العدد 2060 - السبت 26 أبريل 2008م الموافق 19 ربيع الثاني 1429هـ

مجلس الدروشة والدردشة

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

أصبح مجلس الدروشة والدردشة من أسوأ الأمثلة للتجمعات في البلاد. فهو مثال سيئ للتسيب والإهمال، إذ إن نصف من يجلس تحت قبته مشغولون بمواعيدهم وسفراتهم وامتيازاتهم وتقاعدهم، وأنواع سياراتهم التي انتخبوها، ومشغولون بكل ما يتخذونه ملهاة عن أعمالهم الحقيقية.

أصبح مجلس الدروشة والدردشة مثالا سيئا للانقسام الطائفي بدلا من أن يكون وطنيا جامعا ومظلة للجميع. أضحى مظلة للطائفية، بل ومشرّعا لها وحامي حماها! فلكل ملّة وعقيدة إمامها في هذا المجلس، ولكل اتباع مذهب ممثلهم الخاص، ولكل عرق وكيلهم الحصري... إلخ من تفرقة وشرذمة. فما فائدة «المخاسير» الحكومية على كتب ومناهج التربية الوطنية؟ وما فائدة البرامج التلفزيونية التي تتحدث عن المواطنة؛ وأن الوطن للجميع؟

لم تفلح برامج المواطنة ومناهج التربية الوطنية في تربية جيل واسع من المواطنين البحرينيين؛ بل كان أثر الدراويش الكبار على المجتمع البحريني كبيرا، حتى تخرجت أجيال تحمل بين جنبيها طائفية، ويعتمل فكرها بخطط ومكائد للوقيعة بين الطوائف، والوصول إلى حال الاحتراب الأهلي والفتك بالمجتمع البحريني!

أصبح هذا المجلس مثل سوء في قلة الذوق والأدب واللياقة، إذ يلقى على البحرينيين في كل جلسة أسوأ الكلمات النابية والجارحة، فهذا يعيّر ذاك بأصله غير العربي، وآخر يغمز ضد طائفة بأسرها، وغيره يهزأ بأتباع مذهب معين... إلخ. ثم يخطب أحدهم (وغالبيتهم من الدراويش) عن الأخلاق الإسلامية والخلق الرفيع، وأن قدوتنا محمّد (ص) وآل بيته وأصحابه (ر)!

لا علم لدي إن كان محمّدهم غير محمّدنا؟ فنبيّنا محمّد (ص) هو الذي كان خُلقه القرآن، وقد أدّبه الله فأحسن الله تأديبه. فمن هو قدوتهم الذي يقتدون به إذا؟

أصبح هذا المجلس أفضل مبرّر لغياب الضمير والوازع الديني، وهو مثال سيئ للغش والتزوير، فقد وافق من يتصف بمسمى «الإسلامي» على استخدام وسائل الغش والتزوير، متذرعا بأن الغاية تبرّر الوسيلة، ومادامت الغاية خدمة الدين والعقيدة والتوحيد والطائفة؛ فإن الغش والتزوير مباح حلالا زلالا!

أصبحت الدروشة أسّ هذا المجلس وركنه الركين. وغدا كل حزب بما لديهم فرحين. إذ بقدر ما تكون دغدغة المشاعر وإثارة العواطف يكون لديهم رصيد جماهيري، إذ ليس مهمّا أن تكون صادقا بقدر ما تكون صارخا بأعلى صوتك في أيّ أمر كان! فالصراخ خير وسيلة لكسب تأييد وتصفيق الجمهور!

أصبح هذا المجلس مثلا سيئا في نقائض الأخلاق الفاضلة والقيم العالية الرفيعة التي يتصف بها الشعب البحريني. إذ يُنتصر فيه للظالم، ويؤتمن الخائن، ويصدّق الكاذب، ويُقتصّ من المظلوم، ويخوّن الأمين، ويكذّب الصادق... هذا من حديث نبيّنا محمّد (ص). وهذا ما ينطبق بحذافيره على هذا المجلس، الذي ينضح بأبطال المسرحيات التي تحاك سيناريوهاتها في الظلام وخلف الكواليس بعيدا عن أعين الناس.

أليس مثل هذا المجلس وبالا وشرا محضا على المجتمع البحريني؟ إن لم يكن كذلك - وهو كذلك - فماذا يسمّى ما يدور في المجلس من صراخ وسوء خلق وأحابيل سياسية وفتن طائفية وسباب وشتائم ومكايد؟! هل يشرّف البحرين أن يكون بها مجلس للدروشة والدردشة كهذا المجلس؟!

«عطني إذنك»...

قال أبوالطيب المتنبي لمّا أوغر الوزير ابن كرّوس الأعور صدر الأمير بدر ابن عمار بوشاية كذب فيها عليه:

وأنهُ المشير عليك فِيَّ بضلـةٍ

فالحـرّ ممتحـنٌ بأولاد الزنَا

وإذا الفتى طَرحَ الكلام مُعرِّضا...

في مجلسٍ أخذَ الكلام اللذ عنَا@

ومكايدُ السفهاء واقعــةٌ بهم

وعداوةُ الشعراء بئسَ المقتنى

@اللذّ عنا: الذي يعنيه الكلام

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 2060 - السبت 26 أبريل 2008م الموافق 19 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً