العدد 2301 - الثلثاء 23 ديسمبر 2008م الموافق 24 ذي الحجة 1429هـ

الطفل يتعلم كما يعيش

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

أفكار مترجمة من كتابات المفكرة الأميركية دورثي لونولت، تعكس فيها ما يتعلمه الطفل من المجتمع، إذ إنها تكلمت عن شخصية أطفالنا قبل أن يكبر معهم السلوك الذي نغرسه فيهم دون أن نعلم، إذ قالت جمل لها معنى تذكر فيها الآتي:

- حينما يعيش الطفل الانتقاد يتعلم الإدانة والاتهام، مثل استخدام أحد الآباء كلمات سيئة عندما يقول لابنه أنت ثرثار ومهمل، فينتج عنه تطبيق ما يقوله الأب بحذافيره فيصبح مهملا وثرثارا، حتى وإن لم تكن به هذه الصفة، فيتعلم الإدانه واتهام الآخرين بسلوك ليس فيهم.

- حينما يعيش الطفل العداء يتعلم العنف، فحينما يضرب الطفل وتساء معاملته، فإنه يتعلم العنف والضرب والتخريب، ونشاهد هذا المثال حيا في المدارس عندما نجد أطفالنا يقومون بتخريب الكراسي والنوافذ والأدراج والمرافق العامة فإنها تعكس ما يعيشونه وما يشعرون به من عداء.

- حينما يعيش الطفل السخرية يتعلم الخجل، فنحن نسخر من أطفالنا بسبب تصرف قاموا به كتقليد الخطباء أو المذيعين أو المغنين بشكل تلقائي في بعض الأحيان، ولا ندري بأنهم سيعيشون الخجل مدى حياتهم... ويحضرني في مجال السخرية عندما مرت بي موقف تلك الفتاة التي كانت تتكلم بتأتأة مُلاحظة جدا عندما تخجل، فسألت والدتها عن السبب، فقالت بأنها عندما كانت صغيرة قلدت إحدى الفنانات فضربها والدها أمام الناس لأن تقليدها للفنانات حرام، والنتيجة تأتأة وخجل وشخصية مهزوزة تعيشها طوال حياتها.

- حينما يعيش الطفل الشعور بالإثم يتعلم الشعور بالذنب، وكمثال أتذكر ذلك المراهق ذا الأربعة عشر ربيعا والذي يعاني تأنيب الضمير والشعور بالذنب والسبب في ذلك هو أنه وبسبب إهمال والديه تعرض لذلك الموقف الذي أشعره بالإثم، حيث كان يلعب مع أخته الصغيرة ذات السبعة أعوام بعلبة الكبريت، ومن دون قصد منه تسبب في إحراقها وأحداث حروقا بليغة جعلتها مشوهة مدى الحياة، فتعلم هذا المراهق المسكين أن يتذوق ويعيش كل يوم الشعور بالذنب.

- حينما يعيش الطفل التسامح يتعلم الصبر، وفي هذه الجملة الكثير من الأمثلة وإليكم أحدها: تم شتم أحد الأطفال الصغار في الملاهي، فأتى مشتكيا لأمه التي قالت له «الله يسامح من شتمك» فتعلم الطفل التسامح والصبر على من يسيء له، ولكن في حدود بالطبع.

- حينما يعيش الطفل التشجيع يتعلم الثقة بالنفس... أنت عندك القدرة على النجارة لأنك بارع فيها، ما شاء الله على رسمك ستصبح رساما في يوم ما، أنت موهوب في ادخار المال وستصبح محاسبا بارعا في يوم ما، فيتعلم الطفل الثقة بالنفس وحسن التصرف والشخصية القيادية التي نحتاجها في المجتمع، وهو أفضل بكثير من أن نقول له اسكت، أو عدم مناداته باسمه، أو لا تتحرك، أو أي كلمة تؤدي إلى إحباطه وزعزة ثقته بنفسه.

- حينما يعيش الطفل المديح يتعلم التقدير والإعجاب، أنت مميز، أنت مبدع، أنت جميل، أنت فارس، فنرى عندها تلك الشخصية المقدرة لذاتها، والمعجبه بعملها، والتي تعطي الكثير لوطنها.

- حينما يعيش الطفل المساواة يتعلم العدالة، وهذا ما تطالب به جميع المنظمات التي تحمي حقوق الطفل، وإنني لا أريد أن أسترسل في هذه الجملة المؤلمة، لأننا لا نرى حقوق الطفل ولا حقوق المواطن بالشكل الصحيح والمرضي لدى بعض الجهات.

- حينما يعيش الطفل الأمن يتعلم الاستقرار والسلام، فنلاحظ في الكثير من دول العالم التي تعاني الاضطرابات، يتعلم أبناؤها صفات عدوانية وإجرامية لا تمت للأمن بصلة حتى وإن غيروا مكانهم، فأحداث دوار 19 بمدينة حمد هي خير مثال لذلك.

- حينما يتعلم الطفل الاستحسان والقبول والصداقة يتعلم كيف يحب في هذا العالم، ففي ذاك الزمان كانت إحدى مدارس مدينة المحرق تضم كل الطوائف، وكان هناك القبول والصداقة القوية، تؤثر في هذا المجتمع المدرسي الصغير، فعلمتهم حب المدرسة ومن ثم حب الوطن الذي ما بعده حب.

ومن هنا يا أحبائي القراء، لنأخذ هذه الجمل ولنفهم معانيها ولنطبقها على أبنائنا، فنبتعد عن السلبيات ونسترسل في الإيجابيات، ففي يوم ما سنجني ما صنعته أيدينا على أبنائنا.

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 2301 - الثلثاء 23 ديسمبر 2008م الموافق 24 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً