العدد 2552 - الإثنين 31 أغسطس 2009م الموافق 10 رمضان 1430هـ

علي بن عمر بونغو

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

يبدو أن نموذج ما جرى بعد الانتخابات الإيرانية سيتكرّر في كل انتخابات قادمة في العالم الثالث، من جمهورية أفغانستان إلى جمهورية الغابون!

الغابون تقع وسط إفريقيا، ويبلغ تعدادها مليونا ونصف المليون، ثلاثة أرباعهم مسيحيون، والربع الآخر مقسّمٌ بين مسلمين وأتباع ديانات محلية أخرى، وعندما أجريت الانتخابات الأحد الماضي، أعلن أربعة متنافسين فوزهم بالمنصب الرئاسي. أولهم وزير الداخلية السابق الذي يطمح لحكم البلاد، استنادا لتقديرات فريقه الانتخابي!

المعارض الغابوني بيار مامبوندو أعلن فوزه أيضا، وكذلك رئيس الوزراء السابق كازيمير اويه مبا، أما «الحزب الديمقراطي الحاكم» فأكد فوز مرشحه علي بونغو، وزير الدفاع السابق ونجل الرئيس الراحل عمر بونغو، الذي حكم البلاد لمدة واحد وأربعين عاما، حتى توفاه الله قبل ثلاثة أشهر.

الانتخابات الأخيرة جرت في ثلاثة آلاف مركز انتخابي، وأشرف عليها ثلاثمئة مراقب، وبدأت بمشاركة 23 مرشحا (انسحب منهم خمسة)، بينهم ثلاث نساء، وهل يمكن أن يكتمل عرس ديمقراطي من دون مرشّحات؟ وبسبب ضعف حظوظهن في الفوز، هناك اقتراحاتٌ تُطرح بضرورة تطبيق فكرة الكوتات لإنصاف النساء المظلومات المحرومات!

الغابون أكبر مساحة من بريطانيا، ثلاثة أرباعها غابات، وتتمتع بثروات معدنية وزراعية كثيرة (نفط ومطاط وأرز وموز وبن وكاكاو)، ومع ذلك يعاني أكثرية الغابونيين من الفقر وتدهور المستوى المعيشي، ولذلك كان المرشحون أسخياء في توزيع الوعود بتحقيق الرفاه الاقتصادي إذا تم انتخابهم، وتوزيع عادل للثروة العامة بعد عقودٍ من الفساد.

الحملات الانتخابية انتهت منتصف ليل السبت الماضي، تماما كما يجري في الديمقراطيات العريقة، وذلك بعد أسبوعين من التحركات السياسية المكثفة التي سيطرت عليها شعارات «التغيير» و «التناوب على السلطة»... حتى علي بونغو الذي يمثّل استمرارا لنظام والده، كان يبشّر الجمهور بالتغيير والعدالة والعيش في بحبوحة!

علي بونغو الذي ورث أباه، يقول المراقبون إنه شهد تحوّلا دراماتيكيا خلال الأسابيع الأخيرة، خلال الحملة الانتخابية، وذلك ثمرةٌ لنصائح مستشاريه، فبعد أن كان يعيش منطويا على نفسه محبا للتسلية والغناء، أصبح منفتحا، طريفا، يزور الأندية، ويلعب الكرة، ويصافح الناس، ويطلق النكات، ويمسح على رؤوس الأطفال الغابونيين مع أمهاتهم في الأسواق، ما دعا بعضهم إلى تسميته بـ (علي Neuf) وتعني بالفرنسية «الجديد».

ما أوردته الوكالات من معلومات عن الزعيم الجديد، أنه كان يحلم بأن يكون نجما غنائيا، وقد صدر له فعلا ألبوم غنائي في 1977، وهو لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره، متأثرا بوالدته المغنية باسيانس داباني. وكان اسمه الأصلي ألان برنار بونغو، لكن أباه غيّره إلى علي بعدما اعتنق الإسلام في السبعينيات.

وهو خريج كلية الحقوق بفرنسا، وعمل ممثلا خاصا لأبيه فترة طويلة، أتاحت له اتصالات كثيرة مع العالم الخارجي. وفي 1989 عين وزيرا للخارجية. وكانت المعارضة تنتقد ذلك، وخصوصا أن له أختا أخرى اسمها بسكالين كانت تعمل مديرة لمكتب أبيها، بينما كان الأب ينفي تعيينهم بالواسطة أو لصلة القرابة، وإنما لكفاءاتهم. وكان يرد دائما بأن كونهم أبناء الرئيس لا يعني حرمانهم من المناصب الرسمية، وهي نفسها الحجة المتداولة في بعض أسواق الجمهوريات العربية التي تجمع بين أحدث أساليب الديمقراطية العريقة وأقدم التقاليد في توريث الأبناء!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2552 - الإثنين 31 أغسطس 2009م الموافق 10 رمضان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 9:02 ص

      ماحصل في ايران يتكرر فقط عندما تريد أمريكا !!

      ماحصل في ايران يشبه تماماً ما حصل في الصين من تأليب الغرب و خصوصاً الشيطان الأكبر الناس على التمرد و الثورة و محاولة قلب نظام الحكم الصيني عن طريق مبداً اشعال الفوضى الخلاقة في الأرض التي يعمل الغرب على اخضاعها أو ابتزازها ، و فشلوا في الصين و كلنا يذكر أحداث ساحة تياننمين ، و بعد هذا الفشل اشتغاوا على ايران و أعدوا العدة لضربها برجال كانوا يحسبون على الثورة و هو المبدأ الذي يقول ان التفتيت من الداخل أسرع و أنجح و قد سار معهم من خدع بوعودهم الكابة فخسروا أنفسهم و خسروا الشعب بفشلهم و جهلهم .

    • زائر 4 | 8:00 ص

      انتخابات مستنسخة

      أصبحت الانتخابات لعبة للشاطرين والحاذقين في السياسة وللذين يملكون مفاتيح وأسرار اللعبة سواء على المكشوف أو من تحت الطاولات وما يحز في النفس الفقر والمجاعة والجفاف الذي يتعرض له القرن الأفريقي والعصابات التي تنهب المساعدات التي تقدر بملايين الدولارات وتهيمن على الناس الضعفاء بدون أن يكون للسلطة أي دور هناك. أرجع يا سيد للكتابات المحلية ولا تزعل من كلام المغرضين فرضا الناس غاية لا تدرك _ ام محمود

    • زائر 3 | 8:00 ص

      انتخابات مستنسخة

      أصبحت الانتخابات لعبة للشاطرين والحاذقين في السياسة وللذين يملكون مفاتيح وأسرار اللعبة سواء على المكشوف أو من تحت الطاولات وما يحز في النفس الفقر والمجاعة والجفاف الذي يتعرض له القرن الأفريقي والعصابات التي تنهب المساعدات التي تقدر بملايين الدولارات وتهيمن على الناس الضعفاء بدون أن يكون للسلطة أي دور هناك. أرجع يا سيد للكتابات المحلية ولا تزعل من كلام المغرضين فرضا الناس غاية لا تدرك _ ام محمود

    • زائر 2 | 6:19 ص

      سيناريو متكرر

      فعلا سيناريو أشبه ما يكون أنه كالذي يحصل في معظم دول العالم الثالث أو النامية كما يسمينا البعض، ولكن ماوجه الشبه بالتحديد مع إيران؟ لم تصل الفكرةن هل في إعلان الكل أنهم فائزون أو هناك فكرة أخرى من ذلك!

    • زائر 1 | 5:19 ص

      أبناء الرئيس

      كان يرد دائما بأن كونهم أبناء الرئيس لا يعني حرمانهم من المناصب الرسمية، :)

اقرأ ايضاً