العدد 2063 - الثلثاء 29 أبريل 2008م الموافق 22 ربيع الثاني 1429هـ

صيحة يوم السبت

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أول ردود الفعل الأجنبية على خبر مظاهرة السبت الماضي، ما نشرته الصحافة الكندية، تحت عنوان: «بحرينيون يعارضون فتح سفارة في بغداد ويرفعون صور بن لادن».

الخبر الوارد من المنامة، يقول إن قياديا في مجموعة تدعم «القاعدة» قال إن بحرينيين عارضوا فتح سفارة في بغداد، حملوا صورا لأسامة بن لادن، وأحرقوا أعلاما أميركية، وقاموا بقطع رأس دمية لمجندة أميركية خلال المظاهرة.

ويضيف الخبر أن ثمانين بحرينيا احتجوا في العاصمة المنامة، وحملوا شعارات للتنظيمات المسلحة التي تقاتل في العراق، بما فيها القاعدة، وأن الناطق باسم حركة «عدالة» السنية المتشددة (ع هـ) التي نظمت المظاهرة، دعا السلطات البحرينية لعدم إعادة فتح السفارة في بغداد (كما جاء حرفيا)، وأن العراق ليس بلدا ذات سيادة، لأنه تحت الاحتلال الأميركي.

الخبر يضيف أن المسئولين العراقيين والأميركيين مارسوا ضغوطا على بعض الدول العربية لتفتح سفاراتها في بغداد، وأن الجماعات المسلحة السنية كـ «القاعدة» التي لا تثق بالحكومة العراقية الشيعية، هددت الدول العربية بعدم فتح السفارات، وأن أكبر حادث تفجير سيارة مفخخة ضرب السفارة الأردنية وقتلت 19 فردا، بينما تعرض الدبلوماسيون من مصر والبحرين وتركيا والإمارات إلى القتل أو الإصابة أو الخطف في العراق.

هذا أول ما نُشر في الصحف الكندية، والخبر الذي مرّ في الظاهر مرور الكرام، ستكون له تداعياته وانعكاساته، إن على المستوى المحلي أو الخارجي. فالصور التي نشرت لشبان مقنّعين في عاصمة خليجية، يتباهون برفع شعارات تنظيم محظور وملاحَق عالميا ليس بالخبر العابر. كما أن تمثيل عملية قطع لرأس دمية لجندي أو مجنّدة أميركية، ليس من الأخبار التي تنام عنها الدول الحليفة. ولا ننسى أن التعاون الأمني و «محاربة الإرهاب» على رأس مطالب الجانب الأميركي أو حلف الناتو من دول المنطقة. فمهما التقت مصالح بعض الأطراف على تجاهل الخبر أو التهوين منه، فإنه لن يمرّ مرور السحاب.

هذا على البعد الدولي الذي لا نملك معه حولا ولا قوة، أما إقليميا، فإن مثل هذا العمل من شأنه أن يثير حفيظة أقرب وأعز الأشقاء، الذين يلعبون أدوارا كبيرة في محاربة الإرهاب، وخصوصا الذين تعرّضوا لضرباته ودفعوا ثمنا باهظا لمحاربته على مدى الأعوام الأخيرة. فما يتفاعل تحت الرماد عكس ما يتراءى للمرء هادئا فوق السطح.

محليا... فإن الحدث يمثل جرس إنذار خطير، لما آل إليه الوضع من استسهال إزهاق الأرواح، والتمثيل بالجثث، والمناظر المرعبة التي كنا نشاهدها في التلفاز عن أفغانستان والعراق والصومال، وفي رواندا وبوروندي والكونغو وكينيا.

من الناحية النفسية، فإن منظر قطع رأس بشري، حتى لو كان تمثيلا، فيه من البشاعة ما يكفي للتقزّز والاستنكار، كائنا من كان الناحر والمنحور، ولأي سبب أو مبرر كان. وهو على كل حال ينذرنا بأن خللا فادحا في منظومة القيم والمفاهيم الزاحفة على عقول أبناء الجيل الجديد، يبتعد بهم عن النبع المحمّدي الذي كان يحذّر من المُثلة ولو بالكلب العقور.

إنه جرسُ إنذار، لعلنا نتأمل ما قاله أحد البلغاء: «لم يُوجس موسى خيفة على نفسه، أشفق من غلبة الجهال ودول الضلال. اليوم تواقفنا على سبيل الحق والباطل. وُقر سمعٌ لم يفقه الواعية».

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2063 - الثلثاء 29 أبريل 2008م الموافق 22 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً