العدد 2024 - الجمعة 21 مارس 2008م الموافق 13 ربيع الاول 1429هـ

«طشت» و «بانيو» وسرير... أبطال ديكورات الأغاني

بعد أن كان قمة الاستعراض في الأغنية أن تقف سعاد حسني بقرب البيانو فتتمايل عليه قليلا، وترمق بطلها العاشق ببعض النظرات من خلف رموشها الجميلة بين الحين والآخر، أصبح ما اعتبر ثورة في ديكورات عرض الأغاني حينها طريقة غير مجدية للفت نظر المشاهد، على الرغم من أنها مازالت شائعة في فيديوكليبات بعض الفنانين العرب والغربيين أيضا.

صنعة الموسيقى اليوم لم تعد تعتمد على الصوت الجميل أو اللحن المميز أو الكلمات العميقة والصادقة. فالأغنية تصل إلينا اليوم أشبه بالوجبات السريعة بتعبير آخر «فاست فود» فيها من كل شيء القليل، وشكلها يجذب أكثر من قيمتها الغذائية وطعمها اللذيذ. وهكذا هي الأغاني اليوم، ديكورات ومكياج، وصور تتابع بشكل سريع حتى إننا نكاد لا نميز ما رأينا، وفي كثير من الأحيان بتنا نحفظ استعراض الأغنية وزينة المغنية ومكان أداء الأغنية، دون أن نذكر من الكلمات كلمة واحدة.

بفضل هذه المعادلة الفنية الجديدة تحولت الديكورات الغريبة إلى لازمة فنية كما هي القافية في الشعر العربي القديم، فلم يعد من الغريب أن نرى المغنية تغني لنا وهي في حوض الاستحمام، أو تستعرض لنا «طشطها» المفضل فيما تتحلق دجاجاتها حولها، كما أننا رأينا عدة أغانٍ تحشر المطربة فيها نفسها في صندوق، لعلها تقصد أن توصل إلينا الأغنية معلبة وجاهزة للنقل. طبعا لن ننسى هنا المطربين الذين لا يقبلون أن يشدوا بأغانيهم عن لوعات الحب والغرام ما لم يكن الديكور فاخرا جدا وفكتوري الطراز، ولابد من سيارة الليموزين ممتدة لعدة أمتار على طريقة الأفلام الأميركية.

وعلى الرغم من سعي الفنانين المستميت لتميز مشاهد أغانيهم، فهم يبذلون كل جهدهم لإضافة كل مشاهد العري والبهرجة التي يسمح ببثها حتى الآن على القنوات لاجتذاب المشاهد، إلا أن هذا لم ينفِ كثرة تَكرار بعض الأساليب بطريقة تدل على أن من وضع فكرة الفيديوكليب لم يكن هدفه أن يعكس كلمات الأغنية وأحاسيسها في الأغنية بقدر ما أراد شد المشاهد، من خلال تصنيع صورة تصدم المشاهد وتستثير فضوله لاكتشاف التجاوز الذي تقدمه الأغنية، مثل تصوير الكثير من الفنانين مشاهد تحت المطر أو الدوش، فيتكفل الماء بإظهار كامل معالم جسمها.

نموذج آخر للفيديوكليبات ظهر أخيرا على الساحة العربية، فلا ديكورات هنا حتى إن المغني بحد ذاته لا ينزل على الساحة، ويكتفي بأن يلحق صوته بشخصية كرتونية معدة بالكامل بالحواسيب، فالمشاهد كلها في النوع تقدم من خلال الرسوم المتحركة.

في مقابل هذا النوع ظهر نوع آخر من المشاهد المرافقة للأغاني، والتي تدور أحداثها في ديكورات المدارس وفصول الدراسة. واجه هذا النوع كما كبيرا من النقد والرفض. فأهم ما يؤخذ على التجاوزات التي تظهر في هذه الأغاني أنها أول ما تؤثر في جيل المراهقين الذين يحاولون أن يحاكوها ويقتبسوا منها. ويرى الكثير من الناس أنها ستتسبب بالفوضى والتجاوزات من قبل الطلاب الذين يحاولون تقليدها.

طبعا عند الحديث عن ديكورات فيديوكليبات الأغاني لا يمكن أن ينسى أحد أهم الديكورات وهو السرير الذي كان نجما في الكثير من الكليبات، فتتقلب المغنية فيه وتتمايل بين شراشفه ومخداته، كما لو أنها لا تعرف الغناء وهي واقفة أو جالسة.

وعلى الرغم من أن الطشط والبانيو والتخت أحدثت في كثير من الأحيان ثورات وطفرات في عالم الأغنية العربية الشبابية المعاصرة، فإن تحقيقهم عدد مشاهدة كبير لن ينفي النجاح الكبير الذي حققته أغانٍ لا تصاوير لها، سوى وقفة الفنان على المسرح أمام فرقة موسيقى تعرف أن ما تؤديه فنا وموسيقى وليس مجرد طرق على التنك.

العدد 2024 - الجمعة 21 مارس 2008م الموافق 13 ربيع الاول 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً