العدد 2125 - الإثنين 30 يونيو 2008م الموافق 25 جمادى الآخرة 1429هـ

من أسرار الطائفية

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

«أيها الإخوان، أنتم لستم جمعية خيرية ولا حزبا سياسيا، ولا هيئة موضعية لأغراض محدودة المقاصد، ولكنكم روح جديد يسري في قلب هذه الأمة...».

حسن البنا

لأن النظم الإسلاموية بالدرجة الأولى لا تلج «السياسي» أو «الاجتماعي» إلا من خلال تمركزها في الفكر العقائدي الديني، كان ذلك بالأساس ما ينخر من باب أولى في نظامها الحزبي، ويجعله نظاما صوريا لمستتر آخر هو التشكيل الحقيقي للجماعة.

ولأن الخطاب السياسي الإسلاموي أيضا دائما بطبيعة حاله «فوق سياسي» يمثل أعلى مستويات السمو والرفعة حتى مع كونه سياسيا، فإن مجمل ما هو «سياسي» لدى مثل هذه الجماعات لا يزيد عن كونه تمثيلا إجرائيا للدين، وبهذا تنتقل كل توابع الدين من قداسة وسمو ورفعة ووعيد بالنار وتبشير بالجنة للسياسي، عندها لا تكون السياسة «سياسة» قدر ما تكون سياسة «الدين»، السياسة هي الطارئ والمتغير. أما الدين فهو العنصر الثابت والأصل الذي ينطلق منه كل شيء.

يقول مؤسس حزب التحرير الإسلامي تقي الدين النبهاني: «فلا يجوز مطلقا أن يقال الجمهورية الإسلامية، ولا يجوز أن يقال إن الإسلام نظام جمهوري؛ لوجود التناقض بينهما في الأساس الذي يقوم عليه كل منهما؛ إذ أساس النظام الجمهوري أن السيادة للشعب، والنظام الإسلامي يجعل السيادة للشرع لا للشعب ولوجود الخلاف بينهما في التفاصيل».

ويقول المرجع الشيعي محمدحسين فضل الله «الفقيه قد يرى أن من المصلحة أن يستشير الناس في القضايا المتعلقة بحياتهم، فربما يجد في آرائهم ما يجعله يكشف عناصر القضية التي يريد أن يتحرك فيها، لأن المسألة التي تتصل بحياة الناس من الطبيعي أن يؤخذ رأي الناس فيها. ولذلك اعتبر الإسلام الشورى عنوانا للمجتمع المسلم، حتى إنه أراد من النبي (ص) الذي لا يحتاج إلى مشاورة أحد أن يشاور الناس ثم يحكم بما يراه. ولهذا فإن ولاية الفقيه لا تعني أن يكون الفقيه الإنسان الذي يتحرك من خلال ذاتياته من أجل أفكاره، بل قد يكون الانتخاب أو الاستفتاء وسيلة من وسائل استشارة الناس بما يتعلق بأمورهم، ويبقى له الرأي الأخير بعد كل ذلك». هاتان المقولتان تؤسسان لما يمكن أن يطرأ/ يحدث/ يحصل/ يستجد حين تكون الجماعات/ الجمعيات الإسلاموية من يمسك بزمام المبادرة في أية تجربة سياسية بالكاد بدأت تحبو نحو الديمقراطية. ولأن طرفي الصراع في البحرين هما بطريقة أو أخرى داخل المقولة الأولى أو الثانية، فإن أحدا لا يستطيع أن يفهم الإشكالية الطائفية في البحرين إلا بوصفها نتاجا طبيعيا لطبيعة المتفاعلين السياسيين في تجربتنا، فالدولة والمعارضة على حد سواء، استبعدا كل القوى الليبرالية من اللعبة، وبقي الملعب مكشوفا لمن هم في المحصلة ليسوا سياسيين أصلا.

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 2125 - الإثنين 30 يونيو 2008م الموافق 25 جمادى الآخرة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً