العدد 2563 - الجمعة 11 سبتمبر 2009م الموافق 21 رمضان 1430هـ

«باب الحارة 4» يحل كل خلافات الأجزاء السابقة

فيما يقدم النساء في المواجهة

كثرة تجارب المشاهد العربي مع دراما رمضان جعلته خبيرا بها خلال السنوات العشر الأخيرة، فهو ينتقد أدق تفاصيلها، من نص، وإخراج، أداء، موسيقى، ديكورات، حتى الأمور الفنية والتقنية والترويجية التي تشارك في العمل، تنال نصيبها من التعليقات. وبالتأكيد يزخر هذا الموسم الدرامي العربي في شهر رمضان من كل عام بهذا النوع من الأحاديث النقدية على مختلف المستويات، ابتداء من ثرثرات الجارات على أحداث الحلقة الفائتة، وصولا إلى النقاد والمحللين، والصحافيين والكتّاب.

وقليلة هي الأعمال التلفزيونية التي تنجو من النقد، سواء أكان بنّاء أو سلبيا، لاذعا أو مُشيدا. ولا يخلو كم الحديث عما شاهدنا من أنواع النقد الذي يضيف ويوضح لأصحاب العمل، وللمشاهدين، ثغرات وميزات العمل، التي قد يتفاداها من قدموا العمل سابقا، ويتوخاها من سيقارب هذا العمل لاحقا.

وهذا ما نشهده هذه السنة في المسلسل السوري «باب الحارة» في جزئه الرابع طبعا كما يعرف الجميع، فالنسخة التي عرضت منه السنة الماضية، أي الجزء الثالث، نالت أكبر كم من الانتقادات من بين جميع أجزاء هذه السلسلة، الجميع علق على وضوح تركيب العمل ليعرض في رمضان بأي شكل كان، المهم أن نوجد في رمضان حتى لو على حساب كامل تفاصيل العمل من نص وأداء وحبكة... إلا أن - وعلى حد تعبير بعد النقاد - منتجي العمل في هذه السنة اطلعوا على كم كبير من التعليقات والانتقادات، في الصحف والمواقع الإلكترونية وعلى الشاشات العربية، وعرفوا أن أنموذج ما قدم في السنة الماضية سيقضي على العمل في المشهد الأول من الحلقة الأولى، لهذا تداركوا جزءا كبيرا من الملاحظات السابقة، وقاموا بتعديلها وتصحيحها، ووضعها بما يتناسب ورغبة من تكلموا في العمل وأوصلوا أصواتهم.

وبهذا نجد أن أحداث قصة مسلسل «باب الحارة» بدأت تأخذ منحى مختلفا في أنموذجها الحالي عن الأجزاء الثلاثة الماضية، حتى أن كثيرا من هذه القضايا التي يطرحها جزء هذا العام لم يكن لها وجود حقيقي وفاعل في الأجزاء السابقة، كي يجعلها مرتبطة بالسياق الذي شاهدناه طوال السنوات الثلاث السابقة. فالمسلسل هذه السنة بدأ يضع مسألة الثورة على الانتداب الفرنسي لسورية أساسا لجميع محاور العمل، فتراجعت كل القصص الجانبية الأخرى من أحاديث العائلة ومشاكلها وجلساتها النسائية والرجالية، لتختفي في غالبية الحلقات، ولتبقى قضايا الحارة المحاصرة، شبان الحارة الفارون، والجوع الذي يتربص بأهلها... المحاور الحقيقية للأحداث. فحتى مشاكل نساء «حارة الضبع» ما بين بعضهن بعضا اختفت دفعة واحدة، وكأنه لم يكن لها وجود، والخلافات مع زعامات الحارات المجاورة، جميعها أمور غيبت تماما على رغم أنها كانت المحرك الحقيقي للأحداث في الأجزاء السابقة.

وعلى رغم أن البعض وجد أن تقديم قضية وطنية وسياسية كقضية الاحتلال ومواجهة الظلم، مسألة تحسب للعمل لا عليه، فإن هناك من يجد أن هذه النقلة النوعية في الأحداث لم تأت إلا على أساس ما وجه من نقد واستنكار للكثير من التفاصيل التي وصفت بالسطحية في الجزء الثالث تحديدا.

فتقديم دور النساء بهذا الشكل وتحويلهن من مسكينات محكومات بأهواء أزواجهن، يتقاتلن فيما بينهن لأتفه الأسباب، ويغارن من بعضهن بعضا، وكثيرات منهن لم يكن لهن دور في العمل سوى الربط ما بين المشاهد بمشهد تنظيف إحداهن «لأرض لديار» أو ساحة المنزل الداخلية في الصباح، وإعدادها «كسر سفرة» أي وجبة الإفطار، ومن ثم تجهيزها للغداء، واستئذانها من «ابن عمها» أي زوجها، بأن تذهب لزيارة أمها بحياء وخوف. في حين تدير نساء الحارة هذه المرة جانبا كبيرا من الموضوع، بدخولهن الصراع وتطور الأحداث بشكل مباشر، وليس من خلف الأبواب. وتعليق الكثيرين اليوم أن مثل هذه النقلة النوعية في مجريات العمل، كانت تحتاج إلى مقدمات ومبررات تتصل بسياق العمل، وأن هذا التحول يطلب دراما بارعة يمكنها تقديم صلة معقولة ومقبولة للمشاهد، لا أن تقحمه وتنطلق به حيثما تشاء ومن دون استئذان.

العدد 2563 - الجمعة 11 سبتمبر 2009م الموافق 21 رمضان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً