العدد 2110 - الأحد 15 يونيو 2008م الموافق 10 جمادى الآخرة 1429هـ

إرث ملكي

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

«أنتم ملوكيون - أنتم تأتون من خلفية ملكية»، قيل لأولاد حي شارع سبروس في محل الحلاق سميتي عندما جاءوا من أجل حلاقتهم الأسبوعية. بهذه الكلمات تأثرت حياة هؤلاء الذكور الأميركيين من أصول إفريقية إلى الأبد. تملّكهم الإلهام بأنْ يفكّروا بأنفسهم بأسلوب أوسع وأكثر عظمة وفخامة مما تصوروه من قبل.

كانت تلك مدينة نيوارك بنيو جيرسي قبل سبعين عاما، حينما كانت موسيقى الجاز هي السائدة والشعبية وكانت البدلات ذات الجاكيتات الطويلة هي الموضة، وكان أولاد شارع سبروس يسعون لقضاء وقتا جميلا، يمضون لياليهم يرقصون ويحتفلون ويغازلون الفتيات. كان الشخص الذي يخاطبهم هو حلاّقهم المحلي، الأخ صابرون، الذي كان يحاول إلهام هؤلاء الشباب لينظروا في أعماق أنفسهم ويروا ما هو أعمق مما كانُوا يعيشونه في ذلك الوقت.

كان الأخ صابرون يدعوهم أحيانا للقاء الشخص الذي ألهمه: «البروفيسور». كان محمد عز الدين رجل من الجنوب، سافر إلى الشرق الأوسط في بدايات القرن العشرين لدراسة تاريخ مصر القديم، وانتهى به الأمر بدراسة العقيدة الإسلامية؛ ليصبح مسلما فيما بعد. وقد علّم أتباعه أصول الدين، متبعا خطوات النبي محمد (ص) في أيام الإسلام المبكرة.

مع مرور الزمن بدأ الكثير من هؤلاء الشباب يفكّرون بعمق بالهدف الأوسع للحياة، ويتساءلون ما هو الشيء الذي يحمل معنى أكثر من مجرد قضاء وقت ممتع، ويفكّرون بأسباب كون إرثهم ذا مكانة خاصة.

أنا ابن واحد من الذين تحوّلوا مبكرا إلى الإسلام، وكواحد عرف الكثيرين من هؤلاء الأميركيين من أصول إفريقية الذين تحوّلوا إلى الإسلام خلال حياتي، نشأت أفهم أنّ الإسلام قدّم إجابات كثيرة لتلك الأسئلة.

يبدو أنّ الإسلام كان، بالنسبة للعديد منهم، هو الجواب على الوهن الذي شعروا به، وأسلوب للنهوض وبناء أنفسهم؛ ليصبحوا مرة أخرى الناس الذين أرادهم الله تعالى أنْ يكونوا. شعروا أخيرا بأنهم «مرتبطون»، ليس فقط بجذورهم العرقية كأناس سود وإنما، وبقوّة أكثر، بأسرة عالمية شاملة.

دأب البروفيسور محمّد على تشجيع أتباعه على الهجرة من المدن و»العودة إلى الأرض». كأن يأسر ألبابهم بقصص عن التراث الحقيقي وارتباطهم بهاجر أم إسماعيل التي ورد ذكرها في الكتب السماوية. جرى تعليمهم بأنهم العرب الأصليون، العرب العاربة، وبالتالي يقع عليهم واجب إعادة الاتصال مع إرثهم ولغتهم وتاريخهم وثقافتهم الضائعة. شعر العديد منهم كذلك أنه من خلال الاستسلام لله تعالى، كانوا يأخذون مكانهم الطبيعي بين شعوب العالم المتحضرة، وهو حق سُلِب منهم في العديد من الحالات عن طريق مكائد المجتمع في تلك الأيام.

كان كبار السن في أسرتي، في محاولة لتحقيق النتيجة نفسها، يخبرونني قصصا عن التغلب على حقد «الرجل الأبيض» وتعلم حب الله تعالى وقبول حكمه. وقد يرى البعض ذلك على أنه شكل سلبي من أشكال القبول ولكن المعاني الضمنية الروحانية في الواقع قوية جدا بالتأكيد.

في حالتي، كان يتم تذكيري دائما بأنّ قدري هو من تصميم الله تعالى في نهاية المطاف، ولهذا السبب لا يملك أحد سلطة عليّ سواه وحده تعالى. لذا لا يمكن أنْ أقع فريسة للعبة إلقاء اللوم والتي جعلتني، في مضمون أوسع، مسئولا عن تصرفاتي الخاصة وواجباتي.

أصبحت من خلال الاستماع إلى قصص كبار السن أعجب بصدق وعمق التزام كلّ منهم وأحترمه. لفترة مهمة من حياتي شكّل الإسلام عادة بالنسبة لي - كان كل ما عرفته في طفولتي. ولكن بالنسبة إلى الكثيرين ممن سبقوني، كان الإسلام خيارا حياتيا حقيقيا.

في فترة مبكرة من حياتي كراشد كنت أقرأ أحيانا السيرة الذاتية لمالكوم إكس، الذي أصبح فيما بعد الحج مالك الخباز. تماثل قصصه قصص أولاد شارع سبروس وغيرهم من المسلمين الأميركيين من أصول إفريقية الذين لم يولدوا مسلمين وإنما اختاروا سبيلا آخر.

تستمر قصص هؤلاء الذين تحولوا إلى الإسلام في مرحلة مبكرة بإلهامي وتوعية فهمي للإسلام وممارسته. وهي قصة لم تسرد بصورة كاملة بعد.

* يسكن حاليا في مدينة فيلادلفيا وهو مدير معهد القبة. وهذا المقال جزء من سلسلة عن المسلمين الأميركيين من أصول إفريقية، وينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2110 - الأحد 15 يونيو 2008م الموافق 10 جمادى الآخرة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً