العدد 322 - الخميس 24 يوليو 2003م الموافق 25 جمادى الأولى 1424هـ

قراءة في مكافآت النواب

جاسم سيادي comments [at] alwasatnews.com

إن هذه القراءة لا تهدف الى الاعتراض على تحسين حياة النواب أو تعديل مكافآتهم سواء النقدية أو العينية، وانما تهدف إلى ضرورة أن يتم ذلك بالآلية الدستورية والقانونية الصحيحة. لأن احترام القانون واتباعه واجب على الحكومة والنواب على حد سواء. وهذه القراءة لا تناقش المكافآت المالية الأخيرة وانما تشمل ايضا التعديل السابق على المكافآت.

ان الدستور في المادة (96) ينص على أن مكافآت النواب يحددها القانون. ونص المادة (96) يقول بالحرف: تحدد بقانون مكافآت كل من مجلس الشورى ومجلس النواب، وفي حالة تعديل هذه المكافآت لا ينفذ هذا التعديل الا ابتداء من الفصل التشريعي التالي. وتفعيلا للدستور أصدر جلالة الملك مرسوم بقانون رقم (15) لسنة 2002 بشأن مجلسي الشورى والنواب. وقرر القانون في مواده (40 - 41 - 42) أن مكافأة النائب الشهرية هي =/2,000 دينار، ومكافأة رئيس المجلس الشهرية تعادل راتب الوزير، ومكافأة نائبي الرئيس الشهرية = /2,500 دينار. وقد حددت المادة (96) المذكورة أعلاه الآلية القانونية لتعديل مكافآت النواب، ووقت نفاذها. وتبعا لذلك فان أي تعديل لمكافآت النواب يستلزم صدور قانون جديد أو تعديل المرسوم بقانون رقم (15) لسنة 2002 بشأن مكافآت مجلس النواب والشورى الساري المفعول.

والسؤال المهم هنا، هل يجوز للحكومة أو النواب إصدار تعديل على قانون يختص بالمصالح المالية المباشرة للنواب الحاليين؟ وهل يجوز للنواب تعديل أو زيادة مكافآتهم بأنفسهم؟ سواء باصدار قانون جديد أو إجراء تعديل على القانون الساري المفعول بهذا الشأن؟. منطقيا هذا لا يجوز.

ولذلك فان الدستور البحريني، وكذلك الدستور الكويتي، يجيزان للنواب التشريع أو تعديل التشريعات الخاصة بمكافآت النواب، ولكن يشترط عدم تطبيق أي منها في الدورة التشريعية (الانتخابية) ذاتها. انما يستطيع المجلس النيابي الحالي أن يجري مثل هذه التعديلات لمكافآت النواب الذين سيدخلون المجلس بعدهم في الدورة الانتخابية المقبلة. وبذلك فان المشرع أو الدستور قد أزال الحرج عن السلطة التشريعية. الناتج عن تقرير المكافآت لأن النواب سيقررون ويشرعون لغيرهم من النواب القادمين مستقبلا، وليس لانفسهم، ومن الجهة الأخرى وهي الاهم، وضع الدستور بذلك قيدا على أية محاولة للسلطة التنفيذية (الحكومة) لرشوة السلطة التشريعية (النواب) أو التأثير عليهم وعلى دورهم التشريعي والرقابي.

وعلى الرغم من صراحة الدستور البحريني، عن آلية تحديد هذه المكافآت وتعديلها فان الحكومة منفردة أو ربما باتفاق مع بعض النواب - الله أعلم - قررت رفع تعديل مكافآت النواب، وصرفتها لهم.

وقد حاولت من خلال ما تم نشره من مضابط جلسات المجلس في الجريدة الرسمية، أو ما تم نشره من وقائع للجلسات بالصحف، ان أجد إن كان هذا الموضوع قد تم بحثه أو نقاشه من قبل النواب، فلم اجد شيئا من ذلك. وأتصور ان هذا ما تم فعلا، فالحكومة قررت صرف الزيادة خلافا للدستور والقانون، والنواب أخذوا الزيادة واستلموا السيارات خلافا للدستور والقانون، ولم يتم بحث هذا الموضوع في أية جلسة من جلسات المجلس.

وكم كان سيكون عظيما لأي من النواب لو أنه أثار مجرد سؤال في الجلسة اللاحقة لصرف هذه التعديلات، أو في التصريحات الكثيرة في الصحف، عن قانونية ودستورية مثل هذه الزيادة، أو على الاقل من قبيل الشفافية أمام قواعده الانتخابية، أو من قبيل التأكد من قانونية القرار، بحكم أن النواب هم حراس التشريع وأدوات إصداره وهم جهة الرقابة على عدم تجاوز القوانين من الجهات أو السلطات الاخرى، فما بالك أنفسهم.

وعلى رغم وجهة نظري الشخصية بأن الزيادة التي تم صرفها للنواب سواء كانت مالية مباشرة أم عينية، هي زيادة غير دستورية وغير قانونية، فإنني سأتجاوز ذلك الى التبريرات التي صرفت هذا الزيادات لها.

لقد قيل بأن هذه الزيادات تم صرف الجزء الأكبر منها لكي يتمكن النواب من فتح مكاتب لهم، وليوظفوا من يساعدهم على الاعداد والبحث والتحضير للموضوعات المختصة بعملهم في المجلس النيابي.

والسؤال هنا، لماذا تصرف مثل هذه الاموال على شكل مكافأة مالية مباشرة، بدلا من تخصيصها لتصرف في الغرض الذي قررت لأجله من قبل الامانة العامة للمجلس، على الاقل كان ذلك سيحسب للمجلس كمساهمة في توفير فرص عمل جديدة. ومن الجهة الاخرى دلوني على النواب الذين استثمروا هذه الزيادة (بغض النظر عن قانونيتها) في الغرض الذي صرفت من أجله، باستثناء تسلم السيارات.

هل هذا يجوز؟ لا أتصور ذلك. وانما على العكس ارى ان ذلك سابقة غير محمودة، وتجعل صدقية النواب امام تساؤل كبير وبالذات فيما يتعلق باستقلاليتهم وقوتهم كسلطة تشريعية

العدد 322 - الخميس 24 يوليو 2003م الموافق 25 جمادى الأولى 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً