العدد 2567 - الثلثاء 15 سبتمبر 2009م الموافق 25 رمضان 1430هـ

عمر بن الخطاب (الفاروق)

سلمان ناصر comments [at] alwasatnews.com

.

إن لنا في الخلفاء الراشدين أسوة حسنة تتمثل في الصحبة والقرابة بين الآل والأصحاب، وإذا ما تناولنا شخصية الفاروق، فهو عمر بن الخطاب بن نوفل بن عبد العزي بن رباح بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي هو ثاني الخلفاء الراشدين، وأول من عمل بالتقويم الهجري، لقبه الفاروق، وكنيته أبو حفص، والحفص هو شبل الأسد.

وقد لقب الفاروق لأنه كان يفرق بين الحق والباطل ولا يخاف في الله لومة لائم، كما أنه زوج أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنه وحفيدة الرسول (ص) وبنت فاطمة وأخت الحسن والحسين.

وفي عهده اتسعت أركان الدولة الإسلامية، خاصة بعد القضاء نهائيا على الإمبراطورية الفارسية في القادسية ونهاوند، فاستطاع فتح الشام وفلسطين، واتجهت جيوش المسلمين غربا نحو أفريقيا، حيث تمكن عمر بن العاص فتح مصر.

كان من أصحاب سيدنا رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.

ما سنستعرض في حياة هذا الصحابي الجليل هو صلة القربى والصحبة والمحبة بينه وبقية الصحابة التي نفتقدها في وقتنا الحاضر ولنأخذ الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه نموذجا لهذه الصحبة.

فقد تجلت عبقرية علي رضي الله عنه وصدق نصيحته، وشد حرصه، وعظم مودته وتعاونه، عندما استشار عمر الناس للخروج الى نهاوند، حيث تجمعت جحافل الكفر والشرك لقتال المسلمين، فأبى علي ذلك وأشار على عمر بالبقاء، وأرسل آخر حفاظا على أمير المؤمنين وصونا لبيعة المسلمين، وخوفا من انفلات الأمر وانقلابه من أطراف العرب ممن في قلوبهم مرض، فأخذ عمر بنصيحته، وتمسك بمشورته، وأرسل النعمان بن مقرن المزني.

أما عندما طلب النصارى أن يأتي أمير المؤمنين لكتابة الصلح وتسلم مفاتيح المسجد الأقصى فقد أشار علي رضي الله عنه على عمر بالخروج، لما في ذلك من شرف تاريخي مجيد لا يأتي لمثله أحد في كل حين، مع أمن حصول أي مفسدة في ذلك وللثقة الكبرى والمودة الصادقة بين أمير المؤمنين عمر وعلي رضي الله عنهما، فقد استخلفه عمر على المدينة على جميع شئونها وسافر مع الصحابة إلى القدس.

ففي هذه المواقف بيان لما بين الصحابة الكرام (رضوان الله عليهم) من محبة وأخوة.

ما أردنا الوصل إليه هو أن من خلال القرون الماضية كان هناك تغيير اجتماعي تمثل في تصنيف المذاهب وصل إلى المفهوم السياسي، واستمر هذا التغير إلى ما وصلنا إليه اليوم.

كما أن هذا التغير لم يخدم المؤسسة الدينية وأوجد المزيد من الشرعية الاجتماعية والمذهبية التي تقودنا إلى الخطاب الإقصائي، كما يقودنا إلى تصنيف المذاهب، هل هو عقدي أو منهج سياسي أو اجتماعي، وكأننا نبني الأعداء داخل المجتمع الواحد، مما يوصلنا إلى حرب الانتقام ضد التيار المغاير للعبة التغيير البطيء وإسقاط المسئولية على الغير. ولكن إذا ما أردنا تقريب وجهات النظر بعيدا عن الصراعات الميدانية التي تؤجج غضب الشارع، فلنحاول وللنطلق للتعامل مع التاريخ بكل سلبياته وإيجابياته بعيدا عن الصراعات التاريخية التي لم نكن طرفا بها لا من قريب ولا من بعيد.

بتفاهم حقيقي بين جميع التيارات الفكرية في المجتمع ونخص بالذكر التيار الديني، بعيدا عن التجريم والتكفير، ولنعمل على استغلال العقل والاستنباط بعيدا عن التعصب أو التقليد، إننا بحاجة إلى إعادة النظر في الأسس العلمية التي أثبتت عليها بعض المفاهيم، كما أننا بحاجة إلى رؤية لتأصيل التراث (أو الاتباعية كما يسميها البعض) ونقدها وتمحيصها، ثم نقدم أسس وأصول جديدة، لمقاصد الفعل السياسي والتآخي وضوابطه، المستقاة من الوحي، قرآن وسنة باعتبارها محددا لتعيين آليات تحقيق المقاصد وإعداد الضوابط المستمدة من الخبرة التاريخية لما فيها خير البلاد والعباد.

وهنا نسأل هل باستطاعتنا نقد التراث السياسي الإسلامي، لاستنباط القواعد العامة وفهمها وفق قواعد محددة المعالم حتى يزول التعارض الظاهر بين الأحكام المستنبطة والمقاصد؟

إنما أردنا من طرح هذا الموضوع بيان المحبة والأخوة بين الصحابة رضوان الله عليهم.

المحبة التي نفتقدها بين الأخوة اليوم والأخوة في المجتمع الواحد، التي إن وجدت تقودنا إلى التآخي السياسي.

إقرأ أيضا لـ "سلمان ناصر"

العدد 2567 - الثلثاء 15 سبتمبر 2009م الموافق 25 رمضان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 15 | 10:22 م

      على قدر أهل العزم ...

      شكراً على هذا الأسقاط و العبرة من سيرة الخليفة الفاروق و خير المستشارين الإمام علي كرم الله و جهه, فقد كانو عظماء لأنهم خلفاء و صحابة الرسول الأعظم و لأنهم عظماء صنعوا أمة عظيمة دانت لها الأمم في ذاك الزمان ففيهم قيل ( عدلت فأمنت فنمت )/ أخوك أحمد جوهر

    • زائر 14 | 7:19 ص

      سلمت يمينك يا بو خالد

      والله ان لنا في سيرة واعمال الفاروق عمر ابن الخطاب لعبره عظيمه
      فهو اللذي اذا سلك طريق سلك الشطان طريقا اخر
      انه دعوة رسول الله (ص) حينما قال اللهم انصر هذا الدين احد العمرين
      هذي الشخصه اللتي تحارب حتى هذا اليوم لانه اطفئ شعلة المجوس في ارض فارس واخذ مفاتيح المسجد الاقصى وفي عهده فتح الكثير من بلاد المسلمين
      لك مني جزيل الشكر والامتنان لتطرقك لذكر بعض من مناقب هذه الشخصيه العظيمه
      اخوك بوسلمان

    • Mishal | 9:44 م

      مشكور

      مشكور على المقال الرائع

    • زائر 13 | 1:16 م

      اهتم بالجنوبية واترك عنك المجاملة الكذابة

      بلا كلام فاضي اسمحلي على قسوتي عليك بس احنا اهل الجنوبية عندنا امور اهم من التقريب والتخريب رجاء لا تنافق وحنا بشهر رمضان
      للاسف انت تغيرت وايد يا بوخالد ما كنت جذي الله يسامحك

    • زائر 11 | 6:53 م

      الظاهر

      اخوي ملاحظ ان مواضيعك تنصب كلها في خانة التقريب بين المذهبين

    • زائر 10 | 2:35 م

      ذرك يا علي

      نجاح الخليفة عمر في حروبه وهو أخذ بنصائح واستشارات الأمام علي ومن غير علي باب مدينة العلم وهو الذي يقول اسئلوني قبل أن تفقدوني.

    • زائر 7 | 6:52 ص

      تربت يداك ويمناك ياخي

      اخي العزيز يوم بعد يوم نحبك فالله اكثر واكثر اخي المشكله الكامنه عندنا ليس فالدين ولكن فالعقلية الموجوده لدى بعض الناس او الفئة القلليلللللللللللللللهواتمنى ان تكون قليله ياخي سلمان الناس الموجوده في هذا الوقت لاتستفي قلوبهم ولكن يستفتون انس مثلهم وربما يكونون اقل منهم فكريا وعقليا ولذلك التأخر الفكري والديني فأتمنى من الناس ان تقرأ من علي ومن عثمان ومن ابو بكر ليعرفوا الحق من الباطل وشكرا مرة اخرى

    • زائر 6 | 6:51 ص

      عمر بطل الأبطال

      لله در الفاروق عمر فاتح القدس ومحررها من أيدي الروم أقوى أمم الأرض في ذلك الزمان .
      ولله در الفاروق عمر هازم الفرس المجوس .. فما أغنت عنهم الحصون وما أغنت عنهم أفيالهم ولا آلات الحرب التي صنعوها ، ولو ترون الهرمزان (قائد الفرس المغرورين) ذليلاً كسيرا وقد أتى به الصحابة ( بقيادة سعد بن أبي وقاص ) رضي الله عنهم إلى سيدنا عمر الفاروق مقيداً بالسلاسل ، لعرف الناس صدق الصحابة رضي الله عنهم وأن الله ينصر من ينصره ..

    • زائر 5 | 5:42 ص

      المذاهب

      بالنسبة لنا كمسلمين المذاهب نوعان : امافكرية واما سياسية ... الشق الصغير الكبير أحدثته السياسة المتبعة في ادارة شؤوون الخليقة وماتلاها من فتنة وحرب بين المسلمين انفسهم ... واما الشق الكبير الصغير الذي أنتج العشرات من المذاهب كان بسبب الثورة الفكرية في وقت مايعرف بالعصر الذهبي

    • زائر 3 | 3:56 ص

      الله يسلمك

      صل على النبي

    • زائر 2 | 3:54 ص

      لم تكن المذاهب موجوده في ذلك الوقت يل سيدي

      أولاً أشكر لك حرصك على وحدة المسلمين في مشارق الأرض و مغاربها و لكن لم تكن المذاهب موجوده في ذلك الوقت يل سيدي بل كانوا (أي الصحابه رضي الله عنهم أجمعين) كلهم مسلمون من غير مذاهب.

اقرأ ايضاً