العدد 2560 - الثلثاء 08 سبتمبر 2009م الموافق 18 رمضان 1430هـ

( رسائل القراء ):المناسبات الثلاث الكبيرة بين وزارة «التنمية» والصناديق الخيرية

من خلال متابعتنا لمشاعر مختلف شرائح المجتمع، وجدناهم متوجسين كثيرا من تزامن ثلاث مناسبة كبيرة في أوقات متقاربة، ويقصدون بذلك شهر رمضان المبارك ومتطلباته الكثيرة وعيد الفطر واستعداداته الكبيرة وافتتاح المدارس وبدء العام الجديد وما يحمل من أعباء ثقيلة.

هذا التزامن جعل الأسر في حيرة من أمرها، ولم تستطع تغليب مناسبة على أخرى، جميعها بالنسبة لهم مهمة جدا، ولكن قدرتهم المالية أو الاقتصادية لا تلبي عند أكثرهم إلا مناسبة واحدة، والبعض منهم يعجز توفير أدنى ما يمكن من متطلبات مناسبة واحدة.

هذه حقيقة لا يمكننا تجاهلها أو تغافلها، البعض من الناس والذين يشكلون رقما كبيرا يشعرون بالحرج الشديد أمام أنفسهم وأهاليهم، و ليس لديهم مخارج تساعدهم على التغلب على هذا الوضع القاسي، فتارة تراهم يذهبون إلى الصناديق الخيرية ليسعفوهم ولو بالقدر القليل من المواد الغذائية وما إلى ذلك من المساعدات العينية أوالمادية، وتارة ثانية تراهم يبيعون ماء وجههم على المحسنين من الناس حتى يقدمون لهم ما يسدون به الجزء اليسير من احتياجاتهم في هذه المناسبات الكبيرة.

لن نتكلم عن البعض الذين يحرصون على حفظ ماء وجوههم ولا يبيعونه بثمن بخس كما يقولون، فنحن في هذه العجالة لا يمكننا عرض الموضوع من جوانبه المتعددة، لأن ذلك يحتاج منا مساحات أكبر، ولكن ما يمكننا قوله في هذا المجال، والذي يوافقني عليه كما أتصور مجالس أمناء الصناديق والجمعيات الخيرية، إن تزامن هذه المناسبة الكبيرة في أوقات متقاربة يشكل ضغطا نفسيا ومعنويا وماليا واجتماعيا على الصناديق، بسبب أن الناس من أهل البر والإحسان لا يمكنهم دعم أكثر من مناسبة في وقت واحد.

هذا الأمر يجعل الجمعيات والصناديق الخيرية أمام ثلاث خيارات، أما القيام بثلاث المناسبات على أكمل وجه حتى ولو كانت المساعدات والدعم لا يفيان بمتطلباتها حتى بنسبة متدنية، ويعتبرون ذلك واجب أخلاقي على كل صندوق القيام به في مختلف الظروف والأحوال، وأما ربط القيام بهذا المشروع أو عدمه بحجم الدعم والمساعدات التي تصل إليهم، فإذا لم يحصلوا على المبالغ المطلوبة أو حصادهم كان ضعيفا أو متوسطا، فإنهم غير مجبرين على القيام به بالصورة التي رسموها، بإمكانهم إلغاء المشروع في حال كانت المحصلة شبه معدومة، أو التقليل من العطاء إذا كانت المحصلة متدنية أو متوسطة، فهم يربطون نسبة العطاء بنسبة التحصيل، فكلما كان التحصيل وافرا كان العطاء كبيرا، وكأنهم يتعاملون بآليات التناسب الطردي في هذا المجال، نسأل هل ما تقدمه الصناديق أو الجمعيات الخيرية يسد حاجات الأسر المتعففة؟ من يدعي منهم أنه بعطائه يسد حاجات الأسر حتى ولو بنسبة 30 في المئة يكون قد أخطأ في حق نفسه قبل أن يخطأ في حق غيره، لا يوجد صندوقا يستطيع أن يدعي ذلك، للاعتبارات الكثيرة، ما تقدمه الصناديق الخيرية للأسر المتعففة لا يساوي ثمن بيع وجههم ولا لثمن ما يبذلونه في تجميع كل البيانات والمستندات الكثيرة التي تثبت أنه فقير ومحتاج للمساعدة وما يطلب منها كثير وما يعطيه الصندوق لها قليل، وسأذكر مثالا واحدا للتدليل على صحة ما نقول، لو اللجنة الاجتماعية في أحد الصناديق الخيرية بعد دراسة إحدى الحالات وجدت أنها بحاجة إلى 100 دينار على سبيل المثال حتى تتمكن أن تعيش بالمستوى المتدني، ولكنه وحسب قدراته الاقتصادية صرف إلى تلك الأسرة 30 دينارا، هل يستطيع أن يقول الصندوق أنه ساعد تلك الأسرة بالقدر المطلوب؟ أخلاقيا ومنطقيا وعقلانيا لا يمكنه أن يدعي ذلك، فالصناديق تقوم بدور المسكنات المؤقتة التي تجعل الأسر تواصل الحياة بالقدر الذي لا يؤدي إلى الموت ليس إلا.

ليس ما نقوله هو تقليل لعمل الصناديق الخيرية، ولكن هذا هو الواقع، وليس للصناديق يد فيه إذا لم تمتلك الموازنات التي تمكنها من تلبية الحد الأدنى من متطلبات الأسر.

أما إذا كانت في رصيدها مبالغ كبيرة من الصدقات والتبرعات، وهي لا تستعمل إلا القطارة في العطاء وهي تعلم أن ذلك الأسلوب يؤثر على أخلاق وسلوك وكرامة وعزة الأسر، فإنها تتحمل تبعات كل ما سيحدث جراء ذلك الأسلوب أمام الله جل وعلا وأمام الناس.

الكل يعلم أن تأسيس الصناديق الخيرية من أجل تقديم المساعدات اللائقة للأسر المتعففة في المجتمع، وليس لتكوين رصيد كبير في مختلف البنوك والمصارف، لا نقول أصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب، ولكن نقول مادامت هناك صدقات دفعت من الناس لا بد من وضع آلية واضحة لإيصالها إلى مستحقيها في وقتها المناسب، في حال وجود فائض من الصدقات، وهذا لا يمكن أن يتفوه به احد إلا بعد التأكد من عدم وجود فقير واحد في محيط المنطقة التي يعمل فيها.

ولو وجد فقير ولم تصل إليه الصدقة بأي مبرر غير شرعي، يكون الصندوق العالم بوجود ذلك الفقير الذي لم تدفع إليه الصدقة وضع نفسه في إشكالات كثيرة.

نحن نعلم جميعا أن الصناديق الخيرية هي مؤسسات غير ربحية، وهذا النوع من المؤسسات لها أدبيات وأخلاقيات محددة تختلف تماما عن أخلاقيات وأدبيات المؤسسات الربحية، والتعامل معها وكأنها مؤسسة ربحية تعامل خاطئ بكل المقاييس الإنسانية والخيرية.

لا يمكن للصناديق الخيرية الواقعية أن تختزن فلسا واحدا من أخذ أذن من الفقير، فلو رفض الفقير ذلك لا يجوز للصندوق التصرف فذ ذلك الفلس، هذه حقيقة لا بد لنا الإلتفات إليها، ليس من المنطق أن يقول أعضاء مجلس الأمناء أنهم لا يقبلون لأنفسهم أن تقل ميزانية الصندوق عن المبلغ الذي تسلمناه من الإدارة السابقة، لأن ذلك يكشف للناس سوء التصرف.

إن الصندوق الخيري ليس معني بالتقيد بالأسلوب ذاته، وعليه أن يقيس الأمور حسب متطلبات العمل الخيري التي تحقق أهدافه بنسبة كبيرة، وإن لم يستطع توفير ما يسد حاجات الأسر المتعففة على وزارة التنمية الاجتماعية التعاون معه لتوفير ما يتطلبه العمل الخيري منها، لا بد من دعم من الوزارة للمشاريع الموسمية التي تقوم بها الصناديق الخيرية.

نسأل المولى أن يوفق المشتغلين في الأعمال الخيرية في جميع مناطق مملكتنا الغالية وأن يجعل ما يقوم به في ميزان حسناتهم... آمين رب العالمين.

سلمان سالم

العدد 2560 - الثلثاء 08 سبتمبر 2009م الموافق 18 رمضان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً