العدد 2080 - الجمعة 16 مايو 2008م الموافق 10 جمادى الأولى 1429هـ

الذهب الأسود... إلى أين؟

مجيد جاسم Majeed.Jasim [at] alwasatnews.com

.

المتتبع للأخبار الاقتصادية يلاحظ قلق دول العالم المستوردة للطاقة غير المتجددة من الارتفاع التصاعدي لسعر برميل النفط إلى مستويات قياسية بل تاريخية كل يوم. فمن كان يصدق أن سعر برميل خام النفط في السوق الأميركية سيرتفع من 25 دولارا في مطلع الربع الأخير من العام 2003 إلى ملامسة سعر 126 دولارا قبل منتصف العام 2008، بل من المتوقع أن يرتفع السعر إلى نطاق 150 - 200 دولار في العام 2009 بحسب توقعات المحللين الاقتصاديين في بورصات الطاقة العالمية. وهناك تصور من قبل عدد لا يستهان به من المحللين أن عهد النفط الرخيص انتهى وأن العالم يجب عليه الرضوخ للمعادلة الجديدة لأسعار الطاقة.

النفط يعتبر من أهم السلع الاستراتيجية منذ بداية الثورة الصناعية بل يعتبر المحرك الرئيسي للتقدم الحضاري الحالي. لذلك من المفيد معرفة أسباب الارتفاع المذهل لقيمة هذه السلعة في الوقت الجاري على رغم عدم حدوث حالة حرب إقليمية وخصوصا في منطقة الشرق الأوسط. فسعر النفط ارتفع في مطلع السبعينيات بسبب الحرب بين العرب والإسرائيليين ومن ثم وصل الى مستويات تاريخية في مطلع الثمانينيات بسبب الثورة الإيرانية والحرب العراقية - الإيرانية. لذلك يمكن القول إن هناك علاقة وثيقة بين سعر النفط واستقرار منطقة الشرق الأوسط.

في الفترة الحالية توجد توترات دولية ونقاط قابلة للاشتعال في هذه المنطقة، لكن لم يتم استخدام القوة منذ انتهاء حرب العراق. لذلك يمكن اعتبار أن معظم أسباب الطفرة الحالية اقتصادية وليست سياسية بل المفترض أن أي تحرك عسكري سيؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات غير مسبوقة.

مسببات الارتفاع الحالي لسعر النفط يمكن إرجاعها الى انخفاض قيمة الدولار الأميركي بسبب السياسات الاقتصادية للولايات المتحدة، المضاربات في بورصات النفط من قبل المؤسسات الرأس مالية، استمرار نمو الطلب من قبل الدول النامية كالهند والصين، زيادة سكان العالم، وأخيرا شيوع نظرية ذروة النفط في الأوساط العلمية والاقتصادية بالنسبة إلى حقول النفط الضخمة. السبب الأخير يفترض وصول الإنتاج النفطي من الآبار العملاقة في العالم الى الحد الأقصى ومن ثم ستبدأ عملية خفض الإنتاج من تلك الآبار وسيصعب بالتالي ضخ الزيت الخام منها.

بالإمكان الاستدلال إلى أسباب الارتفاع المستمر لقيمة النفط الخام بقراءة معمقة لبعض الأرقام، فالعالم يستهلك في اليوم 86 مليون برميل من الخام أي تقريبا 1000 برميل كل ثانية. وعدد الحقول النفطية في العالم حاليا يبلغ 47,500 حقل تقريبا، لكن نصف الانتاج الفعلي يأتي فقط من 120 حقلا نفطيا ضخما.

بالنسبة إلى أكبر مستهلك للنفط ألا وهو الولايات المتحدة فقد وصل أقصى إنتاج نفطي سنوي لحقولها العام 1970 نحو 3.5 مليارات برميل ثم انخفضت تدريجيا حتى وصلت إلى 1.8 مليار برميل العام 2006.

لذلك من الممكن الاستنتاج أن سعر الزيت الخام لن يرجع الى مستوياته التاريخية المنخفضة خلال فترة التسعينيات. فالمنتجون المرنيون ليسوا قادرين على إشباع ظمأ المستهلكين ونسبة إحلال الطاقات المتجددة محل الهيدروكربونات ليست بالكبيرة وتحتاج إلى استثمار بعيد المدى من قبل الدول الكبرى، لذلك من المتوقع محافظة النفط على أسعاره المرتفعة لفترة طويلة.

إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"

العدد 2080 - الجمعة 16 مايو 2008م الموافق 10 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً