الدولة بعد تأسيسها على أية بقعة في أية قارة من قارات العالم أول ما تقوم به، تقوم بتشكيل حكومة لها لتمارس سيادتها على قطعة الأرض التي أسست فيها دولتها وهذا يتطلب الحصول على اعتراف إقليمي ودولي بها في مجلس الأمن (SKCURITY COUNCIL) والأمم المتحدة (UNITED NATONS) وعمل الكثير من الوزارات والهيئات التي يناط بها تسيير أمور الناس اليومية حتى يستمتعوا بقيام دولتهم التي ارتضوها وسلمو لها أنفسهم طوعا مقابل أن تحفظ لهم حقوقهم بالتساوي بينهم كمواطنين وتفرض عليهم التزامات متساوية وفقا لدستور يتم بالتراضي عليه أو خلافه، ولكي تقوم تلك الوزارات والهيئات المنبثقة من الدولة الفتية لابد أن يكون لها موازنات (BUGETS) تدعم تسيير عملها بشكل يؤدي الغرض من إنشائها وهذه منتوجاتها المحلية المتعارف عليها محليا ودوليا كأن تكون معروفة بتصدير القطن مثل جمهورية مصر العربية والفحم مثل جمهورية الصين الشعبية والصمغ مثل جمهورية السودان والمطاط مثل جمهورية إندونيسيا والبترول مثل جميع دول الخليج العربي (GCC) والصناعات الخفيفة والثقيلة مثل إمبراطورية اليابان... إلخ، التي تقوم بتسويقها للداخل والخارج بغية الحصول على الأموال اللازمة لتسيير شئون الوزرات والهيئات في الدولة، لكن عليها في الداخل العمل على توظيف أعداد هائلة من الموظفين المؤهلين من المواطنين وخلافه وفي مرحلة بدء الدولة الفتية في ممارسة عملها في العادة تقوم الأمم المتحدة بإرسال بعثة تساعدها في هذا المجال كما حصل مع جمهورية تيمور الشرقية التي استقلت عن جمهورية إندونيسيا وهنا في مملكة البحرين ينعتون الموظفين العموميين بحسب تصنيفهم من قبل الفقرة رقم (أ، ب) من المادة رقم (16) من الدستور الصادر بمرسوم رقم (5) للسنة 2002 وكذلك بحسب الفقرات رقم (1، 2، 3، 4، 5، 6) من المادة رقم (107) من قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية البحريني الصادر بمرسوم بقانون رقم (15) للسنة 1976 حيث نصت تلك الفقرات على أنه «يقصد بالموظف العام في حكم القانون القائمون بأعباء السلطة العامة والعاملون في وزارات الحكومة ومصالحها ووحدات الإدارة المحلية، أفراد القوات المسلحة، أعضاء المجالس والوحدات التي لها صفة نيابية عامة سواء كانوا منتخبين أو معينين، كل من فوضته إحدى السلطات العامة في القيام بعمل معين وذلك في حدود المنوب له، رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة والمديرون وسائر العاملين في الهيئات والمؤسسات العامة، رؤساء واعضاء مجالس الإدارة والمديرون وسائر العاملين في الوحدات التابعة للهيئات والمؤسسات العامة، ويستوي أن تكون الوظيفة أو الخدمة دائمة أو مؤقتة بأجر أو بغير أجر طواعية أو جبرا، ولا يحول انتهاء الوظيفة أو الخدمة من دون تطبيق أحكام هذا القانون متى وقع العمل أثناء توافر الصفة»، هنا بعد تعريف قانون العقوبات البحريني للموظف العام يتوجب علينا أن نتطرق للصورة المبسطة عن مضي سرقة المال العام في أي بلد ونركز هنا على مفهوم البحرين فهي علاوة على عدم تقبلها أية سرقة من الناحية الأخلاقية فهي أيضا لها حرمتها من الناحية الشرعية في جميع الأديان ولاسيما السماوية منها بمختلف مذاهبها، كذلك هي تقع تحت طائلة العقوبات التي أقرتها المواد رقم (202 إلى 207) من قانون العقوبات البحريني الصادر بمرسوم رقم (15) للسنة 1976 بإصدار قانون العقوبات، هناك سرقات تتم داخل الوزرات مثل إعطاء شخص لا يستحق وقتا إضافيا (OVER TIMES) مقابل عمل شيء خاص لصالح مديره أو رئيسه، ترشيحه لدورة خارجية تتناسب البتة مع عمله ولا تتعلق بوصفه الوظيفي (OVERSEAS COURSES)، لكنني في هذا المقال سأركز على سوء استعمال مركبات الوزارات والهيئات المدنية والعسكرية، بالنسبة إلى الموظف المدني فقد عالجت موضوعه الفقرة رقم (20، 32، 36) من نظام الخدمة المدنية رقم (471) الصادر بتاريخ 8 مارس/ آذار 2000 حيث نصت على أن «إساءة التصرف داخل أو خارج مجال العمل بما يسبب الأذى والضرر في العمل الحكومي، وبما يسيئ إلى سمعة الموظف الحكومي» حيث قررت معاقبة مقترف تلك المخالفة أولا: إعطاؤه تأنيبا كتابيا إلى الفصل من الخدمة في المرة الأولى وفي المرة الثانية الفصل من الخدمة)، ثانيا: الفقرة رقم (32) من النظام نفسه نصت على أن «استغلال الوظيفة للمنفعة الخاصة» تكون العقوبة هي الفصل من الخدمة، كذلك الفقرة رقم (036) عاقبت التستر على السرقة من المال العام بعقوبة الفصل من الخدمة، وأعتقد بأن هناك نصا مشابها لتلك العقوبات في المجال العسكري أو ربما تكون العقوبة أكثر غلطة على العسكري الذي يستغل عربة عسكرية أثناء العمل أو قد يقوم بمشاوير لا تخص الوزارة أو الهيئة التي يعمل بها كان يوصل زوجته أو أحد أفراد أسرته أو زملائه لكراج أو لمستشفى أو المدرسة خلال الدوام الرسمي لتلك المؤسسة الحكومية التي يعمل بها، أو أن يستعمل تلك العربة في نقل البضائع الخاصة به أو بأسرته أو أحد أصدقائه خارج الدوام الرسمي للدائرة الحكومية التي يتبعها واكتشاف هذا العمل لا يتطلب كثير عناء من أي مواطن وما عليك إلا التوجه إلى المستشفيات في الليل وأيام العطل أو السوق الشعبي أو الأسواق المركزية والمجمعات التجارية خلال العطل الرسمية ليلا ونهارا تلاحظ هذه العربات مركونة جنبا إلى جنب العربات الخاصة المتوقفة في تلك المحلات، وعليه نحن نعتقد بأن على المسئولين من مشرفين ومديرين ووكلاء بكل هذه الوزارات والمؤسسات أو الهيئات الحكومية العاملة في الدولة أن يشددوا على وجوب ترك المركبة في موقع العمل بعد الدوام الرسمي وكذلك خلق ضوابط جديدة ومعايير متشددة فيما يتعلق بمنح العربات في الوزارات والهيئات الحكومية في مملكة البحرين (NEW CRETERIAS FOR VHEHICLES GRANTING IN MINISRRIS AND GOVERNMENTAL AUTHORITEIS) إذ إن هذه المعايير ستضبط كيفية منح تلك العربات حتى لا تمنح المركبة لكل من هب ودبّ من دون ضوابط، حيث يلاحظ أنها أي العربات التابعة للدولة تعطى على أساس المعرفة والزمالة من دون أن تكون مرتبطة بالعمل أو تعطى مركبة آخر موديل إلى عامل يعمل في قسم المواصلات، أو نجار أو كاتب له علاقة بالعمل في الخارج يقوم بالتباهي بها في منطقته على أبناء الحي الذي يقطنه، أنا أعتقد أنه على المسئولين عن أقسام المواصلات في جميع الوزارات والهيئات الحكومية من دون استثناء تحكيم ضميرهم قبل عواطفهم فيما يتعلق بعملية الحفاظ على المال العام بالنسبة إلى هذا الموضع حصريا وأن لا تأخذهم لومة لائم وعليهم في سبيل ذلك اتباع طريقة الشركة الخاصة في هذا المجال حيث تشترط ترك العربة في موقع العمل (INTERNAL COMPANY COMPOUND) بعد انتهاء العمل ما لا يسمح معه من سوء استغلال لتلك العربات من قبل الموظفين بهذه الشركة أو تلك، كذلك يتم حساب كيلومتر البداية والنهاية لكل عربة كل يوم من قبل مسئول المواصلات التابع له ذلك الموظف أو الموظفة، لا أن تترك تلك العربات في يد الموظف يعمل بها ويستعملها لمشاويره الخاصة في جميع الأوقات حتى لوقت متأخر من اليل من دون مردود يذكر على الهيئة أو الدولة بل للأسف فإن كوبونات البترول تعطى على أساس الزمالة وعدم المحاسبة مما يرفع فاتورة استهلاك العربة من حيث الوقود والإصلاح وتحميل موازنات تلك الوزارة والهيئات مبالغ كثيرة من دون فائدة تذكر لصالح العمل العام بل هو هدر لأموال الدولة وهو (المال العام) والذي بحسب الفقرة رقم (ب) من المادة رقم (9) من الدستور التي نصت على أنه «للأموال العامة حرمة وحمايتها واجب على كل مواطن» هذا هو الذي يجب أن يكون الحاصل على أرض الواقع وأن المال العام يصان ويستغل في مجال يكون أكثر فائدة على جميع المواطنين والسكان والتنمية العامة في البلاد، هذا فقط مثال بسيط لسرقة المال العام لكننا نستطيع سرد الكثير من الأمثلة لتوضيح الصورة للقراء الأعزاء وللمواطنين والسكان ونكتفي بهذا القدر في الوقت الراهن وربما نتطرق لمواضيع عامة مهمة أخرى في المستقبل.
أحمد سلمان النصوح
محامٍ وباحث في الشئون القانونية المحلية والدولية
العدد 2303 - الخميس 25 ديسمبر 2008م الموافق 26 ذي الحجة 1429هـ