العدد 2071 - الأربعاء 07 مايو 2008م الموافق 01 جمادى الأولى 1429هـ

نداء من القلب إلى عبدالعزيز أبل

خالد المطوع comments [at] alwasatnews.com

لا أنكر أنني حينما علمت بفوز الشخصية الوطنية القيادية، والرمز السياسي عبدالعزيز أبل في الانتخابات البرلمانية 2006 قد اغتبطت وتفاءلت كثيرا بفوزه هذا مُعتبرا إيّاه خير وصول لخير ممثل للشعب البحريني، وربما هو أحسن سلوى ممكنة لقوى المعارضة السياسية الوطنية التي خسرت بعدم وصول جميع أعضاء القائمة الوطنية للتغيير (وعد)، كما هي خسرت أكثر من كونها قد ربحت حينما وصل إلى البرلمان 17 نائبا وفاقيا ليس لسبب لهذه الخسارة سوى أن هذه الإضافة كانت إضافة مرصوفة طائفيا داخل إطار برلماني مصمم ومهندس وكأنما هو جسم غريب ومريع في البلاد يُثير مختلف أنواع الحساسيات الطائفية والإثنية في البلاد!

كما أنني لا أنكر أنني وكغيري من أبناء هذا البلد تشرفنا بحضور حفل افتتاح المقر الانتخابي للنائب عبدالعزيز أبل، والذي كان في تصميمه وتنظيمه احتفالا «وفاقيا» ووفاقيا بامتياز لكونه كان أشبه بزفة وطنية لشخصية وطنية كبرى لا ينكر فضلها على العمل السياسي الوطني إلا جاحد ومفترٍ، ومن استمع حينها لخطبة الشيخ علي سلمان وكلمة عبدعلي محمد حسن ليعي ما أرمي إليه، وما أدّى حينها إلى احتجاج من قبل بعض المحسوبين على التيارات اليسارية حول البعد «الوفاقي» - الديني الفاقع في الاحتفالية تلك، وهو ما أدى للأسف في حينه وفي وقت متزامن إلى استفزاز وإثارة من قبل أذرع الفتن في الشارع الآخر فتداولت حينها الإشاعات المغرضة بشأن عزيز أبل وكأنما هو «حصان طروادة» مهيأ من الطرف الآخر!

وقد أخبرني وأخبر أبل الكثير بأنّ هناك جماعة محسوبة على «السلف» قد دعمته في الانتخابات أيضا وهنالك إخوة مواطنون من أصول عربية منحوه أصواتهم ولم تكن حصيلة الأصوات «وفاقية» فقط، وقد كان موقفي حينها على الضد وكنت أدعو إلى التريّث والتأني خيفة الوقوع في ظلم عبدالعزيز أبل كما اتجه إلى ذلك الكثير من الإخوة في ساحة المعارضة الذين اعتبروا أن هنالك تغييرا راديكاليا لافتا قد طرأ على أبل منذ وطئه حافة البرلمان «النحس»، وبأنه أصبح صاحب الموقف الشهير بالامتناع عن التصويت، وأنّ لغته وخطاباته السياسية قد خفت حدتها كثيرا إمّا لقناعة داخلية أو لعدم وجود جهاز إعلامي حقيقي يُساند أبل ومواقفه أو ربما لتعرضه لإحباط شديد مع زملائه ورفاقه، بل أنّ توزيع الاتهامات المثيرة للجدل وإلقاء المزيد من الظلام على النائب عبدالعزيز أبل لم تتوقف إلى درجة انتشرت في حينها نكتة ومزحة سوداء تقول «يبدو أنّ عبدالعزيز أبل سار على خطى عبدالعزيز الشملان كما سار عبدالرحمن النعيمي على خطى عبدالرحمن الباكر» وكأنما هنالك مشكلة في التسمية، وهو ما ساءني كثيرا لاعتبارها تجن وتسرع من دون دليل وحجة داعمة، وخصوصا إنْ أتت التهجمات من قبل من «اللي يسوا» و»اللي ما يسوا»، وإنْ أتت غيرها من انتقادات من أصحاب المنة الأولى بأنْ ينتقدوا أنفسهم قبلها!

ولكنني ما لا ولن أستطيع أنْ أنكره هو أنّ خروج وانسحاب النائب أبل من المؤتمر الدستوري مهما تكن النوايا والمقاصد والظروف من وراء ذلك قد شكلت بامتياز اغتيالا ونحرا للمؤتمر الدستوري ولقضية التعديلات الدستورية كقضية وطنية، وأرجو ألا أكون متسرعا في حكمي على ذلك، فنحن لا ننكر أنّ حجم هذا الخروج الكبير إلى جانب مسئوليات أخرى من قبل أطراف عديدة قد أصاب القضية الدستورية بمقتل بعد ما كانت المطلب الأهم وبمثابة أم القضايا ومفصل جميع المفاصل!

أما بالنسبة إلى أدائه السلبي منذ دخوله العمل البرلماني فهو للأسف ساهم في إبعاده كثيرا وربما أحرق أرصدته السياسية وإنْ كانت أرصدته من ذهب، فأصبح أبل بموقعه البرلماني هذا أقرب إلى التورّط من التطور، وأقرب إلى الصفر السالب من أن يكون «حمامة سلام» أو «خيزرانة مرنة» قبل أن يكون أصلا صفرا موجبا!

للأسف بات عزيز أبل وهو الذي يعد النائب الأكثر امتلاكا للكفاءات العلمية والعملية بحسب خبراته المشهود لها، وصاحب السجل الأوسع والألمع في العمل السياسي الوطني بات في الوقت ذاته صاحب الحضور المعنوي الأكثر تواضعا وتقلّصا في ميدان «المجتمع المدني» و»البرلمان»، فمَنْ يعرف أبل وتصريحاته وخطاباته النارية

أيام المؤتمر الدستوري وأيام ندوات نادي العروبة وندوات المقر الانتخابي، ومَنْ يعرف مواقفه ومبادراته الوطنية المنجزة والحاضرة بقوّة حينها؛ ليعزي نفسه بوصول عبدالعزيز أبل إلى برلمان أساء له كثيرا وكأنما أظهره لدى التلقي الشعبي العام للأسف في مظهر «شاهد ما شافش حاجة» أو الأمر أشبه بدعوته للمشاركة بقامته الوطنية السامقة ورزانته وحنكته في مسرحية «مدرسة المشاغبين»!

لا يخفى على عبدالعزيز أبل أنّ هذا البرلمان هو برلمان طائفي ونضاح ومرشة للطائفية بامتياز بسبب الكثير من المسلمات اليقينية المرتبطة بتوزيع الدوائر الانتخابية وبمستوى الوعي الشعبي والحراك السياسي الوطني، إن لم يكن «البرلمان» لدى البعض هو ألعوبة طائفية يدفع ثمنها غاليا الشعب الذي بات النواب وكأنما هم يقتاتون من قوت يومه ومن قوت أمله وقوت حلمه بغد أفضل وبعدالة وبانصاف مستحقين، أو هم «النواب» يتسلقون سياسيا؛ ليصلوا على حسابه وحساب قضاياه من دون أن يقدموا له شيئا يستحق الذكر، وما مسألة التعاطي مع الاستجوابين إلا نموذج يدلل على ما ذكرت آنفا!

كما لا يخفى عليه وهو يعد أبو المسألة الدستورية بامتياز بأنّ الصلاحيات المتواضعة لأعضاء السلطة التشريعية والبيئة الملوثة والملتاثة للعمل التشريعي البحريني، علاوة على عدم أو سوء تعاون الأطراف التنفيذية في كثير من الأحيان لكفيل لوحده بجعل هذا البرلمان خير محرقة سياسية واقتصادية واجتماعية متكاملة!

وختاما لمقالنا هذا فإنني أدعو النائب عبدالعزيز أبل الذي أكنّ له معزة واحتراما كما أكنها لوالدي الغالي، أدعوه بحرقة قلبية وبغصة روحية إلى أن يقدم استقالته من البرلمان الذي أساء له كثيرا أداء وموقعا عسى ألا يفوت الأوان، وأن يخرج نفسه من هذه الورطة والألعوبة و»البهدلة» الطائفية التي يشعر الكثير بأنها معدة سلفا لتضليل الشعب عن قضاياه، فيعود إلى ساحة وميدان الشعب التي خرج منها رمزا بدلا من أن يحسب في التلقي الشعبي العام على أنه كان من بين من وصل وعاش واستفاد على حساب الشعب من دون أن يقدم له شيئا يذكر كحال «نواب الشعب» وهو ما لا نتمناه له أبدا.

اخرج من بين هذه «المسرحيات» التي لا تليق بك يا عزيز منتصرا وأنت دوما الأعز.

إقرأ أيضا لـ "خالد المطوع"

العدد 2071 - الأربعاء 07 مايو 2008م الموافق 01 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً