قالت الباحثة الاجتماعية بمركز ابن سينا الصحي زهراء عبدالنبي إن اختلاف أساليب الحياة التي يعيشها الفرد، وكذلك تعدد الالتزامات المفروضة عليه وتنوع أساليب إشباعها ومن ثم تعقد وسائل التوافق التي يجب عليه تعلمها، زاد من الأعباء النفسية والانفعالية والعقلية للفرد، ومن هنا ظهرت الحاجة إلى الاهتمام بالصحة النفسية.

وأشارت إلى أنه يمكن تعريف الصحة النفسية بأنها تمتع الفرد بالتوافق الشخصي والاجتماعي والانفعالي سواء مع نفسه أو مع بيئته، لافتةً إلى أنه تظهر أهمية الصحة النفسية في أنها تساعد الفرد على فهم نفسه وفهم الآخرين، وكما تساعد على انسياب حياته النفسية وجعلها خالية من التوترات، بالإضافة إلى أنها تجعل الفرد متمتعاً بالإتزان والنضج الانفعالي، وتجعله أكثر قدرة على التكيف الاجتماعي وأكثر قدرة على الثبات والصمود حيال الشدائد،

وأفادت بأن هناك مجموعة من المظاهر التي تشير إلى تمتع الشخص التي تبدو عليه بالصحة النفسية والتوافق، مع العلم بأن وجود هذه المظاهر لدى الشخص هو وجود نسبي وليس مطلق، وكلما زادت درجة توافر هذه المظاهر لدى شخص، زادت عنده نسبة توافر الصحة النفسية، موضحة أنه من مظاهر الصحة النفسية، مواجهة الفرد للمشكلات اليومية، أي قدرة الفرد على تخطي المصاعب والمشكلات التي تواجهه من وقت لآخر والتعامل معها، وإشباع الدوافع والحاجات، باعتبار أن محاولات الفرد في تحقيق دوافعه وحاجاته أو نسبة مقبولة منها والاقتناع بها ، دليلاً على إيجابية الصحة النفسية لديه، والشعور بأهمية العلاقات الاجتماعية، حيث إدراك الشخص لحاجته للشعور بالانتماء وتقبل الآخرين والإحساس بتقديرهم واهتمامهم نحوه، وأيضاً عن طريق توافر علاقات اجتماعية جيدة ومتبادلة بينه وبين الآخرين، بالإضافة إلى التنوع في الأنشطة وشمولها لجميع الجوانب، إذ أن تنوع الثقافة والاستفادة من المهارات في المجالات المختلفة يجعل من الشخص أكثر توافقاً واستمتاعاً بحياته وأكثر استغلالاً لإمكاناته المتاحة إلى المدى الذي يستطيع فيه أن يحقق ذاته ويرضى عنها.

وأضافت: "هناك مجموعة من الطرق الصحية التي تساعد على تعزيز الصحة النفسية إذا ما تم الالتزام بها، متمثلة في السيطرة على الغضب، إذ من الطبيعي أن تشعر بالغضب بين الحين والآخر لكن ليس سليماً أبداً أن تبقى غاضباً أو تكظم غضبك . فذلك يؤذيك بطرق عدة لذا عليك التعاطي مع الغضب بإيجابية، والمسامحة، باعتبار أن الاحتفاظ بمشاعر الغضب تجاه شخص ما يضع جسمك تحت ضغط مستمر . لذا تدرب على المسامحة، ولتأقلم مع الحزن، إذ لا يمكن تفادي الخسارة لكن يمكن التعامل مع الحزن بطرق تخفف من خطر التعرض للضغط النفسي والقلق والخوف والإحباط، والاحتفاظ بنظرة متفائلة، حيث يمكن تعلم كيفية التعرف إلى الأفكار السلبية واستبدالها بأخرى إيجابية.ومع الوقت يصبح كلامك الذاتي إيجابياً، واللجوء إلى المفكرة اليومية ، فتدوين الأفكار في مفكرة يومية يمكن أن يساعد في زيادة الوعي الذاتي ويساعد على وضع الأمور في منظورها الصحيح، والسيطرة على الضغط من خلال التركيز على مصادر الضغط التي تستطيع تغييرها وبالنسبة إلى الأوضاع الخارجة عن سيطرتك ، والبحث عن السبل الممكنة للبقاء هادئاً في تلك الظروف، والتمرين على تقنيات الاسترخاء، إذ يساعد الاسترخاء على توليد حالة جسدية وعقلية من الهدوء، كما يساعد على مواجهة المتطلبات اليومية والحفاظ على اليقظة والطاقة والإنتاجية، والانخراط، فالأشخاص الذين يشعرون أنهم مرتبطون بآخرين يميلون إلى التمتع بصحة أكبر جسدياً ونفسياً، ويملكون جهاز مناعة أقوى ويكونون أقل تعرضاً لخطر المرض.