العدد 327 - الثلثاء 29 يوليو 2003م الموافق 30 جمادى الأولى 1424هـ

العراق: الاحتلال والمقاومة

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

كل يوم تتسع دائرة المقاومة في العراق. فهي بدأت في مناطق محددة في وسط بلاد الرافدين ومحيط بغداد وانتشرت كبقعة الزيت شمالا وجنوبا. وتشير المعلومات إلى حصول أكثر من 12 عملية يوميا يذاع عن بعضها وتهمل الاخرى.

إلى اتساع وتصاعد العمليات هناك تقدم في نوعيتها. فبعد ان كانت في معظمها عفوية وعشوائية أخذت المقاومة تتنظم في مجموعات منعزلة ومنفصلة، الامر الذي يدل على أن هناك أكثر من جهة تقف وراء تلك الهجمات. واذا استمر الحال على ما هو عليه الآن يرجح المراقبون ان ترتفع كمية العمليات وتتسع جغرافيا وتتحسن تنظيميا.

فكل يوم يمر هو أفضل للمقاومة وأسوأ للاحتلال، خصوصا وان سياسة الولايات المتحدة ليست واضحة حتى الآن، فهي تبرر احتلالها بسلسلة اكاذيب وتتذرع لاستمرار وجودها بسلسلة اخرى من الاكاذيب. وسياسة الكذب هي عادة قصيرة فقد تخدع لمدة اسابيع وربما أشهر ولكنها لا تستطيع الخداع إلى الأبد.

الولايات المتحدة حتى الآن لم تقل الحقيقة ولم تعلن اهدافها المحددة من وراء افتعال هذه الحرب والعدوان على بلد عربي مستقل من دون الرجوع إلى الأمم المتحدة، وبالضد من كل دول العالم التي تحترم نفسها ومسئولياتها امام المستقبل.

حتى الآن تتجاهل الولايات المتحدة ذكر الاسباب الحقيقية التي دفعت واشنطن إلى اتخاذ هذا القرار الطائش والمغامرة بسمعتها الدولية وعلاقاتها مع الاتحاد الاوروبي وغيرها من الدول صاحبة المصلحة في اقامة نظام دولي جديد يحترم توازن المصالح ويرى ان العالم يتجه نحو المزيد من التقارب.

اميركا حتى الآن تخترع الكذب لتبرير عدوانها، من «اسلحة الدمار الشامل» الى «صفقة يورانيوم النيجر» إلى وجود شبكة ارهابية لتنظيم «القاعدة»، وغيرها من اختلاقات تبين ألا صلة لها بأمر الواقع وانها كلها مجرد ذرائع وهمية لتبرير الاحتلال.

بعد الحرب وهزيمة النظام المستبد حاولت واشنطن الاستفادة من سلبيات الدكتاتورية وحكم العائلة (العشيرة) الواحدة للقول ان هناك ما يبرر عملها، فهي حررت الشعب من الاستبداد وكشفت عن مقابر جماعية وأطلقت حرية التعبير والرأي وتخطط لقيام حكومة ديمقراطية منتخبة. فالاحتلال تجاوز الاسباب أو تجاهل عوامل الحرب ليتحدث عن ايجابيات العدوان وهذا ما حاول طوني بلير تبريره في خطابه امام الكونغرس الاميركي حين قال «ان التاريخ سيغفر لنا». وصفق له اعضاء الكونغرس 12 مرة في خطاب لم تتجاوز مدته 32 دقيقة.

التصفيق الاميركي للخطاب البريطاني يكشف عن نقاط ضعف في سياسة واشنطن وحاجتها إلى حليف من وراء المحيط يبرر فعلتها التي يبدو انها اخذت تنكشف دوافعها الحقيقية.

حتى الآن لم تذكر الولايات المتحدة العوامل التي أملت على ادارة البيت الابيض اتخاذ قرار الحرب وتهديد الأمن الاقليمي بسلسلة مواجهات في حال لم تتجاوب الدول العربية والاسلامية، وتحديدا الدول المجاورة للعراق، مع الاستراتيجية الهجومية التي يعتنقها اشرار«البنتاغون»، إلا ان تذرع واشنطن بالنتائج الايجابية لا يغفر العدوان ولا يبرره. فمن يكذب في الاسباب يكذب في النتائج. وكذلك يكذب في الصاق التهم جزافا ضد المقاومة العراقية. فالاحتلال يشير كل يوم إلى جهة مختلفة عن الاخرى ويتهمها بأنها تقف وراء العمليات التي تتسع جغرافيا وتزداد نوعيا. واتهام جهات مختلفة بأنها وراء المقاومة يؤكد من جديد ان اهداف الولايات المتحدة كبيرة ولا تقتصر على العراق وحدوده الجغرافية والدولية. وهذه هي الحقيقة التي لا تريد اميركا قولها

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 327 - الثلثاء 29 يوليو 2003م الموافق 30 جمادى الأولى 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً