وجود إرادة، والدليل على ذلك أنه عندما تتوافر الإرادة لتحقيق أمر ما فإن ماكنة الدولة تعمل المستحيل لتحقيقه. نعم، تفشل الأمور عندما تكون هناك نصف إرادة، ولكن إذا كانت هناك عزيمة جادة لإدماج جميع مكونات المجتمع البحريني في الحياة العامة، فإن مثل هذا الأمر يتحقق، والشواهد كثيرة على ذلك.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 2059 - الجمعة 25 أبريل 2008م الموافق 18 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً