«أنا الشهيد الحي سامر دواهقة من سلفيت، إني لأسال الله تعاله أن أموت شهيدا في سبيله وأن يوارى جسدي الثرى، قرب قبر الشهيد محمد بلاسمة والشهيد بدر ياسين».

«يا أبناء شعبي أن الموت لن يدع أحدا فليمت المسلم شهيدا مرفوع الرأس في ساحات الوغى، فإلى متى ستسكتون على الظلم والعملاء... إن عليكم التحرك الآن وليس غدا... وأنت يا أمي لا تبك علي بل وزعي الحلوى فرحا باستشهادي والتحاقي بيحيى عياش ومحمد بلاسمة وبدر ياسين وعلي عاصي وعدنان مرعي وشادي اسليم وغيرهم من الشهداء».

كانت تلك وصية المجاهد القسامي الشهيد سامر دواهقة، ابن مدينة سلفيت التي أحبه أهلها واحترموه... ونشدت إليه عيونهم وتعلقت به آمالهم، فكان عقب كل عملية جهادية ينفذها المجاهد دواهقة ضد قوات الاحتلال تسري في نفوس أهالي سلفيت مشاعر الفخر والاعتزاز بأن مدينتهم أنجبت مثل هذا البطل الهمام.

الميلاد والنشأة : ولد المجاهد القسامي سامر عبدالهادي دواهقة في مدينة سلفيت في 16 أبريل/ نيسان 1977 من أسرة فلسطينية متدينة، وله من الأشقاء ثلاثة ذكور وأختان.

عاش سامر حياة إسلامية حقيقية، ومنذ نعومة أظفاره التزم الصلاة والدروس الدينية في مساجد المدينة.

وعندما انطلقت الانتفاضة الأولى العام 1987، شارك في مقاومة الاحتلال، على رغم صغر سنة في ذلك الحين... فلم تكن تمر آلية عسكرية أو دورية راجلة لجيش الاحتلال من أمامه إلا وكان يرشقها بالحجارة وبالزجاجات الفارغة، بحسب ما أكد أصدقاؤه.

المجاهد القسامي: وعندما انطلقت «انتفاضة الاقصى» المباركة، التحق سامر بكتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» فكان المجاهد المثابر، والقائد المقدام...

تلقى سامر تدريبات النظرية والعملية على أيدي القائد القسامي الشهيد محمد بلاسمة، التلميذ السادي ليحيى عياش (حسب ما وصفته الصحافة الصهيونية) فتعلم سامر إعداد القنابل والمتفجرات، وساعده في ذلك كونه قد تخرج في معهد الجيطان في نابلس وحصل على شهادة الهندسة الإلكترونية.

وبعد استشهاد القائد عبدالله الدويك وزميله وافي الشعيبي اللذين قتلا ثلاثة جنود صهاينة قبل استشهادها في أحد المنازل في قرية قراوة بني زيد، ورسخت مشاعر الخوف والفزع في نفوس المستوطنين.

جيش الاحتلال، والذي رصد إمكانات عسكرية ولوجستية كبيرة لاغتيال المجاهد سامر، كان يقتحم بين الحين والآخر منزل عائلة دواهقة مهددا ومتوعدا بتصفية نجلها سامر... فما كان من العائلة إلا أن تجيب على لسان أحد أفرادها قائلة» «إن قتل فله الجنة، وسامر يعرف كيف يموت، أما أنتم فسيكون مكانكم جهنم، أما على يديه أو على يد إخوانه في كتائب القسام».

كما تعرض المجاهد سامر لكمين صهيوني آخر داخل البلدة القديمة، ونجا منه، ووجدت آثار دماء لجنود جيش الاحتلال في موقع الاشتباك.

في وداع الشهداء: من أكثر المحطات المتميزة التي لعب بها القائد القسامي سامر دواهقة الدور المنوط به دفاعا شعبه ووطنه، هي بعد استشهاد زميله محمد بلاسمة، حين أقسم القائد القسامي سامر دواهقة بالثأر له قائلا فوق قبره: «إن رصاصنا لا يطلق في الهواء بل في صدور الصهاينة»... فقام بتفجير صهيونية وإطلاق النار عليها قرب بلدة بروقين، وروى شهود عيان أن الباص انشطر إلى نصفين وأن النار اندلعت فيه وأن طائرتي اباتشي أخذت تبحث عن المجاهدين، إلا أنها لم تعثر عليهم... كل هذا حصل في أقل من 24 ساعة من استشهاد بلاسمة، وكعادته، لم يعترف العدو بغير ثلاثة إصابات في صفوف جنوده. وبعد استشهاد صديقه جهاد حسان أبونعيم أحد أعضاء كتائب شهداء الاقصى، أقسم المجاهد سامر أن يثأر له، فكان أن كمن بالقرب من مغتصبة «حلميش» وأمطر سيارة لأحد المستوطنين بالرصاص ولم يعترف العدو إلا بإصابة واحدة في صفوف جنوده.

إضافة إلى لعشرات العمليات العسكرية التي نفذها القائد القسامي سامر دواهقة ضد الاحتلال خلال مسيرته الجهادية.

الشهادة: بعد أدائه صلاة الجمعة بين الأشجار برفقة أخويه محمد يوسف عياش، ومحمد أحمد سلامة مرعي، ركب المجاهدون سيارتهم، فكانت مروحية عسكرية صهيونية تتحضر لعملية اغتيال بحق المجاهدين الثلاثة، وتمكن سامر من مغادرة السيارة التي كانوا يستقلونها، وكمن خلف الصخور محتميا من القصف الصهيوني الكثيف، لكن جنود الذين استعانوا بوحدات من سلاح الجو الصهيوني واصلوا البحث عن المجاهد سامر حتى اكتشفوا مكان واشتبكوا معه في مواجهة دموية، ارتقى على إثرها المجاهد سامر إلى العلى شهيدا، وذلك بعد نفاذ ذخيرته وبعد معركة حامية الوطيس...

تلقت عائلة دواهقة نبأ استشهاد نجلها سامر بصبر وثبات ورباطة جأش وبالدعاء له أن يروقه الله الجنة.

جعفر الخابوري