العدد 2118 - الإثنين 23 يونيو 2008م الموافق 18 جمادى الآخرة 1429هـ

الفتنة نائمة... لعن الله من أيقظها!

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

في بلادنا - المملكة العربية السعودية - أنشأنا مركزا للحوار منذ عدة سنوات قام ببعض واجبه وتقاعس عن بقية واجباته لكنه مازال يحاول أن يعمل شيئا مفيدا لبلادنا.

وجود هذا المركز خطوة حسنة لتقريب وجهات النظر بين مختلف شرائح وطوائف المجتمع السعودي، والمتوقع أنه سيساعد على تشكيل آلية متقدمة للحوار في مختلف دوائر التعليم في بلادنا وهذا هو المهم إن تحقق.

الشيء الذي قد لا يعرفه عامة الناس أن فكرة إنشاء هذا المركز الذي أطلق عليه اسم «مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني» بدأت عندما تقدم عدد كبير من الشيعة بخطاب إلى الملك عبدالله يتضمن أهم مطالبهم، وقد تفاعل الملك مع هذا الخطاب بصورة عملية فكانت فكرة هذا المركز الذي وضع عليه الأمل في التقريب بين كل طوائف المجتمع، وبطبيعة الحال كانت هناك خطوات أخرى اتخذت نحو تلك المطالب.

وقبل أيام قليلة عقد في مكة مؤتمر عالمي للحوار شارك فيه عدد من الشيعة من داخل بلادنا ومن خارجها، كما كان الحضور يمثلون اتجاهات فكرية متنوعة، وجرى الحديث عن أهمية حوار الأديان والمذاهب وسواها.

نتحدث في بلادنا كثيرا عن أهمية الحوار وعن أهمية التعايش بين الطوائف ونشعر بأهمية هذا الحديث لأننا عايشنا - ومازلنا - اختلافا كثيرا بين السنة والشيعة، وكنا - ومازلنا - نخشى أن يقود هذا الاختلاف إلى مساوئ لا تُحمد عقباها.

أقول: كل ذلك يحصل في بلادنا ونفهم أسبابه ونحاول إزالته أو التخفيف منه قدر الإمكان، ولكني أقول أيضا: إنني لم أستطع أن أفهم ماذا يجري في البحرين في هذه المسألة ولماذا؟

البحرين ومنذ القدم تعايش أهلها على مختلف فئاتهم وعلى أحسن حال، وكان تعايشهم مضرب المثل في الحسن، وكان أبناء المذاهب يزوج بعضهم بعضا - وهذا ما لا يحصل في بلادنا - وكانوا شركاء في التجارة والزراعة والمجاورة وغيرها من الأمور التي تجمعهم بصورة جيدة.

بل إنني أسمع أن أصحاب الديانات الأخرى على قلتهم عاشوا مع أهل البحرين المسلمين يمارسون وطنيتهم ويأخذون حقوقهم إلى درجة أنهم عينوا في وظائف عالية كان آخرها تعيين يهودية سفيرة للبحرين في واشنطن، وعندما لاحظ وزير الخارجية أن هناك استغرابا لهذا التعيين قال إنها عينت لأنها مواطنة وليس لكونها يهودية!

كلام الوزير يعني ببساطة أن كل مواطن يأخذ حقه بمقتضى المواطنة وبعيدا عن انتمائه الديني أو المذهبي، فالمواطنة بحسب مفهومه مقدمة على سواها.

ما أسمعه من بعض الأصدقاء في البحرين يخالف تماما ما يقوله الوزير، فهناك - بحسب سماعي - تمييز واضح بين السنة والشيعة، فالشيعة يستبعدون بسبب انتمائهم المذهبي من كثير من مناصب الدولة، بل ويسبتعدون أيضا من كثير من المناصب في الشركات أو المصارف أو ما يشبهها، بل ذهب بعض من حدثني عن هذه المسألة إلى القول إن الشيعة لهم الوظائف الدنيا وهذا ليس دائما أيضا.

بطبيعة الحال هذا الشعور يولّد الكثير من الحقد وعدم الولاء فليس أصعب على المرء أن يشعر بأن حقوقه منقوصة في بلده وأن مواطنته مشكوك فيها وأنه يُعامل بكثير من الشك والارتياب، ولعل هذا يفسر - إلى حد ما - ما يحصل أحيانا من اضطرابات مؤسفة في البحرين.

أعرف في البحرين وزراء شيعة وأعرف أيضا أن هناك أعدادا منهم في مجلسي الشورى والنواب، وهذه وظائف عليا في أية دولة، وبالتالي لا أحتاج لمن يقول إن معلوماتك مغلوطة أو مبالغ فيها وهذا هو الدليل.

لكنني أعرف أيضا أن وجود بعضهم في وظائف عليا ليس كل شيء لأن المطلوب تحقيق مصالح الطبقة الوسطى وهي التي تمثل الكثرة الكاثرة في أي مجتمع.

ولكي لا يتهمني أحد بأنني منحاز مع الشيعة فإني أقول إنني سني، ولكن سنيتي لا تحول بيني وبين الحديث عن الحقيقة التي أجزم أنها تمثل مصلحة المواطن والوطن والحاكم في الوقت نفسه.

وإذا كان الحديث عن الحوار بكل أنواعه وعن حقوق الإنسان فلماذا لا يفكر العقلاء في البحرين وبموافقة الدولة ومشاركتها في إجراء حوار جاد وصادق وهادف يبحث في إزالة كل العوائق التي تقف دون تحقيق مصالحة جادة بين كل المواطنين على اختلاف انتماءاتهم المذهبية؟!

الكلام المعسول والبراق لا يكفي وحده، ومصلحة الوطن يجب أن تقدم على مصلحة الأفراد، ولكن هذه المصلحة لن تتحقق ما لم يشعر كل فرد أنه مواطن كامل الأهمية.

التاريخ كله يحكي أن انقسام الدول وضعفها وزوالها يبدأ من إثارة العصبيات والفتن بين المواطنين، وعلى الجميع أن يحارب هذه الفتن فهي ملعونة بكل المقاييس.

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 2118 - الإثنين 23 يونيو 2008م الموافق 18 جمادى الآخرة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً