العدد 2307 - الإثنين 29 ديسمبر 2008م الموافق 01 محرم 1430هـ

مستقبل الاقتصاد الخليجي في ضوء الأزمة المالية

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

شاركت بورقة عمل في ندوة مستقبل الاقتصاد الخليجي في ضوء الأزمة المالية العالمية والتي عقدت في العاصمة العمانية (مسقط) بتاريخ 20 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.

وقد أحسن المنظمون (الجمعية الاقتصادية العمانية والجمعية الاقتصادية الخليجية) اختيار مكان عقد الندوة نظرا لاستضافة مسقط أعمال رقم 29 لقادة دول مجلس التعاون الخليجي (بدأ المؤتمر يوم أمس وينتهي اليوم الثلاثاء). وبدى واضحا من البداية بأن الجهات المنظمة أرادت باختيارها موضوع الأزمة المالية إرسال مجموعة أفكار وتوصيات للقادة نظرا لأهمية المسألة على مستقبل اقتصادات المنطقة.

التداعيات القصيرة الأجل

ركزنا في ورقتنا على التداعيات القصيرة الأجل للأزمة على دول مجلس التعاون والتي تتمثل في تراجع أسعار النفط حيث تسببت الأزمة في تراجع أسعار النفط بشكل نوعي في فترة زمنية من 147 دولارا للبرميل في فصل الصيف إلى أقل من 35 دولارا للبرميل في الآونة الأخيرة.

يعد الدخل النفطي أمرا حيويا حيث يشكل نحو ثلاثة أرباع إيرادات الخزانة العامة في دول مجلس التعاون.

كما تطرقت الورقة إلى موضوع تراجع مؤشرات بوضع خطة أسواق المال في دول المنطقة، إذ فاقت عن 60 في المئة في السعودية خلال العام 2008 بسبب تصدع الثقة.

وقد تميزت الكويت بتكليفها الهيئة العامة للاستثمار بإنشاء محفظة استثمارية طويلة الأجل بالتعاون مع المؤسسات الحكومية الأخرى للاستثمار في سوق الكويت للأوراق المالية بهدف تعزيز أجواء الثقة.

تبلغ قيمة المحفظة 5 مليارات و 300 مليون دولار أي نحو 4 في المئة من القيمة السوقية للشركات المدرجة في البورصة.

إضافة إلى ذلك، تسببت الأزمة إلى تحجيم النمو في السوق العقارية لأسباب مختلفة منها رغبة المستثمرين بالاحتفاظ بالسيولة وتخوف المصارف من منح القروض العقارية فضلا عن عدم استعداد الملاك ببيع العقارات التي بحوزتهم في محاولة للإبقاء على الأسعار. وعليه يمكن الزعم بأن القطاع العقاري فقد بريقه وحيويته من دون سابق إنذار.

تحرير القطاع المصرفي

كما تحدث في الندوة رئيس الجمعية الاقتصادية الخليجية (ناصر القعود)، حيث أوضح بعض الأسباب الكامنة وراء الأزمة المالية وفي مقدمتها المبالغة في تحرير القطاع المصرفي أي إلغاء الرقابة الفعلية على المصارف الاستثمارية في الولايات المتحدة.

وقد اتخذت السلطات المالية الأميركية هذه الخطوة بحجة أن المصارف تعرف كيفية الحفاظ على مصالحها دونما رقابة خارجية.

ويكمن السبب الآخر بقيام المصارف باستصدار مشتقات مالية ذات طبيعة معقدة حظيت بدعم مؤسسات التصنيف الائتماني رغم درجة خطورتها.

تعود جذور الأزمة إلى قيام مؤسسات استثمارية أميركية بتقديم قروض لأفراد لا يتمتعون بملاءة مالية حسنة لكن لديهم الاستعداد لدفع نسب فوائد عالية وتحمل رسوم إدارية مكلفة.

بالمقابل، قدم الزبائن مساكنهم على شكل رهون عقارية مقابل القروض الممنوحة. بدورها قامت المؤسسات المالية المقدمة للقروض بتوريق (إصدار سندات مقابل القروض العقارية) وبيعها على المستثمرين المحليين والدوليين لغرض مضاعفة العائد. وهنا يكمن سر تورط عدة جهات عند حدوث أزمة الرهن العقاري.

أهمية دور الدولة

ولخصت الورقة تأثيرات الأزمة على اقتصادات دول الخليج بتراجع أسعار النفط (يشكل دخل القطاع النفطي نحو ثلاثة أرباع إيرادات الخزانة العامة) إضافة إلى تراجع إيرادات الصادرات غير النفطية وعوائد الاستثمارات في الخارج.

بيد أنه لا يمكن إغفال بعض التطورات الإيجابية للأزمة من قبيل تراجع معدلات التضخم والفائدة.

بدوره دعا رئيس الجمعية الاقتصادية البحرينية (أحمد اليوشع) إلى تعزيز دور الدولة في الاقتصاد باعتبارها الضامن للعملية الاقتصادية. ورأى المتحدث بأن الأزمة المالية الحالية تتميز عن سابقاتها لكونها دولية وغير مقتصرة بدولة أو إقليم كما كان الحال مع الأزمات المالية السابقة.

الصدمات السبع

إضافة إلى ذلك، شدد أمين عام مركز البحرين للدراسات والبحوث (عبدالله الصادق) على أهمية تسريع وتيرة عملية التكامل الاقتصادي الخليجي كنوع من الاعتماد على النفس. ومن شأن التكامل الاقتصادي القضاء على ظاهرة قيام مشاريع مكررة في دول الخليج ما يشكل هدرا للثروات المحدودة أصلا.

أما مسك الختام فكان من نصيب أستاذ علم الاقتصاد بجامعة الملك عبدالعزيز في جدة (د.وديع كابلي)، إذ رأى بأن الأزمة تسببت في بروز سبع صدمات لاقتصادات دول الخليج. ويبدو واضحا استفادة د.كابلي من القصة المروية في القرآن الكريم عن النبي يوسف. وتتمثل هذه الصدمات أولا بتراجع مستويات أداء أسواق المال في المنطقة بسبب ذعر المستثمرين ورغبتهم بيع الأصول التي بحوزتهم للاحتفاظ بالسيولة. والصدمة الثانية عبارة عن تدني قيمة الدولار ما يشكل ضررا مباشرا لاقتصادات دول الخليج التي تربط عملاتها بالدولار الأميركي (وبدرجة أقل الكويت حيث تربط عملتها بسلة من العملات الصعبة). أما الصدمة الثالثة فمردها تأثر القطاع المصرفي بسبب شراء بعض المؤسسات المالية سندات أميركية فقدت جانبا كبيرا من قيمتها فضلا عن تراجع النشاط المصرفي. والصدمة الرابعة هي التي أصابت العقارات حيث فقد القطاع العقاري بريقه دون سابق إنذار. أما الصدمة الخامسة فعبارة عن تراجع الطلب على خدمات السفر والسياحة حيث يقوم الناس بالتخلص من رفاهية السفر زمن الشدة. والصدمة السادسة فهي التي أصابت القطاع النفطي كما تبين من تراجع السعر من نحو 147 إلى 35 دولار للبرميل في غضون ستة أشهر. أما الصدمة السابعة والأخيرة فتعود إلى انخفاض مستويات الدخل الكلي للحكومات وبالتالي تدني مستويات الإنفاق.

ختاما نتمنى أن ينتبه قادة دول مجلس التعاون الخليجي وهم يصدرون بيانهم الختامي بأن فصول الأزمة لم تنتهي بل تفاقمت وباتت تهدد قطاعات أخرى مثل قطع التأمين وقطاع التجزأة (بسبب مشكلة الطلب) أي بدأت تتحول من أزمة مالية إلى اقتصادية. نرى أن الحاجة ماسة لتبني خطط إنقاذ لأن التأخير سوف يؤدي حتما إلى زيادة فاتورة التدخل.

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 2307 - الإثنين 29 ديسمبر 2008م الموافق 01 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً