العدد 308 - الخميس 10 يوليو 2003م الموافق 10 جمادى الأولى 1424هـ

انتخابات الكويت تثير أسئلة عن المرأة والتطبيع

بين «مذبحة السبت» و«الحدث الجلل»

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

أسفرت نتائج الانتخابات الكويتية التي وصفتها «القبس» الكويتية بأنها «مذبحة السبت الساخن» عن مفاجآت غير متوقعة، حين أطاحت بأسماء برلمانية عتيدة ومخضرمة، وبرزت أسماء جديدة، جلها من المستقلين، في حين كان التيار الليبرالي أبرز الخاسرين. فأثارت نقاشا في الكويت، وتناولتها أقلام المحللين والكتاب العرب. واعتبر رئيس تحرير «السفير» اللبنانية، طلال سلمان، ان النتائج الكويتية ليست حدثا محليا لا يعني غير الكويتيين ولا تنعكس بنتائجها ودلالاتها إلا عليهم بل هي «حدث عربي» جلل. فيما لاحظ البعض غياب صوت الكويتيات عن الانتخابات على رغم ان الديمقراطية الكويتية بدأت قبل غيرها في الخليج وعلى رغم ان الكويتيات ارتقين بمناصب مهمة في الإدارات الحكومية والتعليمية والاجتماعية والعمل في القطاع الخاص وتناولت «الجزيرة» السعودية الانتخابات الرمزية التي نظمتها جمعية الصحافيين الكويتيين للنساء اللاتي يمنعن من التصويت من انتخابات مجلس الأمة كاحتفالية رمزية للتضامن مع حق المرأة في الانتخابات. وانتقد أحمد الجارالله في «السياسة» الكويتية القراءات التي رأت ان نتائج الانتخابات الكويتية عززت المكانة السياسية للأصوليين المتشددين واعتبرتهااكتساحا للإسلاميين، وخسارة لليبراليين الإصلاحيين... وتهدد الكويت بالانحراف نحو التشدد، وتضعها في مستقبل علاقات متشنجة مع حليفها الأميركي الاول. ورأى ان هذه القراءة المتعمدة وبقصد ملغوم وغير بريء، ليست صحيحة بالمرة. فالاسلاميون الذين فازوا بالحصة التي لا تتعدى ثلث المقاعد وستنقص بوجود وزراء الحكومة، رجال متدينون معتدلون، وغالبيتهم لا تنتمي لأي حزب ديني، وهذا هو المهم، وقرارهم نابع من إرادة حرة لا من توجيهات وسياسات حزبية. ولفت إلى ان هذه هي القراءة الصحيحة لنتائج الانتخابات التي رسمت فعلا خريطة جديدة للمتغير الذي طرأ على حياتنا السياسية. فالأحزاب «المتأسلمة» التي تصارعت مع الدولة على الهيمنة على التشريع في سبيل حسم مسألة السلطة والولاية، انهزمت. وهزيمتها هي التي افتتحت مرحلة سياسية متغيرة قوامها التعاون بين السلطات، والاندفاع نحو الاصلاح والتطوير من دون ضجيج. وخلص الجارالله إلى القول: نواب إسلاميون في المجلس نعم، لكنهم ليسوا أكثرية، وليسوا حزبيين وإرادتهم حرة وطنية، وليست حزبية وخاضعة لأوامر الأحزاب، وخادمة لمصالحها في الوصول إلى الحكم. ولاحظ محمد عبدالقادر الجاسم في «الوطن» الكويتية ان بعض الأطراف الحكومية وأطراف أخرى تدور في فلك الحكومة تجري محاولات «تبريد» لنتائج انتخابات مجلس الأمة، غير انه رأى ان تلك المحاولات وإن كانت تصلح «لنفخ الذات» فإنها لا تصلح كوسيلة لشطب المشكلات المتوقعة في الموسم السياسي المقبل في إطار العلاقة بين مجلس الأمة والحكومة. فالحكومة الجديدة التي بدأت حملة «تلميع لأفكارها» وإعادة تقديم نفسها صديقا للغرب وحاملة لواء الاصلاح ستسارع إلى طرح مشروع منح المرأة حقوقها السياسية وستصطدم بالموقف الرافض من التيار الإسلامي والقبلي والمحافظ، كما أن «مرونة» الحكومة تجاه التطبيع مع «إسرائيل» ستحرك التيار الإسلامي أيضا في الاتجاه المعاكس. وتوقع رئيس تحرير الصحيفة الكويتية، إن قامت حكومة تحالف مع التجار ألا يتأخر حل مجلس الأمة كثيرا.

ورأت «القبس» الكويتية ان القراءة الأولية للنتائج تشير إلى حصيلة مهمة من الممكن أن تؤدي إلى تغيير إيجابي وملموس في الحياة السياسية. واعتبرت ان مزاج الناخب كان تواقا إلى التغيير المؤثر فضرب الجميع وأسقط وبدّل، وجاء بوجوه جديدة في جميع الدوائر تقريبا. معتبرة انها رسالة إلى جميع متعاطي الشأن العام، كما انها رسالة إلى الحكومة الجديدة. لافتة إلى ان مزاج الناخب في التغيير لا يقف عند عتبات مجلس الأمة فقط. ومن هنا أهمية التشكيل الوزاري الجديد. معتبرة انها ربما كانت هدية غير مقصودة لرئيس الوزراء الجديد إن تم فعلا الفصل بين ولاية العهد ورئاسة مجلس الوزراء. لكنها رأت أيضا ان نتائج الانتخابات بينت ثقل التيار القبلي على أي تيار آخر في الساحة، سواء الطائفي أو الديني أو السياسي. متوقعة أن يلقى هذا البرهان الجديد للتأثير القبلي صداه في الحياة العامة في المستقبل أكثر من الماضي. آملة ألاّ يفرح كثيرا من استفاد منه اليوم، فهو خطر على البلاد وتماسك نسيجها الاجتماعي. ولاحظ عايد المناع في «الوطن» الكويتية فوز 14 إسلاميا معارضا للتوجهات المحلية والاقليمية الجديدة للتعامل مع الأوضاع الاقتصادية مثل الخصخصة والانفتاح الاقتصادي وكذلك الأوضاع السياسية مثل العلاقات مع الولايات المتحدة والدول الغربية وربما «إسرائيل» مستقبلا وتجاه بعض القضايا المجتمعية مثل الحقوق السياسية للمرأة. وسأل هل ما حدث هو عملية توازن جاء بها القدر ليمنح الحكومة قدرة على مقاومة الضغوط أو التفاوض للحصول على شروط أفضل؟ أم ان الاختيارات العشوائية والتحالفات والعلاقات الشخصية والعائلية والقبلية والطائفية قد لعبت دورا جوهريا في ميلاد مجلس 2003؟ وقد تكون هذه في حد ذاتها مفاجأة للمتابعين للحدث الانتخابي بمن فيهم الحكومة الكويتية. واعتبرت «الراية» القطرية انه إذا كانت نتائج الانتخابات الكويتية قد أحدثت ذهولا في الأوساط السياسية، نظرا إلى أنها أطاحت برموز التيار الليبرالي وبنواب أمضوا سنوات طويلة تحت قبة مجلس الأمة، لصالح تعزيز حضور التيار الإسلامي والمرشحين المقربين من الحكومة، فإن هذه النتيجة بحاجة إلى تحليل موضوعي وفقا لتوجهات الشارع الكويتي، ولتجربة النواب أصحاب التجربة الطويلة داخل البرلمان. وسجلت ملاحظتها غياب المرأة عن المشاركة في الانتخابات، على رغم عراقة التجربة البرلمانية الكويتية التي مضي عليها عشرات السنين، لافتة من ناحية ثانية إلى ان دولة قطر تنبهت إلى هذه القضية، فبعد التحولات والتغيرات الهائلة التي شهدتها منطقة الخليج على مختلف الأصعدة، لم يعد مقبولا حرمان المرأة من حقها في المشاركة بالعملية السياسية. ولكنها رأت ان مجرد إجراء الانتخابات البرلمانية في الكويت بشكل دوري أو في أية دولة خليجية يشكل تعزيزا للتحولات الديمقراطية التي تشهدها بعض دول مجلس التعاون الخليجي، ولعملية الإصلاح المطلوب تدعيمها كجزء أساسي من استحقاقات الانسجام مع التغيرات التي يشهدها العالم، إذ تشكل الديمقراطية ركيزة أساسية للتفاعل مع المجتمع الدولي.

وتناول شفيق الغبرا (أستاذ العلوم السياسية ورئيس الجامعة الأميركية في الكويت) في «الرأي العام» الكويتية الخلفية التي تكمن وراء النتائج الكويتية. وقال إن انتخابات السبت تختلف عن غيرها فهي تأتي في ظل حال إقليمية وشعبية كويتية تسعى الآن لنتائج حقيقية، وهي لهذا لن تمهل المجلس كثيرا كما لن تمهل الحكومة كثيرا، بمعنى آخر هناك حال من خيبة الأمل بالحياة السياسية الكويتية ككل، وما لم يتحرك ممثلو المجلس وأعضاء الحكومة الجديدة في إطار هذه المعطيات فستشهد الحياة السياسية الكويتية تراكمات سلبية وهروبا نحو المهاترات والمواجهات المدمرة بكل ما لهذا من انعكاسات. لكن الغبرا، اعتبر ان فشل المجلس الراهن مرتبط أيضا بتصديه للوزراء الاصلاحيين، فمن يتصدى للاصلاح يتصدى للمستقبل، هذا التناقض بين الديمقراطية التي طالب بها ويطالب بها كل الناس وبين خسارة الاصلاح وضعف الأداء يتطلب الكثير من إعادة النظر بالتجربة الكويتية.

وأشادت الصحف السعودية، بانتخابات مجلس الأمة الكويتي الذي يعد أول نظام ديمقراطي منتخب في منطقة الخليج منذ 40 عاما. وذكرت صحيفة «الوطن» السعودية ان نتائج الانتخابات البرلمانية تقرر بحد كبير شكل الحياة السياسية في الكويت للسنوات الاربع المقبلة. وتناولت «الجزيرة» السعودية الانتخابات الرمزية التي نظمتها جمعية الصحافيين الكويتيين للنساء اللاتي يمنعن من التصويت من انتخابات مجلس الأمة الكويتية كاحتفالية رمزية للتضامن مع حق المرأة الكويتية في الانتخابات.

ورأي رئيس تحرير «السفير» طلال سلمان، في نتائج الانتخابات في الكويت، موضوع يستحق أن يتم التوقف أمام مقدماته التي كانت مقروءة، وأمام خاتمته غير المفرحة التي كانت متوقَّعة لدى أي متابع متبصّر قادر على الربط بين المقدمات والنتائج. وقال سلمان، ان العروبة خسرت في العراق، فكان منطقيا أن تخسر في الكويت. لافتا إلى ان الخسارة في القطرين الشقيقين كانت كارثة قومية، وها نحن أمام أولى ثمارها المرّة. ومن هنا رأى انه يمكن أيضا فهم نتائج العملية الانتخابية التي جرت أخيرا في الأردن، والتي لا يختلف جوهرها كثيرا عن النتائج الكويتية. وهو: استحداث توازن سياسي جديد قطباه العشائرية والاتجاهات الإسلامية المضبوطة الإيقاع وفق ما يقرّره الحكم ومن يرعى الحكم، وتحديدا «تجربته الديمقراطية». وهي ديمقراطية القرن الحادي والعشرين في الوطن الذي كان عربيا، ويبحث الكثير من أقطاره الآن عن هوية جديدة. فالعروبة، يقول سلمان، قد خسرت فتراجعت، نتيجة اجتياح صدام، في العراق كما في الكويت، وفي مصر كما في المغرب، وفي سورية كما في اليمن، وفي لبنان كما في السودان. فكانت الكارثة السياسية شاملة. وها نحن الآن أمام بعض نتائجها المفزعة

العدد 308 - الخميس 10 يوليو 2003م الموافق 10 جمادى الأولى 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً