العدد 325 - الأحد 27 يوليو 2003م الموافق 28 جمادى الأولى 1424هـ

عشر أكاذيب تدحض مزاعم واشنطن ولندن

سمير عواد comments [at] alwasatnews.com

صحت المعارضة في واشنطن من سباتها العميق ويطالب الحزب الديمقراطي الرئيس جورج بوش من الحزب الجمهوري الإجابة عن الأسئلة المطروحة كافة بشأن استخدامه معلومات ملفقة تزعم أن العراق يملك أسلحة الدمار الشامل وأنه كان على وشك استعمالها قبل اندلاع حرب الخليج الثالثة، لغرض الحصول على تأييدهم للحرب. لأول مرة اضطرت وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه» إلى أن تعترف بأن بوش ضمّن معلومات ملفقة في خطابه الموجه إلى الشعب في يناير/ كانون الثاني الماضي لتضليل الرأي العام. في بريطانيا تم تشكيل لجنة لتقصي الحقائق لمعرفة ما إذا سعى رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير إلى الضغط على الاستخبارات البريطانية مثلما فعل نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني الذي قام قبل اندلاع الحرب بزيارات متكررة للانغلي قرب واشنطن، مقر الـ «سي آي إيه»، لمناقشة حجج واهية تبرر الحرب.

العالم غيّر نظرته في القيادتين السياسيتين في واشنطن ولندن واهتز تحالف الدول التي شاركت في حرب قامت على أساس مجموعة من الأكاذيب، هذه أبرز عشر أكاذيب منها:

1- كذبة «القاعدة»

زعم ريتشارد بيرلي أبرز مستشاري وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن موظف الاستخبارات العراقية أحمد العاني اجتمع خلال شهر أبريل/ نيسان العام 2001 في العاصمة التشيكية براغ مع محمد عطا الذي تقول الولايات المتحدة إنه تزعم ما يعرف باسم «خلية هامبورغ» التي خططت في ألمانيا لهجوم الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول وقاد أول طائرة مختطفة ارتطمت بمركز التجارة العالمي. هدف أميركا كان الكشف عن وجود صلة بين العراق ومنظمة «القاعدة» تلاشت في شهر يوليو/ تموز 2003 ولم يثبت وجود صلة بين العراق و«القاعدة».

ففي خريف العام 2002 بعث الرئيس التشيكي فاكلاف هافل رسالة سرية إلى واشنطن أطلعها فيها على عدم صحة المزاعم التي ذكرت بأن العاني اجتمع في براغ مع محمد عطا. بتاريخ الثاني من يوليو 2003 استجوبت القوات الاميركية العاني بعد اعتقاله في بغداد ونفى صحة المزاعم. كما اتهم الاميركيون المدعو أبومصعب الزرقاوي عضو «القاعدة» وزعيم حركة «التوحيد» بعقد محادثات في بغداد خلال الأزمة العراقية للسماح لـ «القاعدة» بإقامة معسكر في العراق. المخابرات الألمانية كذبت هذه المزاعم لأنها تقوم منذ وقت بمراقبة الزرقاوي ولم يتبين لها أنه زار العراق أو أجرى محادثات مع مسئولين عراقيين.

2- كذبة النيجر

في خطابه الموجه إلى الشعب بتاريخ 28 يناير 2003 قال الرئيس بوش إن العراق قام بشراء كميات من اليورانيوم من النيجر لاستخدامها في إنتاج أسلحة الدمار الشامل. هذه المرة أعلن بوش بوضوح أن هذه المعلومات قدمتها تقارير الاستخبارات البريطانية. في يوليو 2003 تبين لخبراء الـ «سي آي إيه» أنه سبق وأن اعتبروا هذه المعلومات غير صحيحة وذلك قبل عام. بتاريخ 7 مارس/ آذار الماضي قال محمد البرادعي المدير العام للمنظمة الدولية للطاقة الذرية في فيينا إن هذه المعلومات ملفقة ورفض اعتبارها وثائق دامغة ضد العراق. في التاسع من يوليو اعترفت الإدارة الاميركية لأول مرة بأنها في سياق الاتهامات ضد صدام حسين، بنت موقفها على معلومات غير صحيحة.

3- كذبة الـ 45 دقيقة

في خطابه أمام مجلس العموم البريطاني بتاريخ 24 سبتمبر 2002 اتهم رئيس الوزراء البريطاني بلير النظام العراقي بالقيام بإنتاج أسلحة الدمار الشامل. وقال إن الرئيس العراقي أمر بتجهيز الأسلحة الكيماوية والبيولوجية لتكون على أهبة الاستعداد خلال الـ 45 دقيقة المقبلة. بنى بلير موقفه على مضمون تقرير للاستخبارات البريطانية. تبين في شهر يوليو 2003 أن موظفا في الاستخبارات الاميركية سرب معلومات إلى هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» قال فيها إن كذبة الـ 45 دقيقة صدرت من جانب موظفي الحكومة البريطانية وليس من بيانات الاستخبارات البريطانية. واعترف وزير الدولة في وزارة الدفاع البريطانية آدم إنغرام أن هذه المعلومة صدرت عن مصدر واحد ليس بإمكانه التعرف على هويته. تبين لاحقا أن الشخص الذي قدم المعلومات المناهضة لمزاعم بلير هو ديفيد كيلي المفتش البريطاني الذي عمل في مهمات التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل في العراق والذي وجد ميتا بالقرب من منزله، ما تسببت وفاته بوضع أكثر من سؤال بشأن حقيقة ما يجري وراء الكواليس وزادت هذه الوفاة من مشكلات رئيس الوزراء البريطاني.

4- كذبة أسلحة الدمار الشامل

أعلن الرئيس بوش في خطاب له بتاريخ 19 يناير 2001 عند تسلمه السلطة في البيت الأبيض أن العراق يملك أسلحة الدمار الشامل. منذ ذلك الوقت بدأت حملة متواصلة لتكرار هذا الاتهام وتأكيده واستخدامه حجة لشن حرب على العراق. في يوليو 2003 تبين أن المفتشين الدوليين تحت قيادة رئيسهم السويدي هانز بليكس الذين مشطوا العراق قبل اندلاع الحرب وفريق مؤلف من 1400 رجل تحت قيادة الجنرال الاميركي كيث دايتون الذي تولى بعد الحرب عمل المفتشين الدوليين أملا في الكشف عن ضعف الأمم المتحدة، لم يعثروا على أثر للأسلحة المزعومة أو دليل على أن العراق كان يعمل في إنتاج هذه الأسلحة.

5- كذبة الأسلحة البيولوجية

أعلن وزير خارجية الولايات المتحدة كولن باول بتاريخ 5 فبراير/شباط 2003 أمام مجلس الأمن الدولي أن صدام حسين أمر بإجراء بحوث على عدد من أنواع الأسلحة الجرثومية التي تنشر الأمراض المعدية القاتلة مثل الكوليرا والجدري والحمى الصفراء والتيفوئيد، وراح باول يلوح بأنبوب صغير أمام الكاميرا. في يوليو 2003 تبين أن باول رمى غاضبا ورق الخطاب حين راح يطالعه وقال: «إنني لن أقول هذا الهراء». على رغم هذا قام بقراءة الخطاب حرفيا كما أوصاه بذلك نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني. لا أحد من المفتشين الدوليين عثر داخل العراق على أسلحة بيولوجية أو ما يشير إلى أن العراق كان بصدد إنتاجها.

6- كذبة المدى البعيد للصواريخ العراقية

نص قرار الأمم المتحدة رقم 687 الصادر بعد نهاية حرب الخليج الثانية العام 1991 على أن يلتزم العراق بألا يزيد مدى صواريخه على مسافة 150 كيلومترا. في يناير 2002 قدم الاميركيون نتائج تحقيقات قامت بها «سي آي إيه» جاء فيها أن العراق يعتزم استخدام خبرته في تطوير صواريخ سكود في إنتاج صاروخ الحسين ليبلغ مداه 650 كيلومترا وصاروخ العباس (900 كيلومتر).

وصدر تقرير عن الاستخبارات البريطانية في سبتمبر 2002 يكرر هذه المزاعم. تبين في يوليو 2003 أن المفتشين الدوليين قاموا قبل الحرب باكتشاف أن مدى صواريخ «الصمود» يزيد على 150 ويبلغ مدى 200 كيلومتر ما دفعهم إلى تنبيه العراق إلى أن هذا مخالف لقرار الأمم المتحدة رقم 687 وعلى هذا الأساس قام العراق باتلاف هذه الصواريخ وحتى اليوم لم يعثر مفتشو الأمم المتحدة أو الاميركيون على الصواريخ بعيدة المدى المزعومة.

7- كذبة القنابل الانشطارية

زعمت وزارة الدفاع الأميركية قبل اندلاع الحرب أن نسبة 80 في المئة من القنابل التي ستستخدم في الحرب من النوع الذي يصيب الأهداف بدقة لهدف حماية المدنيين وتجنيبهم ويلات الحرب.

تبين في يوليو 2003 أنه وفقا لبيانات سلاح الجو الاميركي فإن نصف عدد القنابل التي استخدمت من النوع التي تصيب أهدافها بدقة لكن نسبة الدقة مشكوك في أمرها لعدم تحقق جهة مستقلة من صحة مزاعم العسكريين الاميركيين. اعترفت وزارة الدفاع الاميركية بعد الحرب بأنه تم استخدام 1500 قنبلة انشطارية على العراق كما رمى سلاح الجو البريطاني ألفي قنبلة انشطارية على البصرة والمناطق المحيطة بها. وفقا لبيانات منظمة العفو الدولية هناك تسعة آلاف قنبلة لم تنفجر، متناثرة في أنحاء العراق تشكل خطرا كبيرا ودائما على المدنيين وخصوصا الأطفال.

8- كذبة الجندية جيسيكا لينش

في 4 أبريل الماضي نشرت صحيفة «واشنطن بوست» تقريرا عن الجندية الأميركية جيسيكا لينش البالغة 19 عاما من العمر وقالت إن الجندية الشابة قاومت الجنود العراقيين قبل وقوعها في الأسر حتى نفدت ذخيرتها وبعد أن أصيبت بعدد من الرصاصات نقلت إلى مستشفى في الناصرية حيث تعرضت هناك للتعذيب.

وذكرت الصحيفة أن فرقة خاصة تابعة للمشاة قامت بتحرير الجندية من الأسر في عملية إنقاذ جريئة وقامت وزارة الدفاع بتسليم وسائل الإعلام شريط فيديو يوضح الطريقة التي تمت فيها عملية الإنقاذ وكيف نفذها الجنود الاميركيون تحت وابل من النيران.

تبين في يوليو 2003 أن الضجة التي أثيرت بشأن شخص الجندية لينش قامت على أساس بيانات خاطئة. فقد أصيبت الجندية بجروح نتيجة اصطدام عربة كانت تقلها بعربة أخرى تابعة للجيش الأميركي.

ولأن فئة دم جيسيكا لينينش من النوع النادر(فئة ب) تم نقلها إلى مستشفى الناصرية إذ تبرعت لها أسرة الطبيب سعد عبدالرزاق بالدم وحاول موظفو المستشفى مرارا الاتصال بفرقتها لتسلم المريضة لكن الجنود فتحوا النار حين اقتربت عربة الإسعاف من موقعهم.

ثم قامت وحدة تابعة للجيش الاميركي باقتحام المستشفى الذي لم يكن يوجد فيه جنود عراقيون ولم يتعرضوا لأية مواجهة وقاموا بتصوير القصة إذ تم إحضار مصور خاص من هوليوود سبق وأن عمل في تصوير فيلم حربي تحت إشراف المخرج ريدلي سكوت، لغرض استخدام صور الفيلم في فيلم يتحدث عن بطولة الجندية جيسيكا لينش.

9- كذبة المخبأ

أعلن وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد بتاريخ 20 مارس الماضي نجاح عملية تدمير مخبأ في مدينة بغداد يعتقد أن صدام وولديه كانوا بداخله. تبين في يوليو 2003 أن الـ «سي آي إيه» والعقيد في الجيش الأميركي تيم مادير عاينوا موقع سقوط قنبلة زنتها تسعمئة كيلوغرام في حي المنصور. أبلغ مادير محطة التلفزة الأميركية «سي بي أس» أنه لم يكن هناك مخبأ في هذا الموقع كما لم يحصل المرء على بقايا أشلاء بشرية.

10- كذبة التماثيل

هاجم العراقيون بتاريخ التاسع من أبريل تمثالا لصدام حسين في ساحة الفردوس وانتشرت صور سقوط التمثال في أنحاء العالم وتحدث المعلقون عن الفرح الذي كان يعم نفوس المواطنين العراقيين وشعورهم بالحرية، وشبّه وزير الدفاع الاميركي هذا الحدث بانهيار جدار برلين. تبين في يوليو 2003 أن هذا العمل من تنظيم وإعداد الجنود الاميركيين.

وقد شارك مئة عراقي على الأكثر في الإطاحة بتمثال صدام وكانت ساحة الفردوس في هذا الوقت خالية وكان عدد الصحافيين يزيد كثيرا على عدد العراقيين الذين سرت بينهم شائعة بالحصول على مكافأة مالية لمن يشارك في إسقاط التمثال ويهتف مرحبا بقدوم الجنود الأميركيين

العدد 325 - الأحد 27 يوليو 2003م الموافق 28 جمادى الأولى 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً