العدد 322 - الخميس 24 يوليو 2003م الموافق 25 جمادى الأولى 1424هـ

مقتل عدي وقصي يشغل الصحافة البريطانية

أجمعت الصحف البريطانية على اعتبار حادث قتل عدي وقصي ابني صدام حسين التكريتي في «فيلا» في الموصل أهم عمل قامت به القوات الاميركية منذ سقوط بغداد واحتلال العراق. ولم يقتصر الاجماع على فكرة واحدة بل خرجت الصحف صباح (الاربعاء) متشابهة إلى حد كبير في العناوين والصور والمعلومات والاخبار والمصادر. فالحادث جاء في فترة حرجة تمر بها الادارة الاميركية وحليفها الاوروبي رئيس حكومة العمال طوني بلير. كذلك جاء الحادث ليزرع بعض الاطمئنان في نفوس القوى السياسية التي بدأت تتردد في دعمها للحرب انطلاقا من مجموعة شكوك أخذت تنتشر في اوساط رجال المال والاعمال وتدور حول الجدوى الاقتصادية من احتلال بلد يرفض القوات الاجنبية ويريد الاستقلال بعد ان نال حريته من نظام عائلي ومستبد. حادث قتل عدي وقصي اذن جاء ليعطي قوة دفع للاحتلال ويرفع من معنويات الرئيس الاميركي جورج بوش الذي اصيب في الاسابيع الاخيرة بسلسلة خيبات انعكست على ادارته وعززت فرص الانقسام بين وزير الدفاع المتطرف ووزير الخارجية «المعتدل». لذلك ركزت الصحف البريطانية على خبر ان دونالد رامسفيلد هو الوزير الذي أبلغ الرئيس الاميركي بالمعلومات الاولية التي تشير إلى مقتل اسرة صدام. الصحف البريطانية لم تشر إلى ذاك الرابط بين مقتل عدي وقصي وموضوع الحرب على العراق، كذلك لم تهتم كثيرا بموضوع اخلاقية الاحتلال بعد ان اشبعت المسألة بالكثير من التحليلات السابقة. الصحف البريطانية ركزت على الجانب الداخلي للمسألة ورأت ان حادث القتل اعطى بعض المعنويات للزعيم العمالي بعد ان كادت شعبيته تنهار بسبب ضعف المبررات التي اطلقها للدفاع عن قرار الحرب.

الصحف البريطانية تجاهلت كل الخلافات في وجهات النظر وركزت على مسألة واحدة هي المعنويات.

المعنويات كانت نقطة مهمة وهي جاءت على مستويين: الاول انها رفعت من معنويات الادارة الاميركية لأنها نجحت في الانتقام من قتلة جنود الاحتلال في الاسابيع الثلاثة الاخيرة.

الثاني: انها ستضعف معنويات المقاومة العراقية بعد الخسارة التي ألحقتها ضربة الموصل. المعنويات اذن أهم من اخلاقية الحرب والاحتلال، ولأن الحرب وقعت والاحتلال حصل باتت مسألة البحث في الاسباب والمبررات مجرد موضوع قانوني - اخلاقي بينما المعنويات الآن هي معركة سياسية بين ارادة المحتل وارادة المقاومة. اضافة إلى المعنويات هناك مسألة الخيانة (الرشوة). فالصحف البريطانية ركزت على ان الخيانات تأتي دائما من أقرب الناس إلى صدام حسين وأسرته. فالنظام الذي اعتمد العشيرة قاعدة لحكمه تحوّلت علاقات العشائر (روابط الدم والمصاهرة) إلى نقطة ضعف لنظام صدام قبل وبعد سقوطه. فالمعلومات التي تصل تباعا إلى المخابرات الاميركية تأتي من أقرب المقربين لأسباب مالية أو لمخاوف أو خلافات شخصية. يبقى اخيرا موضوع صدام وهو الأهم في السلسلة. صدام الاب هو الآن الأكثر وجعا فهو شهد مقتل نظامه وأسرته من دون ان تكون عنده القدرة على المشاركة أو تلقي العزاء. ففي النهاية صدام الذي بنى حلقات ضيقة حول نفسه وصل في الايام الاخيرة من عمر نظامه إلى الشك في كل اتباعه وأقرب المخلصين له، باستثناء ولده الثاني قصي والاول عدي. فصدام عمليا قطعت شجرة أسرته وبات وحيدا ينظر من بعد إلى أخطر حدث مرَّ عليه في حياته. فالنظام الذي قام أصلا على القائد الواحد انتهى وحيدا مجردا من بارقة أمل تحمل اسمه في المستقبل. إنها نهاية مأسوية وربما تكون ذكرى للاعتبار. فهل نتعلم؟

العدد 322 - الخميس 24 يوليو 2003م الموافق 25 جمادى الأولى 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً