العدد 2307 - الإثنين 29 ديسمبر 2008م الموافق 01 محرم 1430هـ

غزّة هاشم... لن تموت

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

على رغم فظاعة اللحظة ووحشية الحصار وقساوة الدمار، فإن فجرا جديدا سيولد من بين ركام المساجد والمدارس والبيوت في غزة. ومن يملك منظورا تاريخيا سيؤمن بأن منطقة الشرق الأوسط لن تكون نفسها كما كانت قبل المجزرة.

وإذا كان الإسرائيليون يُمَنُّون أنفسهم بـ «السيناريو الجميل»، بالقضاء على هنيّة والزهّار، وتصفية جيوب المقاومة، وانتشار جنودهم على فوهات الأنفاق على محور فيلادلفيا... فإن سيناريو «تموز» يهدّدهم بـ «فينوغراد» آخر بعد أن تضع المحرقة أوزارها.

وكما كانت حرب تموز نكسة للمشروع الأميركي، فإن غزة قد تنتهي بنكسةٍ سياسيةٍ جديدة لمن يُصنّفون أنفسهم بـ «المعتدلين». وإذا كان للبترودولار إعلامه الطاغي منذ الثمانينات، فقد أصبح لقوى الممانعة إعلامها الذي يعادل الكفّة لصالح الضحايا والشهداء، وهو الذي سيلعب دوره الحاسم في قلب الطاولة على محور «الاعتدال».

الشامتون من قومنا الذين عيّروا «حماس» بسقوط 150 شهيدا في الضربة الإسرائيلية الأولى، وجدوا أنفسهم بعد 24 ساعة فقط في عزلةٍ قاتلةٍ، فالأصوات الخجولة التي كانت تطالبهم من قبل برفع الحصار، تحوّلت إلى مظاهرات غضب في كل العواصم العربية، ورفعت سقف مطالبها إلى قطع العلاقات مع «إسرائيل»، وطرد السفير الصهيوني وفتح المعابر وإنهاء سياسة تجويع القطاع المقاوم.

هؤلاء «المتواطئون» مع الأعداء التاريخيين للأمة، كانوا يكرّرون حرفيا ما كانت تمليه عليهم الحيّة الإسرائيلية الرقطاء، تسيبي ليفني، التي أمرتهم بتحميل مسئولية المجزرة لـ «حماس». والوزير المصري الذي هدّد دون حياء، بكسر أرجل الفلسطينيين قبل شهرين، إحياء لسُنّة كسر الأطراف الإسرئيلية قبل عقدين، وجد نفسه مربكا أمس في تركيا، حين سأله صحافي عمّا ستنتهي إليه سياسته غير المقبولة عربيا ولا إسلاميا ولا إنسانيا... فضلا عن تناقضها مع كرامة بلاده وشرفها واستقلالها وأمنها القومي. ورغم كل مظاهر الدمار والدماء والأشلاء، وما تتشح به غزّة من سوادٍ يرين على قلوب الملايين، فإن فجرا جديدا سوف يولد من بين أنقاض مساجدها ومنازلها. وإن هذه الأمة التي راهن على موتها الساسة والباعة والسماسرة، ومشايخ الدين المرتشين من خدّام السلاطين، تشهد اليوم غضبة ترد إليها الاعتبار. فالمظاهرات الغاضبة لم تقتصر على بيروت وصنعاء والمنامة والخرطوم ونواكشوط، بل عمت في الكويت ومسقط وصلالة وعشرات المدن والجامعات المصرية في الوجه القبلي والبحري، التي ادّعى الوزير أن نظامه يدافع عن مصالحها! إنها غضبةُ أمةٍ سكتت طويلا على سياسات الحصار والتجويع والاستباحة والتواطؤ مع العدو، كلها تجمع على إنهاء المهزلة، من تقريع الضحية ومكافأة الجلاد بالقبلات. فالعلماء المسلمون طالبوا بوقف المذبحة وأدانوا التواطؤ الرسمي، والسيد السيستاني دعا للسعي لوقف العدوان وكسر الحصار، والسيد الخامنئي أعلن الحداد في إيران، والبرلمانيون العرب طالبوا بسحب «المبادرة العربية» التي كوفئت بها «إسرائيل» على حصار ياسر عرفات. بل إن من بشائر الخير في هذه المحنة التي أكربتنا جميعا، أن ستين شخصية سعودية طالبت بالتحرك لنجدة الأهل في غزة. الحيّة الإسرائيلية الرقطاء، البولندية الأصل، كانت تحلم بغطاءٍ رسمي عربي وإجماع عالمي حول حرب الإبادة في غزة، ولكنها ظهرت أمس على «الجزيرة» تعاتب الإعلام على بثّ الصور التي لا تساعد على نشر ثقافة السلام!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2307 - الإثنين 29 ديسمبر 2008م الموافق 01 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً