العدد 2123 - السبت 28 يونيو 2008م الموافق 23 جمادى الآخرة 1429هـ

أحمد حسنين باشا يا ملك!

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

ذكر التاريخ أحمد محمد حسنين باشا الذي كان يشغل منصب رئيس الديوان الملكي في العام 1940، وتطرّق التاريخ كذلك إلى الكثير من الأعمال التي قام بها في عهد الملكية المصرية، وقيل عنه بأنه كان يحكم عرش مصر من وراء الكواليس، حتى إنه تجرّأ على حُب الملكة نازلي أم الملك فاروق وقيل إنه تزوجها بالسر من شدة ثقته بنفسه، وضعف شخصية ملكه!

ولا أحد ينسى موقف الملك فاروق الأول عندما تهاوى عرش مصر على يد حركة الضباط الأحرار في يوليو/ تموز 1952، حيث حاول أن يلقي اللوم على أحمد حسنين باشا بعد خسارة العرش، ولكن مقولة رئيس الديوان الملكي على الملك كانت تاريخية وأصبحت شعارا فيما بعد، عندما قال: «أعرف بتكلم مين، أنا أحمد حسنين باشا يا ملك»!، بمعنى أنا الذي ثبّت عرشك وأنت الذي خسرته يا ملك!

لقد استغل حسنين باشا انشغال الملك فاروق في ملذاته وشهواته عن نظام الملكية، الذي امتد إلى ما يقارب خمسمئة سنة تقريبا، وشتّت هذا الرجل الملك وأهله من خلال أنانيته وجشعه بجمع الأموال والثروات، ولنلقي نظره عما قام به حسنين باشا حتى يدمر هذا العرش العظيم.

حسنين باشا في الدولة كان يسيطر على مقاليد الحكم، ويسيطر على منافذ الداخلية والخارجية، ويسيطر على الموازنة العامة لها، كما أنه كان ناجحا في التألق والظهور أكثر من الملك نفسه.

ولقد أثار الانتباه عندما أخذ الشعراء يسهبون في مدحه من دون الملك وأبنائه، حتى بات الناس يخافون منه ويرهبونه أكثر من الملك نفسه، ويمجدّونه أكثر من الشخصية الأولى التي يجب أن تمجّد في الدولة.

لقد قام حسنين باشا بتوظيف كل أهله في مناصب الحكم وخاصة المناصب الحساسة، مستغلا منصبه الذي يحكم من خلاله شئون الدولة والناس.

كذلك نجد أن حسنين باشا قام بالكثير من الخطط والحسابات ليستولي على خيرات البلد، فأكل الأخضر واليابس ودمّر كل من يقف ضده وهمّش الرجل الذي بنى الدولة وعمّرها وقوّمها.

كان الوضع السياسي خطيرا في الدولة هذه، والكل يترقّب سقوطها على يد حسنين باشا وعصابته، التي تقوم بسرقة الملك ونهب جميع ممتلكاته والتحكم في المنافذ الحيوية للدولة.

ولم ينتبهِ الملك إلى خطة حسنين باشا؛ فالسفينة كانت تغرق والحكم في مهب الذهاب بلا رجعة. والشعب في ذهول واحتراز لما سيؤول إليه الحال بعد سقوط الملكية، فالجاهزية من قبل الناس بدأت تلقائيا حتى لا ينهار مجتمع الدولة الذي بناه الآباء منذ عشرات السنين بعرقهم وتعبهم وجهدهم، والذين حفروا وطنيتهم بدمهم الغالي لهذه الدولة الغالية على نفوسهم.

والحقيقة أنّ حسنين باشا استشرى سمّه في الدولة، حتى بات مثل السرطان القاتل، الذي ينخر أجسام الناس من دون أي لقاح قوي يقف ضده، وسرطان شخصية حسنين باشا من السرطانات غير الواضحة في داخل مجتمع الدولة، وإذا ما التفتت الدولة إلى هذا السرطان، فإن تهاويها سيكون محتوما.

والدولة - أي دولة - يجب عليها أن تنتبه إلى مقاصد حسنين باشا من تقريب فئة معينة دون أخرى، وتوصيل فئة معينة من الناس إلى منافذ مهمة دون أخرى، والأهم من ذلك كله يجب على الدولة أن تنتبه من هدف حسنين باشا في قلب نظام الحكم! حتى لا نسمع في يوم من الأيام تلك المقولة التي بدأناها عن هذا الشخص، والتي ننهيها للتذكير: «أنا أحمد حسنين باشا يا ملك».

لنستفدْ من التاريخ فهو دائما يعيد نفسه!

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 2123 - السبت 28 يونيو 2008م الموافق 23 جمادى الآخرة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً