العدد 266 - الخميس 29 مايو 2003م الموافق 27 ربيع الاول 1424هـ

التعذيب وإعادة التأهيل

تم تعريف التعذيب بعدة طرق، ورد منها ادناه في اعلان طوكيو في اكتوبر/تشرين الأول 1975:

التعريف: التعذيب هو توجيه ضربة أو انزال عقوبة جسدية متعمد، منتظم أو مفرط في القسوة، أو معاناة عقلية بواسطة شخص أو أكثر من شخص، يعمل بمفرده أو وفقا لسلطة ما، ليجبر شخصا آخر على الادلاء بمعلومات أو اعتراف أو أي سبب آخر.

الأهداف

يتمثل الهدف العام للتعذيب في تدمير روح إنسان، هدف التعذيب هو تدمير هوية رجل قوي أو امرأة قوية، وشخصيتهما أو تدمير اشخاص أقوياء مثل زعماء الاتحادات أو السياسيين أو زعماء الطلاب أو الصحافيين أو زعماء الاقليات العرقية.

ومثال على ذلك، قضية جوان، الشخصية القوية وزعيم النقابة. جوان (34 عاما) متزوج من امرأة (30 عاما) وله ثلاثة أطفال، تم اعتقاله في منتصف الليل من منزله بواسطة مجموعة رجال يرتدون ملابس مدنية. كان المعتقلون عنيفين اذ تمت مشاهدتهم بواسطة زوجته واطفاله. ثم اخذ بعيدا على شاحنة الى مكان سري، واحتجز هناك لعدة اسابيع، اذ تعرض لتعذيب قاس، كان من غير الممكن ان تتلقى اسرته اخبارا عن مكانه، وحتى عندما سمح لها بزيارته في السجن بعد أشهر. وقبل ان يطلق سراحه اجبر على توقيع وثيقة تشير الى انه لم يعذب. بعد اطلاق سراحه أخذ، يعاني من أعراض جسدية وأيضا نفسية، اذ اصابه صداع رأس دائم وألم ظهر، ولاحظت أسرته انه تغير، اصبح سريع الانفعال يميل الى عزل نفسه والانطواء وسريع الاثارة بواسطة الضوضاء، ولذلك اصبح صعبا عليه التعامل مع الاطفال وأحيانا يضرب ابنه الأكبر، وبينما تتم مضايقته باستمرار بواسطة الشرطة، لم يتمكن من ايجاد عمل، لذلك كان يجب على زوجته ان تعمل، الأمر الذي ادى الى تغير العلاقة بينهما. وجد نفسه من الصعب عليه ان يستمر في دعم اصدقائه والاستمرار في جهوده لتغيير المجتمع.

في احيان كثيرة مثل هؤلاء الاشخاص الأقوياء يضربون من أجل الاعتراف بأنهم ارتكبوا جريمة عامة. لذلك تختفي وثيقة اعتقالهم وسجنهم من إحصاءات الجريمة العامة.

ولكن هناك مجموعات أخرى في المجتمع تستهدف بالعنف المفرط والتعذيب، الرجل العادي، الفقير، الاقليات الاثنية والمجرمين. هؤلاء الاشخاص يقبض عليهم بصورة عشوائية في الشوارع، أو منازلهم أو الأماكن الدينية، ويتعرضون للعنف والتعذيب ويحبسون. هذه المجموعة من الناس تحتاج إلى عناية خاصة من المستشارين، لأنهم بطريقة ما يعدون انفسهم لاحتمال اعتقالهم وتعذيبهم كما هي الحال مع الشخصيات القيادية الداهية في المجتمع.

من خلال تدمير نفسية وأجساد الافراد الأقوياء اصبح استخدام التعذيب سلاحا أكثر فاعلية ضد الديمقراطية، وساهمت المعاملة السيئة العشوائية للرجل العادي والمجموعات الضعيفة في مجتمع ما، في خلق مزيد من القلق والاضطهاد في المجتمع بأسره.

أهداف التعذيب لم تكن كما هي مفهومة عموما، من أجل الحصول اساسا على معلومات من الضحية أو قتل الشخص.

وتفهم اهداف وطرق التعذيب بوضوح عندما تقارن بتلك الاهداف المضادة التي تميز الآباء المهتمين عندما ينشئون أبناءهم، فالآباء الصالحون يجمعون الرعاية الودية والدعم والتحديات من أجل المساعدة في تنمية الطفل. تنمية شخصية إيجابية، وهكذا يطور الطفل الثقة في الآخرين وفي العالم وفي نفسه، والتعذيب يهدف إلى تدمير كل ذلك، كي يصبح الفرد أداة غير مساعدة في أيدي المعذبين وفي النهاية في قبضة اولئك الذين في السلطة.

الطرق

يجب على الشخص الذي يساعد الناجي من التعذيب في استعادة قوته/قوتها السابقة ان يعرف ماذا حدث للضحية من أجل فهم افضل له، على رغم ان تجربة التعذيب صعبة للغاية على ان يفهمها انسان لم يتعرض لها من قبل، لأنه لا يمكنك ان تساعد شخصا اذا لم تفهمه.

يمارس التعذيب في احيان كثيرة من خلال استخدام طرق جسدية وعقلية بشكل منفصل أو متحد. والطريقتان كلتاهما مقصود بهما تدمير الصحة البدنية والنفسية للشخص لفترة طويلة في المستقبل، ادناه وصف لعملية نموذجية للتعذيب، ومع ذلك ربما تتنوع الطرق وفقا لثقافات متعددة ولكن النتيجة النهائية واحدة.

التعذيب عملية تبدأ بالاعتقال وتمر بحوادث مؤلمة تقع في أوقات وأماكن مختلفة، وتنتهي بإطلاق السراح، أو موت الضحية.

تبدأ العملية بالاعتقال عادة في الليل، مع اظهار القوة المرعبة واستخدام العنف غير الضروري. فترة التليين أو الاضعاف التي تتبع أحيانا، تتضمن عادة يومين أو ليلتين من العنف غير المنتظم بالضرب، والرفس والاساءات الأخرى بعد هذا يبدأ التعذيب المنتظم، عندما يكتشف المعذبون نقاط الضعف في الفرد من أجل ان يجعلوه/ يجعلوها ينهار كلية.

الهدف ليس احداث انهيار فوري للشخص، وإذا كان ذلك هو الأمر، فإن هناك خمسة طرق مشهورة تستخدم من أجل انهيار الشخص:

وضع الضحايا بجانب حائط ويضربون، وفي كل مرة يسقطون فيها يتم ضربهم حتى ينهضوا ثانية.

لا يعطوا شيئا من الأكل أو الشرب.

يكون هناك غطاء فوق رؤوسهم.

يتعرضون لضوضاء دائمة.

لا يسمح لهم بالذهاب إلى المرحاض.

تحت هذه الظروف سنصبح جميعا في ايام قليلة في وضع ارتباك وربما نشهد هلوسة ووساوس. الاشخاص الذين يخضعون لمثل هذا الشكل من التعذيب والذي ينهارون سريعا، في احيان تسهل مساعدتهم من الاشخاص الذين يقاتلون ويقاومون التعذيب لأيام عدة، اسابيع، وشهور، لأنهم يشعرون ان ارواحهم حطمت الى أجزاء عندما يوقعون اخيرا تقارير ويعطون اسماء ربما تكون على بينة كاذبة.

تبدأ عملية تدمير الشخصية عادة بالاعتقال، مع ابعاد الممتلكات الشخصية وتتضمن أدوية منقذة للحياة والنظارات... الخ واستبدالها بأزياء غير لائقة. تستبدل الاسماء بأرقام ويجب ان يولى المعذبون باحترام عميق.

ربما تكون النتيجة النهائية انسانا بلا كرامة ولا احترام، بشخصية محطمة مع وجود شهادة طبية تنفي أي شكل من سوء المعاملة. وربما تكون النتيجة النهائية الموت، اذ يعزل المعذبون الجثة بواسطة اخفائها في قبر جماعي، أو رمي الجثة امام منازل الاقرباء لتحطيم الاسرة أو المجتمع.

كل أنواع وطرق التعذيب الجسدي تستخدم... أدناه ذكر لقليل منها:

طرق التعذيب:

1 - الطرق الجسدية

الضرب.

التعذيب الجنسي.

التعذيب الكهربائي.

التعذيب بالماء.

الغوص الجاف.

الحرق.

التعليق.

الحد من الحركة.

ظروف صحية فقيرة.

سوء استعمال الدواء.

2 - الطرق النفسية

وسائل حرمان.

وسائل ضغط.

مهاجمة هوية الشخص.

الأعراض:

يحتاج الشخص الذي يود مساعدة من تعرض للتعذيب ان يفهم تجارب الذين تعرضوا له وان يعرف الآثار المترتبة على التعذيب من أجل ان يتمكن من تحديد المشكلات التي تحتاج إلى حل وان يرتب العلاج الملائم أو الاستشارة.

هناك اعراض مترتبة على التعذيب قد تكون جسدية ونفسية قصيرة المدى، وقد تكون اعراضا جسدية ونفسية طويلة المدى.

وتعتبر اسوأ عواقب التعذيب للناجي منه العواقب النفسية.

فيما يأتي موجز لبعض الأعراض الجسدية والنفسية بعد التعذيب. إذ تعتمد الاعراض الجسدية بعد التعذيب على طرق التعذيب البدنية التي تم استخدامها. بينما يذكر الألم الجسدي باستمرار ضحية التعذيب بتجربته المريرة المرعبة بالإضافة إلى المشكلات النفسية.

الضرب:

يشهد ضحايا التعذيب عنفا جسديا في كل الجسد من الرفس، والقبضات، والسلاح، والعصي، والاسواط أو جراء الدفع بوحشية للسقوط من ارتفاعات مختلفة. ويكون الدمار في الانسجة والعواقب البنيوية والوظيفية مماثلا لتلك التي تحدث بعد الهجمات أو الحوادث أو الاصابات الرياضية.

ضرب النعال: يثبت الضحية عادة مع رفع قدميه، ويمكن ان يحدث الضرب على القدم العارية أو مع وجود احذية او بوت عليها أو يجبر الشخص على لبس حذائه مباشرة بعد التعذيب. الاعراض المترتبة على هذا النوع من التعذيب وجود ألم دائم في القدمين والساقين.

التعذيب الجنسي: جميع اشكال التعذيب تتضمن معنى إضافيا للاهانة الجنسية، ولكن التعذيب الجنسي الجسدي يشكل سوء معاملة مباشرة للمناطق الحساسة، المنطقة التناسلية والشرجية، في شكل اغتصاب متجانس أو طبيعي وتعذيب كهربائي، أو سوء معاملة بالادوات والحيوانات.

الأعراض النفسية:

- تغيير الشخصية.

- الضعف الادراكي.

- التغييرات النفسية.

- اضطرابات النوم والهلوسة.

- آثار مترتبة اجتماعيا.

وعموما يمكننا القول ان ضحية التعذيب شهد أمرا مؤلما للغاية، اذ ان شخصا آخر ولغرض معين ألحق به الاذى جسديا ونفسيا، هذا الشخص الضحية يحاول فهم ماذا حدث له، وان يواصل حياته، وتتشكل افكار وأحاسيس وتفاعلات الضحية بواسطة تجاربه، وآلامه والطريقة التي يسلكها للتأقلم مع هذا هي المعروفة بالتفاعل الطبيعي مع وضع غير طبيعي، ولكن اذا استمرت تفاعلاته فترة طويلة، وأصبح مضطربا أو معوقا، حينها سيحتاج إلى مساعدة للتغلب على مشكلاته

العدد 266 - الخميس 29 مايو 2003م الموافق 27 ربيع الاول 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً