العدد 2130 - السبت 05 يوليو 2008م الموافق 01 رجب 1429هـ

المسلمون الأميركيون يساعدون على الحدّ من الرُهاب الإسلامي

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

لدى المسلمين الأميركيين من أصول إفريقية دور يلعبونه عندما يتعلق الأمر بالرهاب الإسلامي (الخوف غير العقلاني من الإسلام) المنتشر والسائد في الغرب. الحقيقة المؤسفة هي أن بعض الأميركيين يرون المسلمين على أنهم وباء يجب اجتثاثُه. إلا أنه - كما هو الحال في عملية التطعيم - يمكن لـ «الوباء» أن يكون أحيانا مصدر الشفاء.

لقد واجه المسلمون الأميركيون من أصول إفريقية التصوير النمطي الساخر من قَبل، بما في ذلك الشتائم العلنية والاستبعاد الكامل من الحقوق الإنسانية الأساسية. وأوجد هذا السلوك مجموعة مهمشة من الناحية الثقافية والمكانة في ثقافة مريضة. وقد كافح الأميركيون من أصول إفريقية طويلا ولأجيال عدة للتغلب على هذه التصنيف.

لذلك، عندما يطلق البعض في الولايات المتحدة الصور النمطية بشكل سلبي وعدواني على المسلمين كما فعل الكثيرون من قبل على الأميركيين من أصول إفريقية، فإن ذلك يثير عداء كامنا في الولايات المتحدة. يثيره مقدمو برامج حوارية معينون وآخرون، استخدموا هذه التسميات للحصول على دعم جمهورهم وتعزيز روح عامة من المعارضة أو العدوانية.

بعد الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001 بفترة قصيرة، هوجمت امرأة تلبس لباسا إسلاميا بينما كانت تتسوق في سان غابرييل من قبل امرأة بيضاء وهي تصرخ «أميركا للبيض فقط!». ويذكّر ذلك بمعاملة الأميركيين من أصول إفريقية في أماكن الغداء المخصصة لـ «البيض فقط» إبان حركة الحقوق المدنية في خمسينيات القرن الماضي وستينياته. تبيّن أحداث كهذه المدى الذي وصل إليه المسلمون ليصبحوا الأقلية المنبوذة الجديدة في أمتنا، وكيف يجري تحويلهم إلى «الآخر» في المناخ الحالي.

الحل؟ لا شيء أقل من ثورة اجتماعية

تولد الثقافات من رحم المشكلات التي تواجهها مجموعات من الناس والحلول التي يغتنموها. يتّبع برنامج التنمية الثقافية النمط التالي:

أولا، تواجه مجموعة من الناس مشكلة من نوع خاص، كالتهميش العرقي أو الديني أو سوء الفهم. ثانيا، يتبع هؤلاء الذين يملكون الغرائز المطلوبة نزعاتهم الطبيعية ويقترحون حلا، كالتظاهر من أجل حقوق الإنسان الأساسية، على سبيل المثال. ثالثا، تؤدي النتائج الناجحة إلى تطبيق الحل، مثل إيجاد تشريعات جديدة للحقوق المدنية إلى خطوة رابعة: تشكيل آيديولوجيا منمّقة - حركة الحقوق المدنية. خامسا، تتخذ تلك الآيديولوجيا شكل مؤسسة وأخيرا تولد ثقافة تعزز تلك الآيديولوجيا.

يعيش جميع بني البشر ضمن ثقافة ما، إما باختيارهم وإما كأمر لا بديل له. لا يمكن استبدال ثقافة إلا بثقافة أخرى، إما من خلال الهجرة وإما التحول. وبينما يمكن للبعض أن يقولوا إن الغرب أصبح أكثر رهابا تجاه المسلمين، فمن المفهوم أن الثقافة الغربية خائفة من فقدان هويتها الحالية واستبدالها - كما يُرى الأمر أحيانا - بثقافات عربية أو آسيوية أو إفريقية، يتم تعريفها بأنها ثقافات إسلامية.

بصفتي أميركيا، ومسلما كذلك، أستطيع بالتأكيد أن أفهم. جميع المسلمين في أميركا أحرار - بحسب القانون - في ممارسة الإسلام دون عائق، بغض النظر عن إذا ما كانوا من السنّة أو الشيعة أو أعضاء في أي طائفة مسلمة أخرى. لسوء الحظ يعمل انتشار الرهاب الإسلامي على تقويض هذه الحرية.

من المفارقات الغريبة أن حل الرهاب الإسلامي في الولايات المتحدة قد يأتي من المسلمين الأميركيين من أصول إفريقية، أي هؤلاء الذين تحولوا إلى الإسلام أثناء حقبة الحقوق المدنية ورفضوا الصفات الشخصية والتقاليد الثقافية التي فرضتها الثقافة الأميركية على «الذين كانوا عبيدا»، وأخذوا يلعبون دورا مهما في المجتمع الأميركي.

ما الدور الذي يمكن للمسلمين

الأميركيين من أصول إفريقية لعبه؟

أولا، حتى يتسنى استخدام هذه المجموعة في العلاج، يجب أن يكون هناك تفاعل أكبر بشكل عام حتى يمكن لنا أن نعرف بعضنا بعضا بصفتنا أميركيين ومسلمين.

ثانيا، المفتاح الأساسي هنا هو الحصول على تفهم أعمق للمنظور العالمي الذي يحكم سلوك المسلم الأميركي من أصول إفريقية وتصرفاته، أي حقيقة أن المسلمين الأميركيين من أصول إفريقية يقدّسون المساواة المطلقة بين جميع أبناء البشر ويعتنقون القيم العالمية الخالدة للقرآن الكريم، التي ترفض الغَيرة والانتقام والتمييز.

يجب أن تؤدي عملية إبراز التجربة المسلمة الأميركية الفريدة هذه بالعالم الغربي إلى أن يتساءل: «إذا كان هذا هو ما يمكن للإسلام أن ينتجه، حتى من قِبل أناس جرى تدمير ثقافتهم بشكل سيئ، فما الذي يتوجب علينا حقا أن نخافه من الإسلام؟».

ليس هناك مثيل للحقوق والاستحقاقات التي توافرت للمسلمين الأميركيين من أصول إفريقية في أي مكان من العالم المسلم اليوم. المسلمون الأميركيون من أصول إفريقية - الذين يمكن القول إنهم كانوا أكثر الشعوب التي نُزعت إنسانيتها في التاريخ - مواطنون أميركيون منتجون ووطنيون يلعبون دورا من خلال مشاركتهم الاجتماعية والسياسية في تشكيل المجتمع الأميركي.

لذلك يوجد المسلمون الأميركيون من أصول إفريقية في موقع فريد اليوم لتبني رموز أميركية مُثُل إعلان الاستقلال والدستور في الولايات المتحدة، على حين مازالوا يكافحون لدحر الرهاب الإسلامي.

يشكّل المسلمون الأميركيون من أصول إفريقية مؤشرا إلى كيف يمكن للإسلام أن يأخذ شعبا مقهورا ويحوله إلى مشاركين منتجين نشطين يساهمون في تشكيل بيئتهم السياسية والاجتماعية. إنهم شعب واجه التمييز والخوف من قبلُ، ولكنهم مؤهلون ليلعبوا دورا مهما في مجابهة إحياء جديد للتمييز الثقافي وسوء الفهم: الرهاب الإسلامي.

* قائد وطني في الجالية المسلمة الأميركية من أصول إفريقية، والإمام المقيم في مسجد الوارثين في أوكلاند بكاليفورنيا، ومدير مدارس محمد في أوكلاند، وهذا المقال جزء من سلسلة عن المسلمين الأميركيين من أصول إفريقية، وهو ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2130 - السبت 05 يوليو 2008م الموافق 01 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً