العدد 275 - السبت 07 يونيو 2003م الموافق 06 ربيع الثاني 1424هـ

الزعماء العرب و«البحر وراءهم »... في شرم الشيخ

أبرز الغائبين: عرفات ولبنان وسورية

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

بينما سقط ثلاثة فلسطينيين شهداء وجرح العشرات إثر اجتياحات إسرائيلية كان أبرزها في طولكرم وبيت لحم، اختتم قادة عدد من الدول العربية والرئيس الأميركي جورج بوش قمة شرم الشيخ بالتزام عربي بمكافحة الإرهاب، وتعهد أميركي بإقامة دولة فلسطينية مستقلة، ليتوجه بوش بعد ذلك إلى العقبة بالأردن للمشاركة في قمة يحضرها كل من رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس (أبومازن) ونظيره الإسرائيلي آرييل شارون والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني. وإذ ذكرت غالبية الصحف العربية ان الوفد السعودي هدد بالانسحاب في حال تضمن بيان الجانب العربي في ختام القمة فقرة تشير إلى موضوع التطبيع مع «إسرائيل»، لاحظت الصحف اللبنانية ان البيان العربي لم يأتِ على ذكر لبنان أو سورية.

إذ عنونت السفير (اللبنانية) «المعتدلون العرب يفوّضون بوش استكمال برنامجه ويتجاهلون لبنان وسورية... قمة شرم الشيخ تحظر الانتفاضة وتصنّفها إرهابا» فقد بدا من قمة «النصف ساعة» التي عقدت في شرم الشيخ ان الزعماء العرب الخمسة المشاركين فيها قد فوّضوا الرئيس بوش استكمال جدول أعماله في المنطقة، سواء في فلسطين من خلال التركيز على وقف الانتفاضة وربطها بالإرهاب، أو في العراق اذ لزم الجانب العربي الحياد بدرجة لافتة للنظر، ومن دون أية إشارة إلى الحرب التي تعرض لها أو الاحتلال الذي يخضع له حاليا. وقالت السفير إذا كان الرئيس الأميركي أغفل الإشارة إلى لبنان وسورية في بيانه الختامي، فقد كان من اللافت للنظر سقوط أي ذكر للبلدين ولمسارهما في البيان العربي الذي ألقاه الرئيس المصري حسني مبارك في أعقاب القمة. ولاحظت ان الرسائل التي أرسلها المشاركون العرب وبوش واضحة. فعدم الإشارة إلى عرفات، إلا في معرض التهديد (كما فعل كولن باول)، قابله تكرار الإشارة إلى رئيس الحكومة الفلسطينية محمود عباس (أبومازن)، وإبراز مظاهر وعبارات الترحيب به، لكن من دون عقد لقاء ثنائي بين بوش وأبومازن. أما تأكيد محاربة الارهاب ونبذ التطرف والعنف «في أي شكل كان ومن أي مصدر بصرف النظر عن التبريرات والدوافع» مثلما ورد في البيان العربي، فلم تقابله إشارة واحدة تميز المقاومة، والفلسطينية تحديدا، عن «الارهاب». وقد يتساءل الكثيرون عن السبب الذي يدفع المشاركين العرب إلى التنصل من دعم المقاومة الفلسطينية للاحتلال، وهو ما عبّر عنه البيان العربي عندما ذكر «سنتأكد من ان مساعدتنا للفلسطينيين ستوجه فقط إلى السلطة الفلسطينية».

كذلك جاء في مانشيت النهار «البيان العربي أغفل ذكر لبنان وسورية وأكد محاربة الارهاب بصرف النظر عن التبريرات والدوافع.. بوش حقّـق في شرم الشيخ مطالبه... ما عدا التطبيع وتحدي العقبة. اليـوم إقناع شارون بالدولة الفلسطينية» ولاحظت النهار ان الرئيس بوش أطلق أكثر مهمات السلام الأميركية في الشرق الأوسط طموحا منذ سنتين، واستطاع الرئيس الأميركي الحصول بلا لبس على أهم مطالبه وشروطه من خمسة من الزعماء العرب الذين شاركوا في القمة، فما جاء في خطاب مبارك إشارة صريحة إلى إسقاط التحفظ العربي عن وصف أعمال المقاومة المسلحة للاحتلال بالإرهاب، ولاحظت النهار انه كما غاب عرفات عن شرم الشيخ غاب لبنان وسورية تماما عن البيانين الأميركي والعربي. وخلصت الصحيفة البيروتية إلى انه بعدما حصل الرئيس بوش من الزعماء العرب على دعمهم لـ «خريطة الطريق» و«رفض الارهاب»، سيكون عليه أن يقنع اليوم رئيس الوزراء الإسرائيلي بضرورة إقامة دولة فلسطينية سريعا وإزالة المستوطنات. وتحت عنوان «عرب بلا هوادة» رأت سحر بعاصيري في النهار ان الأفظع من هذا هو غياب كلمتين محوريتين في عملية السلام قام كل الموقف العربي عليهما: العادل والشامل. فلا ذكر القادة الخمسة في بيانهم كلمة عادل في حل القضية الفلسطينية وأمعنوا في مديح «رؤية» بوش، ولا ذكروا كلمة شامل طبعا لتفادي أية إشارة إلى سورية ولبنان ستغضب بوش. بل حتى انهم لم يجرؤوا في ذلك على الاختباء وراء النصيحة الفرنسية لبوش بإعداد خريطة طريق وخصوصا بلبنان وسورية، وإذ لم تر بعاصيري حاجة بعد هذا إلى الخوض في ما قالوه عن العراق ومكافحة الارهاب وجهودهم لتحقيق الإصلاح بما يضمن لهم علامات إضافية في شهادة حسن السلوك التي يطلبون. ولاشك في انهم نالوها عن جدارة في شرم الشيخ، اقله حتى إشعار آخر. فليطمئنوا. اعتبرت ان ثمة ما يثير القلق، فالقادة الخمسة الذين استخدموا ألطف العبارات والأوصاف في الحديث عن القضايا الكبرى في المنطقة، جنحوا نحو لغة صارمة حازمة عندما تعهدوا باستمرار العمل «بلا هوادة» نحو شرق أوسط خال من الشقاق والعنف الخ... كيف؟ هل في وسعهم أكثر من ذلك بعد؟..

وعنونت الكفاح العربي «قمة شرم الشيخ تقرر تصفية الانتفاضة. سنستخدم كل الوسائل لمواجهة المنظمات الارهابية».. وقالت «أخيرا المقاومة في فلسطين إرهاب والاحتلال في العراق تحرير»، ولاحظت ان قمة شرم الشيخ القياسية من حيث قصر وقتها خرج الرئيس الاميركي جورج بوش بتنازلات عربية «قياسية»، عززت فرص نجاح تدخله الشخصي الأول في عملية السلام بالشرق الأوسط، ومنحته «غطاء عربيا» للمزيد من التنازلات الفلسطينية في قمة العقبة اليوم. ففي منتجع شرم الشيخ المصري وقف الزعماء العرب المشاركون في القمة و«البحر وراءهم»، ليعلنوا بيانهم العربي المشترك الذي تضمن الكثير من التنازلات المتعارضة مع قرارات القمم العربية السابقة.

وجاء في اللواء «قمة شرم الشيخ: ترحيب بخريطة الطريق وخلاف على الخلط بين المقاومة والإرهاب». ولاحظت اللواء، منفردة، ان خلافات عربية ـ أميركية كانت أعاقت صدور بيان مشترك اذ رفض الوزراء العرب في اجتماع مع نظيرهم الأميركي كولن باول وصف حركات المقاومة بالإرهاب، وأكدوا حق الشعوب في مقاومة الاحتلال.

أما المستقبل فعنونت «بوش يرفض طلبا بتوسيع الخريطة لتشمل لبنان وسورية والأمير عبدالله يهدّد بالانسحاب ويسقط محاولة للتطبيع» و«قمة لفلسطين يغيب عنها عرفات». وانتقدت دمشق عبر إذاعتها الرسمية الجهود الأميركية للسلام ووصفتها بأنها منحازة. وقالت في تعليقها السياسي ان الارهاب الذي تريد أميركا محاربته هو العمليات الفدائية ضد الاحتلال الإسرائيلي، أما جرائم الاحتلال من عقاب جماعي وقتل للنساء والأطفال والشباب وتدمير للمنازل وجرف الحقول والمزروعات فكلها تندرج في إطار الدفاع عن النفس. وأضافت ان المقدمات الخاطئة تقود إلى نتائج خاطئة، فثلاثة من أطراف اللجنة الرباعية الدولية وهم: الاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة غائبون عن اجتماع العقبة والسلام العادل والشامل غائب عن هذه التحركات المكثفة التي نشهدها.

الصحف السورية

ورأت تشرين (السورية) انه إذا ما بقيت الأمور في المنطقة على ما هي عليه يمكن الجزم بشكل مسبق أن السلام مازال بعيد المنال، وأن الأوضاع يمكن أن تنحدر في أية لحظة إلى ما هو أسوأ بكثير مما هي عليه الآن. وتوقفت الصحيفة السورية، لتوضح سبب كل هذا التشاؤم الذي قد ليستهجنه البعض مع كل تلك التحرّكات واللقاءات التي تعقد في المنطقة وخارجها من أجل إقامة السلام، ولكن هذا الاستهجان سرعان ما يزول عند الوقوف على حقيقة ما يجري، وعند مراجعة المواقف الإسرائيلية إزاء السلام منذ العام 1967 وحتى الآن، وقبل ذلك أيضا. مع التأكيد هنا أن حكومة شارون الحاكمة الآن في «إسرائيل» هي أكثر الحكومات الإسرائيلية رفضا للسلام وتمسّكا بالاحتلال والاستيطان، وسعيا إلى توتير الأوضاع في المنطقة وحولها، في حين يشهد الموقف الدولي من السلام تراجعا واضحا بفعل أحادية القطب العالمي، وسيطرة هذه الأحادية على قرار السلم والحرب. واعتبرت تشرين انه من أجل وضع الأمور في نصابها، يجب أولا سدُّ الطريق أمام مناورات ومراوغات شارون، وتناول مجمل عملية السلام ككتلة واحدة اعتمادا على قراري مجلس الأمن 242 و338 والمبادرة العربية للسلام المتكاملة، القادرة على إقامة السلام العادل الشامل المستقر الذي يعيد الحقوق، ويعود بالمنفعة على الجميع. وختمت الصحيفة السورية بأنه إذا كانت إدارة بوش راغبة حقا في إيصال المنطقة إلى السلام والأمن والاستقرار، فعليها أن تأخذ هذه الحقائق في الاعتبار.

الصحف السعودية

وعنونت الرياض (السعودية) «قمة شرم الشيخ تؤكد الالتزام بمحاربة الإرهاب وتدعو (إسرائيل) إلى تنفيذ مسئولياتها»، وقالت: نعرف أن الرئيس الأميركي تردد في الحوار مع الفلسطينيين، والاقتراب مما اعتبر مزالق الفشل للرؤساء الأميركيين في بحث النزاع العربي الإسرائيلي، لكنه أدرك - ولو متأخرا - أن سياسة أميركا لا تستطيع الابتعاد عن أزمة تاريخية ملتصقة بها استراتيجيا، ولعل تخطيه لتلك الأفكار، يضعه أمام مسئولية الإخفاق أو النجاح، وهما طريقه إلى الفوز بالانتخابات القادمة أو الفشل إلا إذا سجل انتصارا بتحقيق السلام ليُشرع له كل الأبواب نحو البيت الأبيض.

ولفتت الوطن (السعودية) إلى ان«ولي العهد وبوش يلتقيان بعد قمة شرم الشيخ. الأمير عبدالله يشدد على قيام دولة فلسطينية».

ورأت الحياة، ان القمة العربية ـ الأميركية أظهرت توافق المشاركين على دعم «خريطة الطريق» كأداة للوصول إلى دولة فلسطينية مستقلة. وأكدت الصحيفة السعودية، ان بوش لم يأت إلى المنطقة للقاء هذا الكم النوعي من القياديين العرب ليعود إلى واشنطن ليخوض معركة الرئاسة، وقد انهار كل ما بناه في لحظة، ويحصد نتيجة ما حصل لسلفه بيل كلينتون بعد قمة كامب ديفيد الثانية. فالرئيس الأميركي يدرك تماما أن العرب هم دعاة سلام وليسوا دعاة حرب، ولكن السلام القائم على العدل وليس الاستسلام كما بينت وأوضحت وتضمنت تصريحات ولي العهد الأمير عبدالله التي تبنتها قمة بيروت العربية، وأصبحت ملازمة لأي تحرك عربي وتشكل الحد الأدنى لأية مساومة عربية. وختمت الوطن ان الواقعيين يدركون ان كل هذه الأمور لا تتم عبر القوة وتجاهل حق الآخر، فموازين القوى تحتم في لحظة من اللحظات التنازل التكتيكي وليس الاستراتيجي، وهو ما قد يحصل على ضفتي البحر الأحمر.

فيما جاء في مانشيت الشرق الأوسط «بوش يدعو الفلسطينيين إلى احتضان أبومازن... والسعودية ترفض مناقشة التطبيع».. ورأت أن «قمم دولية ـ عربية» إيجابية.. لافتة إلى ان كثيرين هم الذين يعتقدون ان مآل هذه القمم - بسبب الرفض الإسرائيلي للسلام العادل والشامل ورفض المتطرفين العرب - هو الفشل، وان جلوس الإسرائيليين والفلسطينيين أو السوريين واللبنانيين إلى طاولة المفاوضات لا يعني ان هذه المفاوضات ستنتهي بالاتفاق والصلح والسلام. لكن الصحيفة السعودية، أكدت ان هناك، اليوم، إرادة ومصلحة دولية وإقليمية في إنهاء الصراع العربي ـ الإسرائيلي، كما ان هناك قناعة أميركية بأن القضاء على الارهاب إنما يمر بإنهاء هذا النزاع. وكررت الشرق الأوسط، ان موقف الولايات المتحدة من السلام في الشرق الأوسط ومن النزاع العربي ـ الإسرائيلي، هو، اليوم، موقف جديد وموقف إيجابي. وقد يكون من الصعب جدا على «إسرائيل» التهرب من استحقاقاته. وحمل أبوأحمد مصطفى (دبلوماسي عربي) حسب توصيف الشرق الأوسط، حيث نشر مقالته، بشدة على الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، لافتا إلى ان نصرالله مولع بالفرقعات الإعلامية، والسيطرة على عقول الدهماء وانتزاع إعجابهم، لكن العجيب وغير المستهجن في تصريحات الشيخ نصرالله انه يتحدث تارة كسياسي، وتارة أخرى كوكيل معتمد للحوزة العلمية في قُم، وبالتالي تصبح كلماته ممثلة لتلك الجهة التي يرعى شئونها في لبنان، ويحاول أن يمتد بنفوذه إلى أي قطر عربي آخر يسمح له بذلك.. موضحا ان الشيخ نصرالله يهاجم القمة القادمة في شرم الشيخ لأنه مطمئن بأن الحكومة السورية غير مدعوة إليها، وبهذا لن تزعج كلماته أحدا في دمشق. ورأى ان الشيخ حسن نصرالله هو مثال حي للخلط بين أمر الدين وأمر السياسة، فتارة يلبس عباءة المفتي، وتارة يخلعها ويتحول إلى سياسي محترف، ويحار المرء في كيفية التعامل مع أمثال هؤلاء... لقد جرب الفلسطينيون طريق الانتفاضة مرة أخرى، ودعمهم حزب الله بالجهد الخطابي فقط، بينما أمدهم آخرون بالمال لتعويض ما فقدوه نتيجة عناد بعض قياداتهم ووهمها بأنها لن تحصل على حقوق الشعب الفلسطيني إلا عن طريق دماء أطفاله وشبابه. وختم الدبلوماسي العربي مصطفى بالقول: دعونا نحاول طريقا آخر قد يقود إلى دولة فلسطينية معترف بها، بدلا من حال الضياع والدمار اليومي التي يتيه فيها الفلسطيني. عندئذ سنتذكر ان حزب الله وغيره من الأحزاب ذات المرجعيات الخارجية لم تقدم لـ «اخوانهم في الدين» شيئا سوى الخطب الرنانة، بينما أبقتهم في بؤس المخيمات، لتأتي الدولة الفلسطينية وتخلصهم من واقعهم الذي أنهكه الحصار العربي تماما كالحصار الإسرائيلي

العدد 275 - السبت 07 يونيو 2003م الموافق 06 ربيع الثاني 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً