العدد 2080 - الجمعة 16 مايو 2008م الموافق 10 جمادى الأولى 1429هـ

أصحاب الشوارب «يُحجِّبون» المجالس الذكوريّة بالخليج

مجلس الأمة الكويتي القادم لن يختلف عما سبقه من مجالس إلا في حالتين: أن تخترق المرأة الستار الحديد الذي فرضه الرجل على حصيلة المقاعد الخمسين، والثانية أن يفرز نظام الدوائر الخمس المعمول به للمرة الأولى في تاريخ الحياة الديمقراطية وجوها جديدة تحل محل الأسماء المكررة والرموز المخضرمة التي توقفت عن التجديد منذ زمن، وربما ذلك يضفي جوا من الحيوية ويغير قواعد اللعبة البرلمانية.

ظاهرة «السقوط» في انتخابات 2006 للمرأة الكويتية كان الاختبار الأول لها، ولكنه أحدث حالة من الصحوة عند قواعد أهل البيت الخليجي الذين باغتتهم النتائج، فراحوا يعلّلون «الهزيمة» فيما يشبه إبعاد الكأس عن صاحبها حتى لا يصاب بالسكتة الدماغية المفاجئة!

البعض رأى أن الشارع الخليجي مازال يحركه الدّين، والحركات الأصولية التي تجيد تنظيم صفوفها الذكورية والأنثوية معا، وهو ما يشكل عائقا أمام «المرأة» غير المنتمية لتلك التيارات، وهي أصلا تستبعد إدخال العنصر النسائي في العملية الانتخابية والسياسية... ولكن بعد إعطائها حق الترشيح والتصويت لم يعد التحييد مجديا، فصار التوجه نحو توظيف قدراتها بالتصويت فقط من قبل الجماعات الإسلامية بعيدا عن الترشيح.

رأي آخر يعتقد أن المجتمع الخليجي عموما لم يستوعب بعد إشراك المرأة كعنصر فعال في الحياة السياسية، ولم يهضم وجودها كمنافس لاعتبارات تتعلق بالمفاهيم والعادات والتقاليد والنظر إليها كعنصر «ضعيف» في المعادلة السياسية والحياتية!

ربما كانت الكويت الحالة الاستثنائية في المنطقة، والاستغراب هنا ينسحب على أن أول ديمقراطية في الخليج كانت هي آخر «المعترفين» بحقوق المرأة السياسية والمدنية، وأن هذا المجتمع وتلك التجربة سقطت بالضربة القاضية من أول مباراة تخوضها العام 2006 عندما لم تستطع سيدة واحدة تحقيق الفوز بالانتخابات.

اليوم لم تعد المسائل مغلقة تماما فمنافذ التغيير لاحت في الأفق وبنماذج محدودة في البحرين وعمان والإمارات، وهي نماذج ستفتح الأبواب قليلا للآتي من الأيام الذهاب للاقتراع المنتظر في كل من قطر والإمارات بالعام 2009 وفي الكويت الشهر الجاري.

وكما درجت العادة على القول إن وجود المرأة في البرلمان يعني بُشرى خير للبلد الذي تنتمي إليه، وعلامة على المشاركة السياسية للنصف الآخر من المجتمع، فالديمقراطية تبقى ناقصة إذا لم يتسن لسيدة أن تحجز لها مقعدا في مجلس منتخب من الشعب.

وبحسب تقرير للاتحاد البرلماني الدولي فقد أظهرت النساء في الدول العربية أسوأ أداء لهن في العامين الماضيين على رغم أنهن يشكلن 16.3 في المئة من أعضاء البرلمان في العالم عام 2006، ورغم أن متوسط نسبة اشتراك النساء في برلمانات الدول العربية بلغ 9.6 في المئة.

وماذا عن هذه المساحة الخليجية من العالم، كم امرأة نجحت بأصواتها؟ وكم سيدة وصلت إلى مقاعد المجالس البلدية والشورى والوطني؟ وهل نالت هذه العضوية بالتزكية أم بالتعيين أم بنظام الكوتا؟ ولماذا هذا الفشل المتنقل بين عواصم مدن الخليج العربي؟

حسن القول إن المرأة مازالت بخير والطريق في بداياته، فعلام اليأس وطرح الأسئلة التشاؤمية؟

هناك دول عربية لها تاريخ عريق بالانتخابات النيابية والممارسة الديمقراطية ومع ذلك لم تحظ فيها المرأة من المرة الأولى أو الثانية بالفوز، بل انتظرت سنوات وعقود لنيل النجاح، ولم تعرف طعم التألق السياسي اعتمادا على نفسها بل كان الفوز عائدا لاعتبارات أخرى تتصل بالانتماء لأحد البيوتات السياسية المتوارثة، أو بالزوج الذي ترتبط به وتتعرض للموت أو الاغتيال كما هو الحال في لبنان، أو ربما بالحزب الذي يأتي بها لتكملة الديكور الديمقراطي كما في مصر.

فالأردن منح المرأة حق الترشيح والانتخاب العام 1974 وانتظر 33 عاما ليسجل فوز أول امرأة بالانتخابات النيابية التنافسية العام 1993، أما مصر «أم الحضارات» فلم تفز فيها امرأة بمقعد بمجلس الشعب إلا بعد 19 سنة من إعطائها حق الانتخاب والترشيح العام 1957.

صحيح أن المشاركة السياسية للمرأة في بلدان مجلس التعاون الخليجي مازالت متواضعة وبالحدود الصغرى من النجاحات، ولكن لو نظرنا إلى عمر التجربة مقارنة بحجم النتائج لكان الحكم عليها أرحم من القسوة التي يبديها عدد كبير من السياسيين الذكور والإناث أيضا.

نتحدث عن تجربة عمرها يتراوح بين العام 1994 في سلطنة عمان والعام 1998 في قطر والعام 2006 في الإمارات والعام 2006 في الكويت، أي أنها تجربة وليدة تحتاج إلى ظروف أفضل لتنضج العملية الديمقراطية، ليس بوصفها ورقة يتم إسقاطها في صندوق الاقتراع بل بجملة من المعطيات المترابطة والمكملة لبعضها بعضا، فالوعي والتعليم والثقافة عوامل مشجعة على التغيير، وهذا ما سيظهر مع تقادم الزمن.

وعلى رغم ذلك نجحت شيخة الجفيري بأصواتها ونالت أعلى عدد من الأصوات بالانتخابات البلدية بقطر في أغسطس/ آب العام 1998، وتبعتها أمل القبيسي كأول امرأة حصلت على مقعد بالمجلس الوطني في الإمارات العربية المتحدة خلال انتخابات العام 2006 وسجلت المرأة العمانية نصرا في انتخابات مجلس الشورى العام 1994 وبمقعدين، وهؤلاء فزن بالتنافس الحر وبعدد الأصوات، ولم يفزن بالتزكية أو التعيين.

ولكن الحقيقة تقال في هذا المجال وهي إن اليمن سبق كل دول مجلس التعاون على مستوى إعطاء المرأة حق الترشيح والانتخابات، وتسجيل دخول المرأة المعترك السياسي، وفوزها بالانتخابات النيابية التنافسية منذ العام 1990 وبأول مجلس نيابي بعد الوحدة إذ فازت 11 نائبة عن الحزب الاشتراكي، ثم توالت المشاركات والنجاحات بالفوز بثاني مجلس العام 1993 وأيضا عن الحزب الاشتراكي، وفي الانتخابات الأخيرة العام 2007 فازت أوراس ناجي عن حزب المؤتمر الشعبي الحاكم بنسبة أصوات عالية،وكانت النائبة الوحيدة في مجلس الرجال الذي يطلق عليه «مجلس 30 رجلا وامرأة».

العدد 2080 - الجمعة 16 مايو 2008م الموافق 10 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً