العدد 309 - الجمعة 11 يوليو 2003م الموافق 11 جمادى الأولى 1424هـ

تقييم أداء البرلمان

عبدالحسن بوحسين comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

إن عملية تقييم تجربة وليدة عمرها لا يتجاوز الستة أشهر، وبعد غياب طويل، تعتبر في غاية الصعوبة، خصوصا إذا ما جاء التقييم من جهة أو شخص معني بهذه التجربة. إلا أنني سأحاول جاهدا في هذه المدة القصيرة المحددة أن أعطي رأيا موضوعيا بعون الله، ليسهم في إثراء هذه التجربة الوليدة التي نأمل أن تسهم في رفعة هذا الوطن وسعادة أبنائه.

أولا: في مجال التشريع:

- على رغم قصر المدة تمكن مجلس الشورى من دراسة عدد كبير من مشروعات القوانين وإدخال تعديلات عليها، ومعظم هذه المشروعات تم تحويلها من السلطة التنفيذية، وبلغ عددها أربعة عشر مشروعا وقانونا ناقش منها المجلس 12 مشروعا وأحال ثمانية منها إلى الحكومة. كما ناقش المجلس 8 اقتراحات بقانون وأحال خمسة منها إلى الحكومة للصوغ، وتم توجيه عشرة أسئلة للوزراء وتمت مناقشتها بحضورهم. وبالنسبة إلى للجان فقد عقدت ما مجموعه 97 اجتماعا في حين عقد المجلس خلال دورته الأولى 24 جلسة.

- تم تشكيل عدة لجان لدراسة حالات محددة من قبل مجلس النواب كانت موضع اهتمام المواطنين كموضوع التجنيس ووضعية التأمينات والتقاعد، وغيرها.

- تم توجيه عدد كبير من الأسئلة إلى عدد من الوزراء عن أمور تتعلق بوزاراتهم وتمكين الرأي العام من المتابعة والاطلاع عن قرب على هذه الأمور التي هي محل اهتمامه.

- هناك مقترحات قوانين ذات أهمية يستعد المجلسان لمناقشتها.

- تمت مناقشة اللائحة الداخلية التي تحكم طبيعة العمل في المجلسين وأدخلت التعديلات اللازمة عليهما لتسهيل عمل السلطة التشريعية.

- ناقش المجلسان الموازنة العامة للدولة وأثارا عددا من الأسئلة تابعها المواطنون وأعطت الحكومة مؤشرا قويا على ضرورة تحسين أدائها والاهتمام بأسلوب تخصيص الموارد المالية والرقابة على استخداماتها.

- تم الرد على برنامج العمل الحكومي وأبدى المجلسان ملاحظات جوهرية على سياسة وتوجهات الحكومة بالنسبة إلى برنامج عملها المستقبلي، وضرورة تفادي السلبيات وستتم متابعة خطوات البرنامج في الدورات المقبلة.

- تم التعاون والتنسيق مع التجارب الديمقراطية العالمية والاطلاع على تشكيلتها، وأسلوب عملها والموارد والخبرات الداعمه لها، التي تعتبر من مقومات نجاحها. ومن خلال الانفتاح على هذه التجارب العالمية يمكن للسلطة التشريعية أن تستفيد من هذه التجارب لبناء بنيتها التحتية على أسس صحيحة، التي من دونها لن تتمكن من الاضطلاع بدورها بصورة سليمة. كما أن ممارسة مهمات الرقابة والتشريع لها مؤهلاتها ومعاييرها التي لا يمكن الالمام بها إلا من خلال الممارسة والتدريب والتعلم والانفتاح على التجارب الأخرى.

إن عمر الديمقراطية لا يقاس بفترة زمنية محددة، والايمان بالعمل الديمقراطي ومبادئ المساءلة والمحاسبة وحده لا يكفي من دون توافر المقومات الاساسية للنجاح. وهذه المقومات بحسب رأيي هي:

1- الدعم المؤسسي والجماهيري للسلطة التشريعية، وتفاعل مؤسسات المجتمع الوطني وخصوصا المنظمات غير الحكومية والجمعيات السياسية لتشخيص احتياجات الوطن والمواطن وتحديد آليات ومنهجية تحقيق هذه الاهداف.

2- نشر ثقافة الحوار والنقد البناء ومنهجية التفاوض السليمة، وتقبل الطرف الآخر في المجتمع. إن تأسيس هذه الثقافة والوعي المجتمعي يتطلب وقتا طويلا وجهدا متواصلا وتعاونا من قبل جميع الاطراف المعنية التي يجب أن تؤمن وتتفق على أهمية نشر مثل هذه الثقافة. فالوعي الجماهيري والمؤسسي لهذه النماذج والسلوكيات الديمقراطية سيعطي دعما للسلطة التشريعية، وسيشكل ضغطا هائلا ناتجا عن توافر المعرفة باتجاه تطبيق مبادئ المحاسبة والمساءلة وحكم القانون.

3- توافر البنية التحتية الداعمة للسلطة التشريعية والمتمثلة في الخبرات المساعدة المتنوعة ونظم المعلومات وكذلك التشريعات التي تتيح للسلطة التشريعية الوصول الى المعلومة الدقيقة لأغراض التحليل وعملية صنع القرار. فالمعلومات والخبرات والمعرفة هي الاسلحة القوية التي من دونها لا تستطيع السلطة التشريعية أن تتعامل مع السلطة التنفيذية على أساس من التوازن في الامكانات كما هو عليه الحال في الديمقراطيات العريقة.

لدينا جميعا طموحات وآمال كبار، ولكننا لا نستطيع أن نقفز فوق حاجز الزمن للأسباب التي ذكرتها، فالتحولات الديمقراطية ليست برامج حاسوب جاهزة نستطيع أن نستخدمها متى ما شئنا.

وفي الختام، ان تقييم التجربة الديمقراطية الوليدة لا ينفصل عن تقييم تجربة المجتمع ومؤسساته المدنية. فكلاهما وجهان لعملة واحدة. وإذا ما انفصمت عرى التلاقي بينهما فإن الفشل في تحقيق الأهداف يعتبر مسئولية مشتركة، فكلاهما يشتركان في النجاحات والاخفاقات.

وأود أن أشيد بالدعم الذي نالته السلطة التشريعية من الحكومة الموقرة في هذه الفترة الحساسة للتجربة الوليدة، فقد التزمت الحكومة بتقديم الكثير وأبدت مرونة في التعاطي مع آراء المجلسين، وتفاعل الوزراء بروح عالية مع الاسئلة الموجهة إليهم في لفتة لم تكن متوافرة قبل الاصلاح. كما أن مجلسي الشورى والنواب تمكنا من إدراك أهمية التفاعل والتنسيق والتعاون في كل ما من شأنه خدمة الوطن. فكان مجلس الشورى عونا لمجلس النواب ودورهما مكملا. وهذه بادرة تبشر بالخير ونتمنى مزيدا من التفاعل والتكامل بين جميع مؤسسات المجتمع المدني والسلطة التشريعية لتمكينها من لعب دور حيوي في بناء المجتمع

إقرأ أيضا لـ "عبدالحسن بوحسين"

العدد 309 - الجمعة 11 يوليو 2003م الموافق 11 جمادى الأولى 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً