العدد 325 - الأحد 27 يوليو 2003م الموافق 28 جمادى الأولى 1424هـ

«المطلقة»

منيرة العليوات comments [at] alwasatnews.com

الطلاق قد يكون رحمة بالزوجين حين تصل حياتهما معا إلى طريق مسدود وتبلغ مشكلاتهما مداها البعيد جدا بحيث يتعذر على أي طرف ثالث التدخل لايجاد حلول تعيد المياه لمجاريها فالزواج القائم على اساس غير واضح ومدروس تنتج عنه اسرة متصدعة وغير متماسكة قد يتسبب استمرارها في انجاب جيل منحرف أو مريض بعقد نفسية تؤدي به إلى الاجرام... ولكن في حال حدوث الطلاق هل تلام المرأة وحدها أم ان الرجل كان شريكا لها في هدم صرحهما الزوجي... تقول المطلقة «هـ - ح» استحق اللوم وحدي فقد تحديت القيم والقواعد والسلوكيات واقترنت به لقد تجردت من عاطفة الولاء للوالدين والطاعة لهما وتنكرت لكل ما بذلاه من أجلي وتزوجته معتقدة بانه بر الأمان وواحة الحنان... ولكن لم يمض على الزواج غير أشهر قليلة حتى ظهر بالوجه الآخر وترجم كل ما وصل إلى مسامع اهلي من اقاويل الى حقائق واشتعل البيت نارا... حاولت الكثير من اجل انقاذ حياتنا الزوجية اعطيت الكثير من التنازلات من اجل الوصول إلى حال من التوافق والتفاهم تريح الطرفين. كلها ذهبت ادراج الرياح. كنت اتوقع الطلاق في أية لحظة لقد اصبحت مواصلة حياتنا معا ضربا من الجنون وعنادا لا طائل منه حاولت تفادي هذه النهاية المؤلمة حتى ادركت اخيرا ان السباحة ضد التيار امر يحتاج إلى مهارة نادرة وصبر لا ينفد... انني لا ألومه وحده فقد كنت شريكته في كل اخطائه فلا داعي ان يلقى كل منا بالمسئولة على الآخر. ان اسوأ كارثة تتعرض لها المرأة هو الطلاق تبقى حرارته مدى الحياة ويبقى جرح الكرامة ينزف والكبرياء المطعون يتألم ويبكي حتى لو بدت المطلقة امام الناس قوية متماسكة ولكن ما عساها تعمل وقد اغلق النفق المظلم... وعدت ثانية إلى بيت اهلي لاواجه كارثة اخرى مفادها المذلة والتجريح والاهانات واللوم الذي لا ينتهي. احسست بامي تقاوم الحزن والاسى وشيعتني إلى غرفتي قبل ان اتزوج فرأيتها تُركت كما هي وقالت بدموع الحسرة والألم... كلنا نتوقع عودتك ثانية ماذا جنيت من العناد والمكابرة! ها انت مطلقة تائهة ضائعة كنت كظم غيظي واغالب الدموع واحسست بامي ايضا تئن وبألم صامت ثم اخذت تواسيني محاولة لملمة الجراح وادركت بان راحتي قد فقدت وللابد. وهذا مصير أية مطلقة من مجتمع يرى الطلاق جريمة تتحمل تبعاتها المرأة وحدها إذ تواجه مستقبلا مظلما مجهولا وحياة فقدت ملامحها.

أما الآباء فلا هم لهم بعد الطلاق إلا المجادلة الناجمة عن خيبة الامل والحزن الدفين لضياع بناتهن بالطلاق. والتحدث عن حقها في الأثاث وفي مؤخر الصداق ونفقة العدة ومبالغ طائلة وقضايا كثيرة من هذا القبيل وتوكيل هذا المحامي ورفض ذاك... دوامة لا تنتهي ولكن حقها في الكرامة والحياة قد اهدره زوجها مرة ويهدره اهلها الف مرة... سرعان ما تحولت إلى خادمة نعم اعامل في بيت والديّ من قبل اخوتي الذكور كالخادمة اوامر لا تنتهي ونظرات تخترق الوجدان واهانات. لا مبرر لها غير اني مطلقة. الكل يحاسبني ويتحكم في تصرفاتي ويحاكمني ويحكم عليّ لانني مطلقة ويجب عليّ ان اصمد واتحمل مرارة الحاجة والعيش واتحمل تشنيع زوجي واقاويله الكاذبة عني وابقى في نظر الجميع المرأة الخائنة التي لم ترع حقوق الزوجية... البعض يئن ويرثي لحالي بين مكذب ومصدق والبعض الآخر يصدق عليّ اتهاماته الباطلة والبعض يبدي إليّ في ايحاء خفي انني فقدت الكثير من اعتباري وكرامتي وهذا ما اقرأه في عيون كل من حولي تذكرت صديقة عمري بعد ان اطبق على انفاسي الشعور بالوحدة والعزلة... وتجاهلت عدم سؤالها عني طوال الفترة السابقة وحاولت مخادعة نفسي بانني سألقى عندها الود والمواساة والترحيب ولكن حدث ما كنت اخشاه لقد تغيرت قسمات وجهها وارتبكت وقابلتني بفتور وهي تنظر إلى زوجها مشيرة إليه بالانصراف وفهمت كل شيء انها تخاف من هذه المطلقة على زوجها وكأن المطلقة لا تصلح الا خاطفة للرجال وهكذا بدأ طريق آخر من التعاسة والشقاء.

ثم نظرت إليّ قائلة: بربك يا سيدتي هل هذا المصير المظلم ينتظر كل المطلقات؟! لا يا عزيزتي ستهدأ العاصفة وتُنسى قصتك مع الزمن وتهبط إلى قاع الذاكرة والحياة امامك واصلي دراستك وقفي صامدة في وجه الرذائل والاقاويل ودعي ما كان خلفك واعيدي تأهيل نفسك اجتماعيا وأسريا فالحياة امامك

العدد 325 - الأحد 27 يوليو 2003م الموافق 28 جمادى الأولى 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً