العدد 2125 - الإثنين 30 يونيو 2008م الموافق 25 جمادى الآخرة 1429هـ

الحديد بعد الأسمنت

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في غمرة الحرب على التلاعب بأسعار الأسمنت التي بدأت تنعكس سلبا على مشاريع البناء والإنشاء، بدأت «بشائر» أزمة جديدة في إحدى المواد الأولية الرئيسية، وهي الحديد. والمعروف أن الحديد بمختلف أنواعه ومقاييسه، يساهم بما يتراوح بين 35 و40 في المئة من مواد البناء. ومن ثم فإن أي اختلال في أسعاره ينعكس مباشرة على مشاريع البناء والتشييد، وخصوصا الصغيرة منها.

ففي الخليج، وعلى رغم أن الأسعار هنا ينبغي أن تتماشى وأسعار الأسواق العالمية، فإننا لانزال نرى بعض التلاعب فيها لدرجة أن البعض يعلن عن أسعار مبالغ فيها، حتى قبل وصول الكميات إلى الأسواق المحلية، الأمر الذي يؤدي إلى معاناة المستهلكين، وخصوصا الأفراد منهم. وهناك بعض العوامل الموضوعية التي ساهمت في رفع تلك الأسعار، فهناك زيادة الطلب القادمة من بعض الأسواق الناهضة مثل الصين والهند التي تشهد حركة البناء فيها ازدهارا ملحوظا أدى إلى زيادة، غير متوقعة، في الأسواق العالمية.

أيضا هناك الارتفاع في أسعار الطاقة، ما زاد من كلفة عاملين في تحديد الأسعار النهائية للأسمنت: الأول في مرحلة الإنتاج، والثاني في مرحلة النقل والتصدير. ولكي نستبق الأمور، ونقلص من عوامل احتمالات التلاعب بالأسعار، لابد أن تشهد السوق مجموعة من الضوابط التي من شأنها تقليص، الإضرار بطرفي المعادلة: (التجار والمستهلكين).

الخطوة الأولى على هذا الطريق، هي تدخل الدولة أو الجهات المسئولة ذات العلاقة من غرف تجارية أو جمعيات حماية المستهلك، لوضع ضوابط تحدد أسعار الحديد بمختلف أنواعه. وينبغي أن تشمل الرقابة المراحل كافة، بدءا من المصانع المنتجة وانتهاء بتجار التجزئة للقضاء على أية محاولة من محاولات التلاعب في اي من تلك المراحل.

الخطوة الثانية، وهي من مسئولية الدولة بشكل أساسي، هي الوقوف ضد أي شكل من أشكال الاحتكار، ليس بمفهومه البسيط والبدائي، بمعنى ضمان توافر أكثر من مستورد وموزع، إذ إن الأمر يصل في بعض الحالات إلى أشكال أكثر خبثا في النصب والاحتيال لتصل إلى ضمان رؤوس في الدولة وجهات صنع القرار التي تتحول، ضمن ترتيبات معينة إلى جهة تحمي الاحتكار وتوجهه، وتقف ضد أية محاولة لكسره أو الحد من شراهته. ولربما لنا في الخطوة القطرية سابقة يمكن الاستفادة منها، عندما قامت شركة «قطر ستيل» في مطلع هذا العام بتثبيت اسعار الحديد في قطر في حدود (3250 - 3300) ريال قطري للطن المتري في الربع الثاني من العام 2008 ولمدة ثلاثة اشهر، كخطوة إستباقية من قبل الدولة لدعم جهودها في الحد من التضخم الذي ارتفعت معدلاته.

وفي هذا الصدد، أشار عضو مجلس الادارة والمدير العام لقطر ستيل الشيخ ناصر بن حمد آل ثاني إلى أن «هذه الخطوة الاستراتيجية تهدف إلى المحافظة على التنمية والنمو الاقتصادي الذي تشهده دولة قطر حاليا والاسهام في توفير احتياجات المشروعات الكبرى التي يجري تنفيذها والنهضة العمرانية الضخمة التي تعيشها البلاد والمحافظة على الاستثمارات الكبيرة التي يقوم بها الافراد والدولة». خطوة أخرى مشابهة كانت قد قامت بها شركة «حديد» في العام 2004، سعيا منها إلى تثبيت أسعار الحديد في أعقاب موجة ارتفاع أسعار عمت البلاد حينها.

الخطوة الثالثة، هي التحرك الجماعي وليس المتفرد على المستوى الخليجي، للاستفادة من التباينات في الأسواق سواء من حيث الإنتاج أو من حيث الاستهلاك، ولعل أكثر الأسواق قدرة على التنفيذ هما البحرين والسعودية بفضل مجموعة من العوامل السياسية، ناهيك عن الاقتصادية.

الخطوة الرابعة هي توعية المستهلك، ولابد من الإشارة هنا إلى أن أسواق الحديد أكثر تعقيدا من أسواق الأسمنت، نظرا إلى طبيعة الحديد وكثرة أنواعه مقارنة بالأسمنت، الأمر الذي يتطلب مضاعفة الجهود لتوصيل الرسالة المناسبة في الوقت المناسب لكل من المزود والمستهلك. والأمر هنا لا يقتصر على المستهلكين الأفراد، بل ينغبي أن يتسع نطاق حملات التوعية كي تصل إلى المؤسسات والشركات ذات العلاقة.

وخلاصة القول إن «درهم وقاية خير من قنطار علاج». والتدابير المسبقة قبل الإصابة خير ألف مرة من العلاج بعد أن «تقع الفأس في الرأس».

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2125 - الإثنين 30 يونيو 2008م الموافق 25 جمادى الآخرة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً