العدد 294 - الخميس 26 يونيو 2003م الموافق 25 ربيع الثاني 1424هـ

«حماس» والهدنة... شكوك عبرية ولا ضمانات للفلسطينيين

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

الحديث الإسرائيلي المتفائل عن انفراج على وشك الحصول من خلال التوصل إلى اتفاق بشأن الانسحاب من قطاع غزة وبيت لحم قريبا جاء مغايرا تماما للواقع الميداني اذ صعّدت قوات الاحتلال الإسرائيلي إجراءاتها واعتداءاتها.. وعلى رغم ان قوات الاحتلال الإسرائيلي جرّدت حملة اعتقالات واسعة في صفوف حركة المقاومة الإسلامية «حماس» في الضفة الغربية بينهم 70 من أفراد عائلة الشهيد عبدالله القواسمي، القائد العسكري لـ «كتائب عزالدين القسام»، الجناح العسكري لـ «حماس» الذي اغتالته قوات الاحتلال في الخليل قبل ثلاثة أيام، شددت الإدارة الأميركية ضغوطها على هذه الحركة الإسلامية التي وصفتها بأنها «عدو السلام». وأعلن مسئول أميركي طلب عدم ذكر اسمه أن واشنطن ستطلب من الاتحاد الأوروبي أن يحظر الجناح السياسي لـ«الحماس» في القمة الأميركية الأوروبية التي تعقد اليوم في البيت الأبيض. وشغل الصحف العبرية، مسألة قبول حركة «حماس» لهدنة.. يصار بعدها إلى تسليم السلطة الفلسطينية المسئولية الأمنية في قطاع غزة وبيت لحم.. لكن الأبرز هو ان الهدنة إذا ما تمت تفتقر إلى الضمانات، فلم يكن بوسع أحد، لا في السلطة الفلسطينية، ولا في الحكومة المصرية تقديم أية ضمانات للفصائل الفلسطينية بعدم التعرض لها أو لسلاحها لاحقا. وبحسب «جدعون آلون في هآرتس»، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون، قال أمام لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست إن «إسرائيل»، ستستمر بضرب «القنابل الموقوتة» في إشارة منه إلى الاستشهاديين الفلسطينيين. وأورد ألون أن شارون، حذر من أن «إسرائيل»، ستتصرف كما كانت تفعل من قبل في حال لم يتحمل الفلسطينيون مسئولياتهم. وقال شارون، إن «إسرائيل» لن تكتفي بوقف لإطلاق النار وستتمسك بموقفها بتفكيك البنى التحتية للمنظمات المعادية لإسرائيل وأن السلطة الفلسطينية قادرة على ذلك. وحذر شارون بحسب آلون، السلطة الفلسطينية من أنها «إذا لم تقم بعمليات وقائية في المناطق التي ستنقل فيها المسئولية الأمنية إليها، سيدخل الجيش الإسرائيلي إليها للقيام بها». وفي ما يتعلق بالمستوطنات العشوائية قال شارون، ان الذين يعارضون تفكيك المستوطنات لا يدركون الضرر الكبير الذي سيلحق هذا الأمر بـ «إسرائيل»، في العالم وبمشروع الاستيطان. وإذ توقع جدعون ساميت في هآرتس، أن توافق حماس، على وقف إطلاق النار في الأيام القادمة عبّر عن قلقه حيال عدم قيام «إسرائيل»، بخطوات إيجابية في المقابل. وذكر أن «إسرائيل»، قامت بكل ما في وسعها لتأخير تطبيق خريطة الطريق فهي لم توافق عليها في البداية ومن ثم وضعت «ألف» انتقاد عليها وتابعت بعدها بتطبيق سياسة الاغتيالات وأخذت تنفذ اعتداءاتها كلما شعرت أن ثمة إشارات عن خطوات إيجابية من الجانب الفلسطيني. ولفت ساميت، إلى أن هذه السياسة لن تؤدي إلى تأخير إعلان الهدنة فقط بل إلى تحريك الفصائل الفلسطينية للقيام بعمليات انتقامية وقتل المزيد من الإسرائيليين. واستغرب أن تكون حكومة شارون، غير قادرة على ردع المستوطنين عن بناء المستوطنات العشوائية في الوقت الذي تتوغل كما يحلو لها في المدن الفلسطينية حتى أنها سمحت لهؤلاء المستوطنين أن يسموا المستوطنة الجديدة «تلة ارييل» تيمنا بمن أسماه «أبو المستوطنات العشوائية». ولكن ساميت، ذكر ان الأمر لا يتوقف على الطرف الإسرائيلي فقط في تأخير التوصل إلى أي نوع من الاتفاقات فمبدأ العين بالعين جارٍ تنفيذه بين الطرفين. واستطرد ساميت، متطرقا إلى ما أفاد به مراسل هآرتس، في غزة، من الاجتماع الذي جرى بين أبو مازن، ورؤساء المنظمات الفلسطينية المعارضة بأن أبومازن، كشف خلال الاجتماع أن بوش، حذّره من أنه في حال لم يساعد الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي على حل الأزمة بينهما في الوقت الراهن فسيكون موعد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، قد اقترب وسيكون على بوش، أن يتفرغ لها. وعلق ساميت، على ذلك بالقول إن بوش، لم يكن في حياته واضحا على قدر ما كان واضحا في هذا التصريح ومن الأجدر أن يصدقه الفلسطينيون والإسرائيليون وأن يعملوا جديا على تسريع التوصل إلى اتفاق قبل الانتخابات الأميركية.

وإذ لفت جدعون ساميت في هآرتس، إلى أن حماس قد توافق على وقف إطلاق النار سأل عما إذا كانت «إسرائيل» ستقوم بخطوات إيجابية في المقابل.. كشف أن أبو مازن أبلغ الفصائل الفلسطينية، ان بوش حذّره من أنه في حال لم يساعد الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي على حل الأزمة بينهما في الوقت الراهن فسيكون موعد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة قد اقترب وسيكون علي أن أتفرغ لها.. ولفت عمير رفيفورت (معلق سياسي) في معاريف، إلى مخاوف لدى وزارة الدفاع الإسرائيلية، من قيام هدنة مع الفلسطينيين.. وناقش موقف بعض أطراف المؤسسة العسكرية الإسرائيلية الرافض مبدأ الهدنة بين «حماس». فكتب أن جبهة قوية داخل وزارة الدفاع تعارض الهدنة بشدة قد برزت في الفترة الأخيرة. ويبرر المعارضون وعلى رأسهم المسئولون الكبار في جهاز الأمن العام موقفهم أن الهدنة في التقاليد الإسلامية هي اتفاق مؤقت غايته السماح للمؤمنين باستعادة قواهم قبل أن يخرقوها مجددا من طرف واحد ويهاجموا الكفّار. واعتبر انه من هنا التخوف هو من استغلال حماس وقف النار الذي سيكبل يدي «إسرائيل» وعملياتها في المناطق، لتسترجع قواها بعد الاغتيالات والاعتقالات التي عانتها في العامين الماضيين.

لكنه رأى أنه يمكن تصوير الهدنة كانتصار إسرائيلي لأن المطلب الإسرائيلي طوال الانتفاضة من الفلسطينيين كان وقف الهجمات.. وأشار إلى أنه يمكن مقارنة الخوف من نتائج الهدنة بالمخاوف التي كانت لدى وزارة الدفاع من نتائج انسحاب الجيش الإسرائيلي من الحزام الأمني في لبنان. فالتخوف كان من أن يسمح ذلك بازدياد قوة حزب الله. لكن الانسحاب نُفذ وحزب الله لم يهاجم خوفا من رد إسرائيلي عنيف..

وانتقدت عميرا هاس في هآرتس، المصادر الإسرائيلية التي قالت بعد محاولة اغتيال الرنتيسي، أن حركة حماس، في حالة ذعر وانها تحت ضغط كبير مما قد يمنعها من الموافقة على وقف إطلاق النار. فلفتت هاس، أن ما أوردته المصادر عار عن الصحة لأن قياديي حماس، لم يختفوا عن الأنظار إلا لمدة يوم أو يومين بعد الحادث كي يبتعدوا عن المراسلين والصحافيين، واستمروا بعد ذلك في استقبال الضيوف كالعادة. ولاحظت هاس، ان جيران زعماء وعناصر حماس، لا يعيشون في حالة ذعر أيضا ولم يطلب منهم الرحيل وحتى ان عناصر كتائب عز الدين القسام، لم يوقفوا إطلاق صواريخ القسام. إلى ذلك اعتبرت هاس، ان حماس، لم تشترك في المفاوضات بشأن الهدنة بل هي اليوم تعمل على ترسيخ نفسها كقوة سياسية في الأراضي الفلسطينية. وتابعت شارحة أن حركة حماس، تستفيد اليوم من عدة عوامل لحشد تأييد الشعب الفلسطيني لها وهي انتفاء الأمل لدى الفلسطينيين من جراء فشل أوسلو، التي عارضتها حماس، وجذب الحركة لكل من يستمر في الحديث عن النضال لأن هذا بالضبط ما تطالب به وعدم اشتراك حماس، في السلطة الفلسطينية وبالتحديد بالفساد التي اعتبرت هاس، أنه يثقل كاهل الفلسطينيين. وختمت بأن حماس، تعمل جديا على تهميش دور السلطة الفلسطينية وفسح المجال للقوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية للاضطلاع بالدور الأساسي في الداخل السياسي الفلسطيني.

لكن داني روبنشتاين في هآرتس، لم يعلّق الكثير من الآمال على الهدنة بين الفلسطينيين والإسرائيليين معتبرا أن الطرفين يبذلان جهدا كبيرا في مسألة لن تجدي نفعا. ولم يستبعد أن تذهب كل الجهود لتطبيق الهدنة سدى فالإعلام الفلسطيني الذي اعتبره الأكثر تأثيرا على الرأي العام الفلسطيني حتى أكثر مما يدور في الشوارع، لا يزال يبث صورا من العذابات اليومية للفلسطينيين بدلا من أن يساهم في تهدئة الوضع تمهيدا للهدنة. وختم قائلا بأن لا أحد من الفلسطينيين والإسرائيليين يتوقع أن يسود الهدوء في الأراضي الفلسطينية خاصة وأن الكثير من الفلسطينيين يعتبرون أن الوقت الآن يجب أن يخصص للانتقام من قتلة القواسمة، ومن ثم يفكرون بهدنة مع الإسرائيليين

العدد 294 - الخميس 26 يونيو 2003م الموافق 25 ربيع الثاني 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً