أربك انقطاع الإنترنت - بسبب تحويل كابلات في الإمارات العربية المتحدة، مضافا إليه الزلزال الذي ضرب الجزائر - أكثر من 152,37 ألف مشترك «رسمي» في البحرين، كما أنه أثر على عدد من الأعمال. وقد تكون مقاهي الإنترنت أكثر القطاعات تضررا بشكل مباشر من هذا البطء في الخدمة وانعدامها في أوقات الذروة، كذلك تأثرت بعض القطاعات الأخرى - كالمصارف والمؤسسات المالية والخدمية - بالانقطاع بشكل أو بآخر.
الهملة - بتلكو
أعلنت بتلكو أمس أن جميع خدماتها تعمل الآن بالكامل باستثناء خدمة الإنترنت. وقالت «وعلى رغم تحسن خدمة الانترنت فإنها مازالت تعمل بنحو 30 في المئة فقط من طاقتها العادية وذلك بسبب نقص الطاقة التشغيلية المتوافرة. وسيعني هذا بطئا شديدا لسرعة التصفح بالنسبة إلى معظم مستعملي الخدمة خلال الأوقات التي يزيد فيها الضغط على الشبكة من اليوم (أمس).
وأضافت أن الزلزال المدمر الذي ضرب الجزائر قبل عدة أيام تسبب في إحداث أضرار جسيمة للكابلات البحرية للاتصالات في البحر الأبيض المتوسط، ما أثر على الاتصالات بمنطقة الخليج وآسيا إلى أوروبا وأميركا. وتمثل هذه الكابلات الخط الرئيسي للاتصالات بين أوروبا وآسيا وستؤثر على جميع بلدان المنطقة بما فيها البحرين.
وقالت أيضاإنه قد نجم عن الجهود غير العادية التي بذلتها فرق الموظفين الفنيين في «بتلكو» والذين عملوا على مدار الساعة خلال عطلة نهاية الأسبوع - توفير اتصالات بديلة مؤقتة بما في ذلك تحويل مسار جزء من خدمات الإنترنت والبيانات عن طريق جنوب إفريقيا إلى أوروبا. مع هذا فإن جميع الاتصالات ما بين أوروبا والشرق الأوسط ستظل معرضة للخطر حتى يتم اصلاح العطب الذي لحق بالكابلات البحرية الحالية وحتى تتم استعادة جميع خطوط الاتصالات المعتادة.
وتوقعت الشركة أن تتحسن اتصالات «بتلكو» بشبكة الانترنت اليوم الاثنين عندما تستكمل عملية التحويل المخطط للكابل البحري ما بين البحرين ودولة الامارات العربية المتحدة. ثم يمكن «لبتلكو» استخدام الطاقة الحالية لاستعادة المزيد من الخدمات، وبهذه الطريقة سيتم استعادة خدمة الانترنت إلى أكثر من معدل 60 في المئة من طاقتها المعتادة.
ومضت قائلة: «مع هذا فإن استعادة الخدمة بالكامل مع طاقتها المعتادة وقدرتها على التحمل لتوفير المستويات العالية المعتادة من الخدمة ليس من المرجح أن تصبح ممكنة قبل نهاية الأسبوع الجاري بعد استكمال الإصلاحات في البحر الأبيض المتوسط وعودة هذه الكابلات البحرية إلى الخدمة الكاملة».
الوسط - غسان الشهابي
جلس أصحاب مقاهي الإنترنت في البحرين في اليومين الماضيين ينتظرون أية أخبار سارة من «بتلكو» ليكونوا هم أيضا «على أهبة الاستعداد» لمواجهة الظرف الطارئ الذي قطع خدمات الإنترنت عن البلاد، فبدا هذا القطاع في وضع لا يحسد عليه إذ أنه يعتمد بشكل كلي على الإنترنت في تسيير أعماله اليومية.
علي - صاحب مقهى للإنترنت في المنامة - يقول ان «مصيبتهم» تتلخص في أنهم يدفعون فاتورة شهرية ثابتة (280 دينارا) لشركة «بتلكو» بغض النظر عما إذا كانوا يستخدمون الخدمة أم لا، وهم في اليوم الخامس تقريبا من تأثر الخدمة، ولا زبائن لديهم، و«بتلكو» لا يبدو أنها مستعدة لجبر الضرر الذي أصابهم، وينطبق الحال على الذين يؤجرون خدمة speed net من «بتلكو»، الذين يعدون ما خسروه من إيجار شهري من غير ما فائدة.
وفي الوقت الذي عاد فيه طلبة الكمبيوتر في أكاديمية دلمون إلى صفوفهم يوم أمس الأول ليكتشفوا أن أكاديميتهم لم تكن بمنأى عن تأثيرات الخلل «المزدوج» الذي طرأ على شبكة الاتصالات ـ بما فيها الإنترنت ـ تحول التدريس لديهم من أمور عملية على الشبكة، إلى دراسة نظرية في الكتب والملزمات الورقية. الأمر ذاته انطبق في اليومين الأخيرين على الكثير من المؤسسات التي تعتمد في تسيير أعمالها على الإنترنت بشكل رئيسي، فيقول مساعد رئيس الأكاديمية حسين ميرزا علي، ان الإنترنت ـ التي بتعطلها عطلت الدراسة والاتصالات الشخصية بالعالم ـ غدت جزءا أساسيا من حياة الكثير من الأفراد في البحرين، كما هو الحال في جميع أنحاء العالم، وبالتالي، فإن الذين تعودوا ـ أو الذين أدمنوا ـ استخدام الإنترنت يواجهون وضعا قاسيا هذه الأيام.
وشعر المتحمسون لاستخدام التكنولوجيا، واستبدال «لوحة مفاتيح» الكمبيوتر بالقلم والحبر والأوراق، بخيبة أمل كبيرة وبغربة حقيقية لبقائهم أمام شاشات الكمبيوتر عاجزين عن الاتصال بوطنهم البديل «الشبكة العنكبوتية»، وصاروا «كمن يشتري جهاز فيديو ولكنه لا يملك تلفزيونا»، ولم يخل الوضع أيضا من «تشفي» المدافعين عن «الأصالة» في التعاملات الورقية، والاتصالات الهاتفية الذين اتخذوا موقف الضد من دخول الإنترنت إلى حياتهم العملية والخاصة.
ومع تنفس مسئولٌ في المؤسسة العربية المصرفية الصعداء لأن «أزمة» الإنترنت حدثت في فترة اختلاف العطلتين الأسبوعيتين بين البحرين والدول الغربية أساسا، إذ أنها بدأت يوم الخميس، وهو شبه عطلة للكثير من الأعمال في البحرين، وحتى يوم أمس الأحد، وهو يوم العطلة الأسبوعية في الدول الغربية والآسيوية، وبما أن الوعد بعودة جزء كبير من الخدمة اليوم (الاثنين) فإنه يرجح ألا تتأثر أعمال المؤسسة بشكل ملحوظ، إلا أن الأمر بدا أكثر تعقيدا في الشركة التابعة لها، وهي «الخدمات المالية العربية».
إذ قال نائب المدير العام للعمليات محمد ناس: «ننجز الكثير من الأعمال عن طريق التخاطب المباشر بالإنترنت، ما اضطرنا إلى التحول إلى المهاتفة حتى نستطيع أن نتغلب ـ مؤقتاـ على هذا الوضع»، مشيرا إلى أنه وضع «مزعج»، ولكنه لا يقاس بما حدث في «الجزائر»، إذ تسبب الزلزال في قطع كابلات الاتصالات المغذية للمنطقة.
وأضاف ناس: «بدأنا نتلقى بعض الشكاوى من زبائننا والذين نتعامل معهم عن طريق الإنترنت... نأمل فقط ألا تزداد هذه الشكاوى في الأيام التي تفصلنا عن عودة الخدمة بشكلها المعتاد».
ولم تخف المسئولة في أحد مكاتب العلاقات العامة والإعلان آني شقرا، انزعاجها مما يحدث، إذ تقول: «أحاول منذ ثلاث ساعات أن أرسل مواد وصور مؤتمر صحافي إلى الصحف، ولكن لا فائدة فالخدمة بطيئة جدا، وفي أوقات الذروة لا تتوافر بتاتا (...) لدينا التزامات أمام عملائنا ونحاول أن نوفيها حقها، ولكن يبدو أن الأمر في غاية الصعوبة».
لقد صعقت «الأزمة الإنترنتية» الطارئة أكثر من 37.152 ألف مشترك في الإنترنت في البحرين، يشكلون ما نسبته 22 في المئة من السكان ولكنها لم تخل من فائدة الإشارة إلى «بتلكو» والشركات المنافسة الأخرى، من البحث عن حلول لأزمات مشابهة لا يؤمن تكرارها مستقبلا
العدد 262 - الأحد 25 مايو 2003م الموافق 23 ربيع الاول 1424هـ