العدد 2071 - الأربعاء 07 مايو 2008م الموافق 01 جمادى الأولى 1429هـ

نُعُوشُ المالِكي

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

حكومة نوري المالكي هي حكومة منتخبة، لكن ذلك لم يمنع من أنْ يتحوّل رئيسها إلى رجل ناكث للعهد كما يرى التيار الصدري.

ملاءة حكومته لم تعد كافية لستر بؤرة الفساد الناجز في النظام السياسي. فهي قبل ذلك حكومة وارثة ومُورّثة لمُشكِل العراق ونُكافه منذ أن أفسده البعث قبل ثلاثين عاما.

لا أستطيع فهم جنوح المالكي نحو النَزَقِ السياسي، واستطابته البارود وتجهيز النعوش، وتصيّره بلا إدراك نحو صيغة حكم تعبق في القَسْط. فماضيه النضالي العريق لم يكن أكثر من معاندة أبيّة لما يقوم به اليوم.

مضى الآنَ أكثر من شهر ومدينة الصدر تندب أبناءها رافعة المِجْلَد. من تشظّت أبدانهم أو تفحّمت في ساحة الحمزة أو في شارع الجوادر أو في مستشفى الصدر المركزي لم يكونوا فقط رجالا أشدّاء؛ بل في أغلبهم نسوة ثكلى وأطفال حَرَّى. المصادر الطبية تقول إن ثلاثين يوما من معركة الدم والسيف حصدت أكثر من ألف قتيل وثلاثة آلاف جريج!.

لن نتحدّث عن حقّه في قتال الميليشيات المسلّحة الخارجة عن القانون وعن نيّته بسط الأمن الرسمي، وإنما عن إجباره المدنيين غصبا على تجرّع فصول المعركة. وعن تخريجاته لآلة المحتل في دكّها للبيوت الآمنة، ثم عجزه عن قبول السلم السياسي مع الصدريين.

شخصية المالكي يُمكن تشريحها جيّدا . فهو يسعى إلى ترميم حكومته عبر التعبّد بالقوى المناكفة له بطريقة غير مفهومة. في حين لا يعبأ حين يتنصّل مما ألزم نفسه به مع الصدريين، بل ويتمالأ عليهم بعد أن جاء إلى الحكم عبرهم، واستقوى ضد خصومه بسلاحهم.

إن تحدّث المالكي عن فساد وأتاوات يفرضها الصدريون على أهالي مدينة الشعلة إدعاء، أفلا يحقّ لهم أنْ يسألوا حكومته: أين هي من الـ 250 مليار دولار التي ضاعت بسبب الفساد المالي والإداري والتي أعلنت عنها هيئة النزاهة العراقية؟

وأين وصل التحقيق في صفقة المروحيات الثماني التي بيعت كخردة والتي تورّط فيها ضابط أمن كبير يعمل إلى جانبه اليوم؟

وإنْ تحدّث المالكي عن معسكرات السلاح لدى الصدريين، فلهم أنْ يسألوه عن معسكرات كامب فيكتوري وليبرتي وسلاير وسترايكر في المنطقة الخضراء والموصل والرمادي. وعن معسكرات الصحوات في العامرية وبعقوبة والمقدادية، وعن معسكر أشرف الذي تسرح فيه منظمة مجاهدي خلق الإيرانية الإرهابية.

منذ أن شَغَلَ المالكي الصدريين بمعركته الأخيرة، بدأت تتعاظم صغائر الشرر. فقبل أيام اكتُشفت ست جثث لطلاب جامعيين خُطفوا في ناحية النفافشة جنوب بلدة بلدروز، وخمس جثث أخرى مجهولة الهوية لمدنيين أعدمتهم القاعدة في منطقة البوموسى شرق المقدادية، والعثور على مقبرتين جماعيتين تضمان رفات مئة شخص في قرية العبّة قرب بعقوبة.

مرصد الحقوق والحريات الدستورية العراقي أعلن خلال الأسبوعين الماضيين أن 5803 من حوادث العنف وقعت في العراق خلال شهر إبريل/ نيسان الماضي، أسفرت عن مقتل 1309 أشخاص وإصابة 3108 آخرين، واختطاف أكثر من 80 شخصا، والعثور على 330 جثة مجهولة الهوية، فضلا عن اعتقال 967 شخصا.

ومن له أدنى دراية بملف العراق الأمني يُدرك؛ أنّ اختلال أمن الطوائف في العراق هو بتصدع أكتافها لسبب واحد وبسيط وهو تحولها إلى مُركّب عضوي داخل المنظومة الأمنية. ورغم أن هذه المعادلة هي معادلة أمراء الطوائف؛ إلاّ أنها تبقى أحد مُكوّنات عراق اليوم.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 2071 - الأربعاء 07 مايو 2008م الموافق 01 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً